الناخب الأمريكي والملل من العراق

 

 

اهتمام متضائل بالعراق في انتخابات أيوا

ظلت الحرب في العراق الشغل الشاغل للناخبين الامريكيين، ولكن فقط لبضعة اشهر خلت وقال جون زغبي الذي يدير مركزا لاستطلاعات الرأي "منذ نهاية اغسطس، نشهد ما اسميه مللا من العراق. ليس لانه موضوع غير مهم ولكن لان الناخبين ما عادوا يعلمون متى ستنتهي هذه الحرب" لكن هذا لا يعني ان المرشحين اسقطوا موضوع السياسة الخارجية من حساباتهم. فالديمقراطي جو بيدن Joe Biden الذي يترأس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ والذي لا يحتل موقعا متقدما في الاستطلاعات، تساءل في مناظرة تلفزيونية مع منافسيه الديمقراطيين "من يستطيع بيننا ان يدرك ما ينبغي القيام به في باكستان" ويؤكد جميع المرشحين الديمقراطيين نيتهم وضع حد للحرب في العراق، لكنهم يبدون حذرا حين يسألون عن جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من هذا البلد.

اما في المعسكر الجمهوري، وباستثناء رون بول المناهض للحرب في العراق والذي يطالب بفك ارتباط امريكي على الساحة الدولية، فيظهر جميع المتسابقين الى البيت الابيض خطابا متشددا ويؤكدون ان اي انسحاب امريكي من العراق لن يكون ممكنا قبل تحقيق انتصار هناك وكتب رودولف جولياني Rudy Giuliani المرشح الجمهوري الاوفر حظا في عدد الأخير لمجلة Foreign Affairsخصص للسياسة الخارجية في برامج المرشحين للرئاسة، "ننتمي جميعا الى جيل 11 سبتمبر"، معتبرا ان الواجب الاول للرئيس الامريكي يكمن في الدفاع عن امريكا في وجه "الفاشية الاسلامية المتطرفة" وفيما يتعلق بالملف الايراني، أعرب المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون عن أملهم الا تتمكن طهران من امتلاك السلاح النووي. ويشدد معظمهم على وجوب ان تبقى كل الخيارات مفتوحة، بما فيها الخيار العسكري والحوار وهذا الامر ينطبق خصوصا على الذي ايد رغم ذلك، في حال انتخابه، اجراء حوار مباشر مع المسؤولين الايرانيين (والكوريين الشماليين). وبالنسبة الى الشرق الاوسط، تتجاوز القواسم المشتركة بين المرشحين نقاط الاختلاف.

من جهة اخرى، حرص جميع المرشحين على الاستعانة بمستشارين من اصحاب الخبرة ، فهيلاري كلينتون اختارت مادلين اولبرايت Madeline Albright وزيرة الخارجية السابقة في ادارة زوجها بيل كلينتون، فيما وقع اختيار جولياني على تشارلز هيل Charles Hill المساعد السابق لوزير الخارجية جورج شولتز George Schultz في عهد الرئيس الراحل رونالد ريجان Ronald Reagan ومع بدء العد التنازلي للانتخابات التمهيدية الرئاسية في ولاية أيوا Iowa الريفية في 3 يناير، انحرفت الحملة الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين إلي التراشق وتبادل الاتهامات بين المرشحين، كانت نتيجته تراجع المرشحة الأوفر هيلاري كلينتون Hillary Clinton في حين كانت حملة المرشحين الجمهوريين شبه هادئة بإستثناء مفاجأة المرشح القس المعمداني مايك هوكابي الذي حقق فقزة هائلة في أيوا.

