قمة الكويت منعطف تاريخي

 

عدنان أحمد يوسف

 

 

على رغم أن قمة الكويت الاقتصادية، التي أنهت أعمالها قبل يومين، عقدت وسط ظروف وتطورات سياسية واقتصادية إقليمية وعالمية صعبة، إلا أنها نجحت، أولاً في تكريس جانب أساسي من جهودها، في دعم صمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الإسرائيلي على غزة، كما نجحت في عدم فقدان التركيز على أهدافها الرئيسة المتمثلة في قضايا التنمية والتكامل الاقتصادي العربي، ما جعلها بحق منعطفاً تاريخياً في التعامل مع هذه القضايا، وهذا بالتأكيد ما يتطلع إليه المواطنون والخبراء والمسؤولون.

وحلّ موعد انعقاد القمة، في وقت أحوج ما يكون العرب إلى إحداث نقلة نوعية كبرى في مناهج التنمية في بلدانهم وبرامجها، وفي مشاريع التكامل الاقتصادي العربي، ليس استجابة إلى احتياجات التحديات الداخلية ومتطلباتها الكثيرة التي يواجهونها فحسب، بل، أيضاً، استجابة إلى التحديات الخارجية، وتحديداً الأزمة المالية والركود الاقتصادي العالميين. بحيث بادرت دول العالم، ومنذ أشهر، إلى تنظيم تكتلات عالمية، وعقدت مؤتمرات تمخضت عن قرارات مهمة أسهمت في تعجيل استنهاض الأوضاع الاقتصادية العالمية من الركود. ويفترض أن تنظم الدول العربية جهودها وفقاً لاستراتيجية مشتركة وواضحة تؤمن مصالحها من جهة، وتفعل مشاركتها في الاقتصاد العالمي من جهة ثانية لقد ناقشت القمة الاقتصادية العربية مواضيع كثيرة وقضايا اقتصاد مهمة، لا سيما ما يتعلق بتذليل العقبات من أمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتفاقية العربية للخدمات وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية وعرض مئات المشاريع المشتركة في مجال الطاقة والمياه والكهرباء والنقل البحري والبري والغذاء وغيرها، وهي جميعها قضايا تصب في تحقيق النقلة النوعية المطلوبة وأدت الأزمة المالية، وهي أسوأ أزمة يشهدها العالم منذ سبعة عقود، إلى انزلاق العالم الصناعي نحو الكساد، كما تسببت في تراجع التوقعات الاقتصادية في العالم العربي. وذكر تقرير صادر عن المنظمة العربية للأقطار المصدرة للبترول (أوابك) أنه في مقابل كل انخفاض لسعر برميل النفط، دولاراً واحداً، تنخفض إيرادات النفط العربية، بين أربعة وعشرة بلايين دولار سنوياً. واعتبر التقرير أن من شأن ذلك أن يحدث ضغوطاً متزايدة على الموازنات الحكومية ومستوى الإنفاق ومعدلات النمو وتشير إحصاءات إلى أن البطالة في العالم العربي بلغت مستويات عالية بمعدل 14 في المئة. وتراجعت إنتاجية العامل العربي لتمثل 10.1من إنتاجية العامل في أوروبا وأميركا. لذلك، مطلوب الشروع في خطوات عملية من أجل إصلاح سوق العمل العربي عبر مؤسسات التعليم. وتظهر دراساتٌ أيضاً أنه ينبغي على الدول العربية تأمين فرص عمل لأكثر من 80 مليون شخص في حلول عام 2020 لتتصدى إلى البطالة التي يجابهها حالياً نحو60 مليون شخص وتؤكد مؤشرات التكامل الاقتصادي العربي، ضعفه في جوانبه كافة من سلع وخدمات واستثمار ومشاريع مشتركة وغيرها. وتظهر بيانات لـ «إسكوا»، أنه لم تطرأ تطوراتٌ مهمة على أداء الدول العربية نحو تعزيز التكامل في ما بينها خلال السنوات الماضية، وحدها التجارة البينية العربية حققت تقدماً طفيفاً في 2007 وارتفعت حصتها من إجمالي التجارة العربية إلى 11.3 في المئة في مقابل 11.2 في المئة عام 2006، إلا أن الزيادة متواضعة جداً ومن المؤكد أن المؤسسات المالية والمصارف العربية ستبادر إلى دعم القرارات الصادرة عن القمة، بما تملكه من امكانات وموارد كبيرة، بخاصة إذا بادرت الدول العربية إلى فتح الأبواب أمام هذه المصارف وتوفير بيئة الاستثمار الملائمة لها ويرسل نجاح القمة في تحقيق أهدافها، رسالة واضحة إلى كل الدول المتقدمة والنامية، بما فيها الولايات المتحدة التي بدأت عهد الرئيس باراك أوباما، تفيد بأن الدول العربية عازمة على التوجه إلى العالم بخطاب موحد وإمكانات موحدة ومشاريع واتفاقات من شأنها أن تضع المجموعة العربية في مسار التقدم والريادة ولكي نستكمل عوامل النجاح الرئيسة لمقرّرات القمة وتوصياتها الاقتصادية، ونؤكد أن قضايا التنمية والتكامل الاقتصادي العربي دخلت في مرحلة جديدة من التعامل، نرى ضرورة تشكيل هيئات متخصصة، على أعلى المستويات، تمتلك صلاحيات لمتابعة تنفيذ القرارات والتوصيات وتذلل الصعوبات التي تعترضها.

* رئيس اتحاد المصارف العربية

وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون تعليق .

المصدر: daralhayat.com