خلافات حول النفط وفلسطين والعراق في المؤتمر السنوي لمعهد الشرق الأوسط

 

 

 

عُقد في الدور الأعلى في مبنى الصحافة الوطنية National Press Building بالعاصمة الأمريكية واشنطن المؤتمر السنوي لمعهد الشرق الأوسط  The Middle East Institute الذي يحتفل هذا العام بالذكري الستين لتأسيسه. وحضر المؤتمر نخبة بارزة من الشخصيات السياسية والأكاديمية والإعلامية من الولايات المتحدة والعالم العربي.

وزير الطاقة الأمريكي: السعي لتوفير مصادر بديلة للطاقة لا يهدد الدول المنتجة للنفط

ألقي الخطاب الرئيسي في افتتاحية المؤتمر وزير الطاقة الأمريكي سلمويل بودمان الذي حث في خطابه على أهمية سعي مصادر بديلة للطاقة، وأشار بودمان إلى أن الطلب العالمي للطاقة يتزايد بسرعة وسيستمر على هذا النمط. حسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة لعام 2030 الاستهلاك العالمي للطاقة سيرتفع بنسبة تزيد عن 70%، وأن أكبر زيادة متوقعة ستأتي من دول نامية الاقتصاد بآسيا. "هناك مشكلة عالمية: إذا نريد أن نشجع النمو الاقتصادي في العالم، ورفع مستوي المعيشة لجميع الشعوب في جميع الدول، العالم سيحتاج إلى إمدادات طاقة نظيفة ورخيصة التكاليف ومتنوعة. وإذا نظرنا إلى العقود الثلاثة أو الأربعة القادمة، سنجد أن الهيدروكربونات وحدها لن تلبي احتياجات الاقتصاد العالمي المتزايدة....العالم في الوقت يعتمد اعتمادا كبيرا على مصدر طاقة واحدا، وهذا الموقف لا يحتمل."

وقال بودمان إن تلك المعضلة ستتطلب استجابة عالمية من جميع الدول بما فيها الدول المنتجة للنفط. وأكد أن العمل لتنمية مصادر طاقة بديلة لا يعتبر تهديدا بالنسبة للدول المنتجة للإمدادات النفطية حيث أن المصادر البديلة ستوفر من استخدام النفط وستساعد على التنمية والقضاء على الفقر.

وطرح بودمان عدة توصيات للمجتمع الدولي للتعامل مع تحديات إمدادات الطاقة، ومن أهمها:

• التوقف في المدى القصير عن "الأشياء التي نعرف أنها لن تساعد على الحل" مثل التدخلات للتلاعب لسوق النفط العالمي من خلال خفض الإنتاج ووضع سقوف للأسعار،  "سوق النفط العالمي يجب أن يعمل بوضوح وشفافية."

• ضرورة السعي المستمر لتوفير مصادر بديلة للطاقة،  وقال بودمان إن تلك المبادرة ستتطلب مشاركة كل من القطاع الخاص والحكومات المؤثرة. "لا يسعنا أن تكون هناك دولة تقف منعزلة لحماية مصالحها الذاتية في المدى القصير."

وردا على سؤال من أحد الحاضرين صرح بودمان أن الولايات المتحدة غير راضية عن التعاون الهندي-الإيراني في مجال الطاقة، معربا عن قلقه من أن هدف إيران في هذا الإطار هو الحصول على سلاح نووي. "لا نريد من الهند أو أية دولة بالمنطقة تشجيع إيران في تنميتها الاقتصادية، ولكن الهند دولة ذات سيادة مستقلة ويجوز أن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم."

أبو زيد: أرفعوا العقوبات عن الشعب الفلسطيني

وفي إطار العشاء الرسمي للمؤتمر، أدلت المفوض العامة للأونروا UNRWA (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط) كارين أبو زيد خطابا تحدثت فيه عن وضع اللاجئين الفلسطينيين في ضوء استمرار العنف بالمنطقة وتدهور حالة المعيشة بالمناطق الفلسطينية.

وصرحت أبو زيد أنه وبالرغم من أن نسبة ملحوظة من اللاجئين منذ عام 1948 نجحوا في تخطي العديد من العقبات لتحرير أنفسهم من الفقر والاعتماد على المساعدات الإنسانية، نجد أن آلافا آخرون لم يستطيعوا أن يحققوا هذا النوع من الاستقلال والاكتفاء الذاتي. "وآخرون، بعد أن حققوا قدرا من الاكتفاء الذاتي، يجدوا أنفسهم اليوم في عداد الفقراء. وهذا التراجع أصبح أكثر شيوعا نظرا للشلل الاقتصادي الذي حدث بالأراضي المحتلة بسبب زعزعة الصراع الدائرة منذ عام 2000، وبسبب حاجز الضفة الغربية ونظم الإغلاق والفصل  المرتبطة به، وبسبب نظام العقبات المفروض مما أدى إلى تدهور حالة المعيشة الاقتصاد."