مفاجآت استطلاعات الرأي

أظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته في ولاية أيوا Iowa محطة "أيه بي سي" الأمريكية بالإشتراك مع صحيفة "واشنطن بوست "عن تقدم السناتور الديمقراطي باراك أوباما Barack Obama على منافسيه كلينتون وجون إدواردز John Edwards، حيث حصل أوباما علي 33% من أصوات من أكدوا أنهم سيتوجهون إلى الاقتراع في أيوا Iowa مقابل 29 % لمنافسته كلينتون، بينما حصل السناتور السابق جون إدواردز علي 20 % من الأصوات، ولم يتجاوز التأييد لباقي المتسابقين الرقم الواحد وتكاد تقترب هذه النتائج من الأرقام التي أظهرها استطلاع أجري منذ شهر حيث بين تقدم أوباما بنسبة 30 % وتلته كلينتون بـ 26 % وإدواردز بـ 22 %. وتقضي لوائح الانتخابات التمهيدية لدى الحزب الديمقراطي في ولاية أيوا Iowa بخروج أي متنافس يحصل في الجولة الأولى من هذه الانتخابات على أقل من 15 % ويستمر الاقتراع بدونه وفي هذه الحالة فإن خمس مؤيدي المتنافسين الذين لم يحصلوا في الاستطلاعات إلا على رقم واحد أبدوا استعدادهم للتصويت لأوباما كخيار ثاني وبديل في حالة عدم نجاح مرشحيهم المفضلين في تجاوز الجولة الأولى.

وبدورها قللت كلينتون من أهمية تراجع شعبيتها في ولاية أيوا Iowa ، وقالت كلينتون لشبكة تليفزيون "ان بي سي" إنها عانت مواقف مماثلة في السابق ومن ثم فإنها لا تعطي بالا لنتائج الاستطلاعات يوما بيوم بل إنها تنظر إلى توجهات الناخبين بشكل عام معتبرة إن حملتها الانتخابية تشهد زخما كبيرا في الوقت الراهن وأكدت إنها ستسعى إلى فرض التغيير في الولايات المتحدة حال فوزها بالرئاسة معتبرة إنها المرشحة الوحيدة القادرة على تحقيق هذا وليس فقط "تمني التغيير أو الرغبة فيه" وشهدت الحملة الانتخابية في أيوا Iowa تبادل اتهامات بين المرشحين الديمقراطيين، فقد استدعى فريق حملة كلينتون 3 برلمانيين من أعضاء الكونجرس لانتقاد اوباما وقال احد هؤلاء البرلمانيين ان "أوباما يقول انه سيكافح من اجل قناعاته لكن لتحقيق ذلك، يجب ان تكون لديه قناعات في الاساس" واضاف "للنضال من اجل قناعات ومن أجل الأمريكيين ومن اجل قيم الحزب الديمقراطي، يجب على الأقل القيام بالخطوة الأولى أي التعبير عن هذه القناعات" وأشار إلى مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" متهما اوباما بالامتناع عن التصويت 130 مرة في 8 أعوام من ولايته في مجلس الشيوخ عن ولاية الينوي Illinois.

هيلاري وأوباما...معركة تكسير عظم

من جانبه اعتبر اوباما، أن تجربته مع المخدرات وهو مراهق لا علاقة لها بقدرته على تولى الرئاسة وقال "لا اعتقد أن المواطن الامريكي العادي يمكن أن يصدق أن ما فعله شخص أثناء مراهقته منذ 30 عاما يمكن أن يكون له اي تأثير على قدرته على تولي القيادة العامة للجيش ورئاسة الولايات المتحدة" وكان اوباما أقر منذ فترة بأنه تعاطى بعض انواع الحشيش في فترة المراهقة، وعزا ذلك الى حالة التمزق الاسري التي عاشها وبحثه عن هويته. وانفصال والده الكيني عن والدته الامريكية البيضاء من هاواي وهو لم يتجاوز السنتين من العمر. وآخر مرة رأى فيها اوباما والده كان في العام 1971 عاد بعدها الاب الى كينيا وتزوج مرة ثانية وتوفي هناك في العام 1982 في حادث سير وجاءت اعترافات اوباما في كتاب كتبه قبل ان يترشح للرئاسة وصدر بعنوان "احلام من حياة أبي".

وعقب اطلاق مسئولو حملة هيلاري لتصريحاتههم، قال منظمو حملة اوباما ان "إن هذا النوع من الانتقادات اصبح اسلوب فريق هيلاري كيلنتون بعد تراجع شعبيتها". وفي وقت لاحق اضطرت هيلاري للاعتذار شخصياً الى اوباما وذلك قبل مشاركتهما في مناظرة تلفزيونية في ايوا وكان اثنان من المتطوعين في حملة كيلنتون في ولاية أيوا Iowa استقالا بعد ان وزعا رسائل بريد الكترونية حول الجوانب الدينية في حياة اوباما واثيرت هذه المسألة اكثر من مرة بسبب ديانة والده، الذي كان مسلماً، واسمه الثلاثي باراك حسين اوباما. علي الرغم من تردد أوباما مع عائلته علي كنيسة بروتستانتنية في شيكاغو حيث تم تنصيره وهو بالغ.

