الصحافة على الإنترنت تمنح القراء قدرة أكبر على التحكم في المعلومات

 

 

 

الأخبار على الإنترنت

إن الصحافة على الإنترنت تتسم ببعض صفات الصحافة المطبوعة والصحافة المسموعة أو المرئية، وصفات أخرى تنفرد بها شبكة الإنترنت. وكثيرا ما تقدم المواقع الالكترونية مقالات إخبارية يمكن أن تُقرأ مثلما يحدث في المقالات التي تنشرها الصحف. وفي أحيان أخرى قد يختار زوار الإنترنت مشاهدة مقطع مسجل بالفيديو وبهذا تصبح الإنترنت مشابهة للبث التليفزيوني. وأي موضوع ينشر على الإنترنت يمكن أن يستخدم كل المزايا التي توفرها الشبكة، ذلك الوسيط الجديد الذي يسمح للقارئ أو المتصفح للموقع أن يتحول إلى مشارك ، ويختارأسلوبه الخاص في التعامل مع المعلومات المتوفرة. وتقول نورا بول مديرة معهد دراسات وسائل الإعلام الحديثة التابع لجامعة مينيسوتا "لو كانت بعض العناصر خاضعة لسيطرة المستخدم، فإن هذا يجعل للموضوع شكلا جديدا من أشكال تقديم الموضوعات."

بينما يقول جوناثان ديوب الناشر لموقع إلكتروني اسمه سايبر جورناليست دوت نت، وينصب اهتمام الموقع على السبل التي تؤثر بها الإنترنت وغيرها من أساليب التكتولوجيا الحديثة على وسائل الإعلام وتحدث تغييرات فيها "إن الصحفيين الذين يمارسون المهنة على الإنترنت يجب أن يفكروا على مستويات متعددة في وقت واحد: الكلمات، والأفكار، وبناء الموضوع، والتصميم، ووسائل التفاعل، والصوت، والفيديو، والصور، والحكم على الأخبار. فالتليفزيون يعرض الأخبار ليشاهدها الجمهور. والصحافة المكتوبة تنصب على الإخبار وتقديم التفاصيل. أما الإنترنت فإنها تتيح العرض والإخبار والتوضيح والتفاعل." ولكي يصبح ذلك ممكنا يقدم الصحفيون العاملون على الإنترنت المعلومات في صورة طبقات متعددة، باستخدام أشكال متنوعة من أساليب عرض الموضوع.

الصور المتنوعة لتقديم الموضوع على الإنترنت :

إن أبسط أساليب تقديم الموضوعات على الإنترنت توصف بأنها "مطبوعة مع إضافات." وهي عبارة عن نص مكتوب عن الموضوع يتضمن عناصر إضافية مثل الصور الفوتوغرافية، والمقاطع الصوتية أو المصورة بالفيديو، أو الإشارة إلى مواقع إلكترونية أخرى يمكن الحصول منها على معلومات إضافية. وبتضمينه للمواقع الإلكترونية الإضافية يستطيع الصحفي الذي يمارس المهنة على الإنترنت أن يأخذ قارئ الموضوع إلى مواقع وصفحات إلكترونية أخرى منفصلة تتضمن معلومات إضافية، وقد تكون بعض تلك المواقع ليست لها علاقة بالمؤسسة الإخبارية التي يعمل فيها، وتكون فيها معلومات أساسية أو تاريخية إضافية.

ومن الممكن تعزيز الموضوعات التي تنشر على الإنترنت بإضافة عناوين مواقع إلكترونية لقواعد بيانات يستطيع القارئ أن يبحث فيها. وعلى سبيل المثال، إذا كان الموضوع يدور حول انخفاض درجات الطلاب في الاختبارات التي تجريها المدارس الثانوية في جميع أنحاء البلاد، فمن الممكن أن يتضمن العناوين الالكترونية لقاعدة بيانات تتضمن نتائج الاختبارات في كل المدارس. ويستطيع القارئ البحث عن مدرسة محددة، أو كل المدارس في مدينة معينة، أو يقارن بين النتائج في مدارس مختلفة.

وهناك أسلوب مبتكر بدرجة أكبر يستخدم أسلوب "النقر على مواقع التفاعل" أو وسائل الإيضاح المتعددة الوسائط التي تصمم خصيصا لعرض موضوع معين. ويتم عرض عناصر وسائل الإيضاح بترتيب معين، لكن القارئ يستطيع الاطلاع على كل منها بمفرده وبأي ترتيب يشاء. والكلام نفسه ينطبق على أي "عرض لشرائح الصور" على الإنترنت، مما يجمع بين النص المكتوب والصوت والصور الثابتة في تجربة تسمح للقارئ بخوض تجربة استخدام وسائط متعددة.