وأشارت المتحدثة إلى أن الموقف الراهن بالمناطق الفلسطينية لا يسمح بحل قضية اللاجئين، بل  "على العكس، الوضع القائم يضمن أن جروح وآلام 1948 و1967 ستظل حية وأن هذه الجروح ستتجدد وستنقل إلى الأجيال القادمة." وأضافت أبو زيد أن غياب حل للقضية الفلسطينية وعدم تسوية النزاع الجاري لا يجوز أن يغني عن حق اللاجئين في الحماية الدولية.

كما أعربت عن الاستياء الفلسطيني من رد فعل المجتمع الدولي على الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، شرحت الإحباط الذي ساد المجتمع الفلسطيني بعدما عاقبه المجتمع الدولي لتبنيه ممارسات ديمقراطية بعقوبات وحصار اقتصادي شديد القسوة.

وعن العنف المتصاعد بالأراضي الفلسطينية، قالت أبو زيد إن معظم النداءات لإدانة العنف في هذا النزاع موجهة لطرف واحد وليس كلا الطرفين. "العنف بكل أشكاله يجب أن يدان بدون تحيز أو شروط، خصوصا بالنسبة لما تقترفه إسرائيل من استخدام متكرر للقوة، ومن انتهاكات للقوانين الدولية."

ووجهت أبو زيد نداء لصناع القرار المعنيين بضرورة إعادة إحياء جهود عملية السلام، ولرفع الحصار الحالي عن الشعب الفلسطيني ولتبديل السياسة الراهنة بسياسة أكثر حيادا تجاه طرفي النزاع مبنية على مبادئ القانون الدولي.

مسئول أمريكي: العنف الطائفي وليس التمرد هو الخطر الأساسي بالعراق

وتضمنت أعمال المؤتمر دائرة نقاش حول الوضع الراهن بالعراق مكونة من جاي غارنر جنرال متعاقد وبراين كاتوليس من معهد التقدم الأمريكي Center for American Progress  وديفيد ساتيرفيلد كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون العراق وقباد طالباني ممثل حكومة إقليم كردستان في واشنطن.

ويرى غارنر أن إعادة انتشار القوات الأمريكية بالعراق يجب أن تتم على مرحلتين. أولا يجب أن تسحب القوات الأمريكية من الشارع العراقي ووضع قوات عراقية بدلا منها، وألا تخرج القوات الأمريكية للشارع العراقي إلا في حالات الطوارئ لتقديم العون والدعم للقوات العراقية. وبعد ذلك يتم تحديد جدول خروج القوات الأمريكية من العراق عندما تكون القوات العراقية على كامل الاستعداد لتحمل المسئوليات الأمنية بدون دعم فني من الجانب الأمريكي. وبهذا يكون الجدول الزمني لإعادة الانتشار مبني على مدى فعالية واستعداد القوات العراقية.

وقال غارنر إن القوات العراقية يجب أن تزود بسلاح أمريكي ذو جودة مقبولة. "ما قمنا بإعطائهم من سلاح في رأي الغالب زبالة junk." وأوضح غارنر أن ذلك سيعطي القوات العراقية شعورا بالشراكة مع القوات الأمريكية، ومن ناحية أخرى ستعطي تلك المبادرة الولايات المتحدة نفوذا كبيرة بصفتها مصدر قطع الغيار للمعدات العسكرية.

وأعرب  قباد طالباني في كلمته عن استيائه من عنوان المناقشة وهو "الخروج من العراق"، قائلا إن الخروج من العراق يجب أن يكون نتيجة النجاح وليس الفشل. وقال إن انسحاب القوات الأمريكية من العراق سيخلق فراغ سياسي كبير في البلاد مما سيعطي "القوى السيئة" فرصة للتحكم في المنطقة. "إذا نجح الانهزاميون إقناع الجمهور الأمريكي لسحب تأييدهم للديمقراطية الوليدة بالعراق، سيكون ذلك خطاء فادح وسيسلم العراق لأيدي الإرهابيين. خطأ الانسحاب المبكر سيكون له عواقب وخيمة على العالم مثلما حدث بعد انسحاب الإتحاد السوفيتي من أفغانستان، ونحن جميعا نعرف ما حدث هناك...الآن ليس الوقت المناسب لإقرار ما إذا كان هذا الجهد من الصواب أو الخطأ في المقام الأول. القوت لهذا النقاش يأتي لاحقا، ولكن لا يمكن أن يكون الآن."

ومن ناحيته شارك ساتيرفيلد طالباني استيائه من عنوان المناقشة "الخروج من العراق" وقال إن الولايات المتحدة يجب أن تركز جهودها على تغيير في الخطة الراهنة لتحقيق النجاح وليس على الانسحاب حيث أن الأهداف بالعراق لم تتغير وهي تتكون من "عراق مستقر ومسالم وديمقراطي وشريك في الحرب ضد الإرهاب." وقال ساتيرفيلد إن "التمرد" لم يعد خطر إستراتيجي بالنسبة للعراق نظرا لأنه محدود في وسعه الجغرافي، ولكن الخطر الأساسي الذي يواجه العراق هو العنف الطائفي. وأضاف أن التعامل مع هذه المشكلة سيتطلب تعاون من الجانب العراقي والمجتمع الدولي.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصاً و دون تعليق.

المصدر: تقرير واشنطن- العدد85