اما المرشح جون ادواردز، فقد اشتكى ايضا من انه ضحية معسكر كلينتون التي اتهمها بتوزيع منشورات معادية جدا لاوباما موقعة زورا من قبل فريق ادواردز وقالت جنيفر اومالي ديللن مديرة حملة ادواردز في ولاية أيوا Iowa "منذ اسابيع شهدنا الكثير من التكتيكات الخادعة والافخاخ. لم نر امرا كهذا من قبل"، ورد ادواردز شخصيا على كلينتون قائلا انها استهدفته شخصيا بحديثها للناخبين عن "الذين يتحدثون عن الفقر" بينما عملت هي شخصيا ضد الفقر عندما كانت سيدة اولى وقال ادواردز لشبكة السي ان ان "نرحب بكلينتون في المناقشات حول الفقر"، داعيا هيلاري كلينتون الى تبني مقترحاته.

السباق الجمهوري...هدوء متوقع

أما علي صعيد الحزب الجمهوري، فقد ساد الهدوء آخر مناظرة بين المرشحين الجمهوريين الأسبوع قبل الماضي اذ حرص خصوم مايك هوكابي المرشح الاوفر حظا في هذه الولاية على تجنب اي هجوم مباشر. وكان هوكابي المبشر المعمداني وحاكم ولاية اركانساس سابقا، يخشى الاسوأ ولا سيما بعد مناظرة جمهورية سابقة كانت بالغة الحدة الشهر الماضي. افاد استطلاع للرأي أجراه معهد معهد زوغبي أن هوكابي حصل على 22% من اصوات الناخبين على المستوى الوطني اي محققا قفزة بنسبة 18% خلال شهر ونتيجة لذلك، يتصدر هوكابي اليوم استطلاعات الرأي المحلية في أيوا Iowa فيما يهدد بشكل متزايد المرشح الاوفر حظا على جميع الولايات الوطني رودولف جولياني عمدة نيويورك السابق الذي اهمل حتى الان ناخبي هذه الولاية الريفية.

جاء ذلك فيما قرر المرشح الجمهوري توم تانكريدو Tom Tancredo سحب ترشيحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي ستجري العام المقبل، معلنا دعمه للمرشح ميت رومني Mitt Romney الحاكم السابق لولاية ماساشوسيتس ويعتبر تانكريدو البالغ من العمر 61 عاما، من المعادين للهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، وكان قد دعا سابقا إلى قصف مكة المكرمة والمدينة المنورة ردا على اعتداءات 11 سبتمبر.

وقال تانكريدو النائب في الكونجرس الأمريكي عن ولاية كولورادو في مدينة دِيمُويْن في ولاية أيوا Iowa "إن لديه شعورا بأنه حقق هدفه خلال حملته الانتخابية من خلال التزام معظم المرشحين الجمهوريين إلى البيت الأبيض تقريبا، بخطة للهجرة قائمة على أساس الدفاع عن حدود الولايات المتحدة واحترام قوانينها المتعلقة بالهجرة وفي استطلاع للرأي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، حصل تانكريدو على 1 % من تأييد الناخبين محتلا بذلك المرتبة الثامنة والأخيرة بين مرشحي الحزب الجمهوري وهو بذلك يلتحق بجيمس جيلمور Jim Gilmore حاكم ولاية فيرجينيا السابق الذي كان أول مرشح ينسحب من سباق الفوز ببطاقة الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة واحتلت السياسة الخارجية مرتبة متأخرة في سلم أولويات المرشحين من كلا الحزبين في أيوا فخلال المناظرات التلفزيونية لم يشر المرشحون الديموقراطيون والجمهوريون الى السياسة الخارجية نادرا وقال بيل ريتشاردسون Bill Richardson السفير الامريكي السابق في الامم المتحدة واحد المرشحين الديمقراطيين الثمانية "بطريقة او باخرى، أصبحت الحرب العراق لا تشكل الموضوع الرئيسي الاكثر اهمية في بلادنا".

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:taqrir