الأيكونوميست: رغم كل الإخفاقات أمريكا ما تزال رقم 1

 

يحيى عبد المبدي

 

 

رغم الإخفاقات التي صاحبت حرب أمريكا في العراق، ورغم التنافس الاقتصادي الشرس من جانب الصين، ورغم تفوق دبلوماسية أوربا على الدبلوماسية الأمريكية في الشئون الدولية، ورغم ضياع النفوذ الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، ورغم محاولات روسيا لإعادة أجواء الحرب الباردة، فإن الولايات المتحدة ما تزال القوة العالمية رقم واحد على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية كما جاء في تقرير مطول لمجلة أيكونوميست في طبعتها الأمريكية في نهاية يونيه 2007.

الفشل في العراق

تبدو الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة لمعظم شعوب العالم ولكثير من الأمريكيين أنفسهم باعتبارها إمبراطورية جريحة. ومعظم الأمريكيين يرغبون في خروج قواتهم من العراق بين عشية وضحاها.

فبعد ما يقرب من مرور ست سنوات على هجمات 11 سبتمبر، يساور الأمريكيون القلق حول مستقبل بلادهم السياسي والعسكري بوصفها القوة الأولى في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، خاصة في ظل الحالة النفسية السيئة التي تنتاب أفراد  القوات العسكرية  التي يوجد  منها اليوم  25  فرقة عسكرية في ميادين المعارك بزيادة 8 فرق عن العدد المفترض. ومع ذلك يتم استدعاء قوات إضافية من الحرس الوطني والقوات الاحتياطية مع إطالة فترة خدمة الجنود.

تحديات خطيرة

الخطر الاستراتيجي الأكبر الذي يزعج معظم الأمريكيين هو التحدي الاقتصادي الصيني المتصاعد، فالاقتصاد الصيني مرشح بقوة لأن يصبح الاقتصاد الأول في العالم على الأقل من حيث وصفه كقوة إنتاجية. يبدو أن التحدي والتنافس الكبيرين سوف يكون مع الصين، التي يزداد حجم منافستها للاقتصاد الأمريكي يوما بعد يوم سواء بشراء الشركات والمصانع الأمريكية، أو بانتزاع الميداليات الأولمبية من بين أيدي الأمريكيين، أو بإطلاق صواريخ وأقمار إلى الفضاء. تنافس الصين للولايات المتحدة سوف يتجاوز الاقتصاد إلى النفوذ السياسي في منطقة جنوب وشرق آسيا ولكن دون أن تفقد الولايات المتحدة نفوذها في هذه المنطقة.   

بالإضافة إلى التحدي الصيني للولايات المتحدة بوصفها القوة الأولى في العالم هناك تحديات أخرى كثيرة في مقدمتها عودة أجواء التنافس العسكري مع روسيا ، وخداع كوريا الشمالية في مفاوضات التخلص من برنامجها النووي، والطموح النووي الإيراني ، وتراجع حلفاء واشنطن عن دعمها في الحرب على الإرهاب، وفشل مشاريع واشنطن لنشر الديمقراطية في بلدان الشرق الأوسط، وقيادة هوجو شافيز لمقاومة يسارية ضد نفوذ الولايات المتحدة الرأسمالي في باحتها الخلفية.

ليس التحديات الجيوسياسة التي تهدد تقدم الولايات المتحدة على دول العالم، ولكن يخشى رجال المال والأعمال الأمريكيون من تحول مركز الاقتصاد العالمي من وول ستريت إلى مركز اقتصادية أخرى حول العالم، ذلك بالإضافة تحديات داخلية أخرى مثل قضية الهجرة الشرعية ، والتغييرات المناخية وقضايا البيئة.

أمريكا رقم 1

على الرغم من كل التحديات التي تواجه الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بالصين، فإن إلقاء نظرة على بعض الإحصاءات والأرقام حول قدرات الولايات المتحدة العسكرية والاقتصادية. فعلى مستوى القدرات العسكرية بشكل عام تمتلك الولايات المتحدة ثاني أكبر جيش على مستوى العالم، إذ يبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الأمريكية 1.5 مليون فرد، في مقابل 2.3 مليون فرد  للجيش الصيني، ثم يأتي الجيش الهندي ثالثا في الترتيب بعدد 1.3 مليون فرد ، وروسيا تأتي في المركز الخامس بمليون فرد.