إن الأدوات التي تسمح للقارئ بالتجول في نطاق يصل مداه إلى 360 درجة عبر مشهد لموقع معين يمكن أن يعزز عرض الموضوعات على الإنترنت أيضا. وهذا ما يستطيع فعله برنامج من برامج الكمبيوتر للرسوم المتحركة اسمه "فلاش"، فهذا البرنامج يسمح للقارئ بتصميم مكونات التفاعل: الفيديو، ووسائل الإيضاح، والرسوم المتحركة. على سبيل المثال، خصصت شبكة بي بي سي بلندن موقعا إلكترونيا عن المخدرات والعقاقير المحظورة والكحول، هذا الموقع يتيح للقارئ أو الزائر "اختيار" عقار أو مخدر معين وتحديد جرعة منه، ثم يختار جزءا من أجزاء الجسم – مثل المخ أو القلب – ليقرأ عن تأثير ذلك المخدر أو العقار على ذاك العضو من أعضاء الجسم، بالإضافة إلى الحصول على معلومات عن الصحة والوقاية. كما استخدمت مواقع الإنترنت الألغاز والألعاب في تقديم موضوعاتها بتوزيع المعلومات وتقسيمهاعلى شكل أسئلة وإجابات، ثم تترك للقارئ اكتشاف ما توصل إليه المراسل من معلومات.

الكتابة على الإنترنت :

يقول جوناثان ديوب إن الكتابة على الإنترنت خليط أو مزيج من الكتابة للصحافة المطبوعة والصحافة المرئية والمسموعة. ويؤكد على أن أسلوب البساطة والإيجاز المفضل لدى العاملين بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة يجعل من السهل متابعة ما يكتب على الإنترنت. لكنه يشير إلى تجاهل العديد من المواقع الالكترونية للقواعد الأساسية للكتابة الجيدة. فاتباع أسلوب جدلي شئ جيد، لكن لا بد من مراعاة قواعد الإملاء والنحو. ويقول سكوت أتكينسون مدير الأخبار التليفزيونية إن أفضل نصيحة لديه هي أن تكتب للإنترنت كما لو كنت تكتب رسالة إلكترونية لصديق. "وهذا لا يعني أنك تستطيع الخطأ في تهجئة الكلمات ، وأن تتجاهل ضرورة أن يكون للحكاية بناء محدد، أو أن تخرج عن السياق. لكن ما يعنيه ذلك هو أن تستخدم في كتابتك أسلوبا يتصف بالود إلى أقصى ما تستطيع إجادته."

ونظرا لأن المواقع الإخبارية على الإنترنت عادة ما تتيح للقراء أو الزوار اختيارات عديدة، فإنه يجب على الكتاب تجنب المقدمات المطولة أو المستفيضة التي لا تبين للقارئ بسرعة ما يدور حوله الموضوع. فالمقدمة يجب أن تكون محفزا للقارئ على الاستمرار في القراءة؛ وإلا فإنه سيتجه لقراءة موضوع آخر. والموضوعات على الإنترنت بصفة عامة تكون أقصرمما يُكتب للصحف. ومن بين الإرشادات الجيدة أن يكون الموضوع المنشور على الإنترنت في حدود 800 كلمة وأن يكتب كله على صفحة واحدة. فالدراسات أثبتت أن زوار المواقع الإلكترونية تكون لديهم الرغبة في قراءة الصفحة حتى نهايتها ؛ لكن لا يوجد مبرر لاضطرارهم للتحول نحو صفحات إضافية لاستكمال الموضوع نفسه. ولكي يكون من السهل استيعاب النص، فإن ديوب يقترح على من يكتبون على الإنترنت تقسيم نص الموضوع إلى فقرات متعددة، واستخدام العناوين الفرعية وتقسيم الموضوع إلى نقاط محددة لعرض الأفكار بطريقة منفصلة بدرجة أكبر مما يحدث في الصحافة المطبوعة.

والصحافة على الإنترنت تتيح للقراء التجاوب الفوري والمباشر مع الكاتب أو رئيس التحرير عبر البريد الالكتروني، أو ربما بإجراء حوار حي معهم عبر الإنترنت. وبالإضافة إلى ذلك، تخصص مواقع كثيرة مساحة معينة لعرض ردود فعل القراء أو آرائهم، بحيث يتمكن الآخرون من الاطلاع على ما كتبوه ويردون عليه. وتخصص الإذاعة العامة في مينيسوتا بالولايات المتحدة مساحات خاصة لردود أفعال الجمهور على ما تبثه عبر الأثير أو ما ينشر على الإنترنت. ويطلب من المستمعين الاتصال أو إرسال رسالة إلكترونية بمعلوماتهم الإضافية. وتتضمن الحكايات المنشورة على الموقع الالكتروني للإذاعة العامة بمينيسوتا ركنا خاصا بعنوان "ساعدنا على تغطية الموضوع" لكي يتمكن الجمهور من إضافة تعليقاتهم وآرائهم.

كما تجري الإذاعة استطلاعا للرأي بين جمهورها قبل إنتاج تقرير خاص عن موضوع معين، مثل بحث حالة الاقتصاد في الولاية. ويقول بيل بوزينبيرغ نائب رئيس الأخبار بالإذاعة إن مساهمة الجمهور تسفر عن "تغطية إخبارية أكثر دقة، وأكثر عمقا يكون فيها الكثير من الأمثلة والآراء الواقعية."

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور.

المصدر:نشرة واشنطن-3-5-2006