الولايات المتحدة تمتلك 5 آلاف و163 رأسا نوويا لتحل في المرتبة الثانية عالميا بعد روسيا التي تملك 5 ألاف و830 رأسا نوويا. وتأتي الصين في المرتبة الثالثة عالميا بامتلاكها 400 رأس نووي، ثم فرنسا بامتلاكها 350 رأسا نووية ، فيما تحل المملكة المتحدة خامسا بعدد 200 رأس نووي.

الولايات المتحدة تحتل المركز الأول في امتلاك حاملات الطائرات ، حيث تملك 12 حاملة طائرات ، في الوقت الذي لا تملك بقية دول العالم مجتمعة هذا العدد، فلمملكة المتحدة التي تليها في الترتيب لا تلك سوى 3 حاملات ، وفرنسا تملك حاملتين ، وتملك كل من الهند وروسيا حاملة طائرات واحدة.

أما على مستوى معدلات الإنفاق العسكري، فإن الولايات المتحدة تتقدم دول العالم بلا منافسة حقيقية، حيث أنفقت الولايات المتحدة طبقا لميزانية عام 2006 بنسبة 45.7% من أجمالي الإنفاق العالمي  البالغ 1.2 تريليون دولار، المملكة المتحدة تأتي وراء الولايات المتحدة بإجمالي إنفاق سنوي تبلغ نسبته 5.1% ، ثم فرنسا بإجمالي 4.6%، فالصين 4.3% .

تقف الولايات المتحدة على قائمة دول العالم من حيث أجمالي الدخل القومي، فطبقا لإحصاء عام 2006 ، بلغت نسبة إجمالي الدخل القومي الأمريكي27.5%، وذلك من إجمالي الدخل العالمي البالغ 48.2 تريليون دولار، فيما احتلت اليابان المرتبة الثانية بنسبة 9.1 % ، ثم ألمانيا في المرتبة الثالثة بإجمالي 6% ، ثم الصين بإجمالي 5.5 %. ويليهم في الترتيب العالمي كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا والهند.

لم تزد نسبة عدد السكان في الولايات المتحدة في عام 2005 عن نسبة 4.6% من أجمالي عدد سكان العالم البالغ آنذاك 6.5 مليار نسمة. ذلك في الوقت الذي بلغت فيه نسبة سكان الصين 20.2% ، ثم الهند بنسبة 17.4% .

ويؤكد الخبراء الاقتصاديون والعسكريون على أنه مهما كانت النتيجة التي يمكن أن تنتهي بها حرب العراق، فإن معدلات الاقتصاد الأمريكي سوف تقفز مجددا بمجرد وصول رئيس جديد عام 2008 إلى البيت الأبيض. روبرت كيغان محلل بارز يرى أن القوة العظمى يمكن أن تخسر حروبا عسكرية (فيتنام- العراق) دون أن تفقد دورها وحجمها كقوة عظمى في العالم.

وطبقا للتقرير الذي أوردته مجلة أيكونوميست فإن تنامي حجم ونفوذ واقتصاد الصين لا يعني إضعاف الولايات المتحدة بل على العكس، سوف يشعل من حماس التنافس ويساعد على نمو اقتصاد أمريكا.

وخلص التقرير الذي نشر على صفحات أيكونوميست إلى أن الولايات المتحدة عبر تاريخها كانت قادرة على تصحيح أوضاعها . وسوف يحدث ذلك بشكل أو بأخر تحت ضغط أصوات الناخبين، واكبر مثال على ذلك أن الرئيس بوش قد قام مؤخرا تحت هذا الضغط بالحديث عن قضايا مثل التغييرات المناخية ومباحثات سلام الشرق الأوسط  وتأتي انتخابات عام 2008 كفرصة للتغيير وتصحيح الأوضاع ، فكما انتعش الاقتصاد الأمريكي بقوة بعد الفشل والإخفاق في حرب فيتنام ، فإن هذا الاقتصاد مرشح للقفز بمعدلات عالية مرة أخرى في بعد انتهاء حرب العراق.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر:تقرير واشنطن-العدد123