القمة الأوروبية: جهود ألمانية وفرنسية لتبديد تصلب بولندي وتردد بريطاني

 

 

عوائق شملت ثقل التصويت بين الدول وتوحيد نظام الضريبة وفتح أبواب الهجرة

اصطدمت القمة الأوروبية منذ انطلاقها ظهر أول من أمس الخميس بتصلب بولندا وتحفظات بريطانيا وهولندا حيال الكثير من فصول مشروع المعاهدة الدستورية المعدلة.

واستنتجت المستشارة انغيلا مركل رئيسة القمة بعد الساعات الأولى بان المواقف تراوح مكانها على رغم «وجود استعداد من كل الجهات للتوصل الى اتفاق».

وشددت مركل على ان الكثير من المسائل الشائكة «تبقى مفتوحة» وتحولت القمة في اليوم الثاني من المحادثات إلى جلسات ثنائية هدفت الى حلحلة الموقف.

وجرت الاجتماعات في شكل خاص مع كل من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس البولندي ليخ كاجينسكي.

فالأول تمسك بالمحظورات البريطانية وهي عدم الموافقة على منصب وزير الخارجية والتمسك بقاعدة التصويت بالإجماع في مسائل الضريبة والهجرة ورفض الالتزام بمقتضيات الحقوق الاجتماعية.

وأعرب رئيس المجموعة الليبرالية في البرلمان الأوروبي عن خيبته إزاء «تراجع بلير عن خطابه المناصر لأوروبا قبل اقل من شهرين». ورأى غراهم واتسون في تراجع بلير «عدم استعداده لمواجهة انتقادات الصحافة والمحافظين في بريطانيا والذين قد يصفونه بمن تخلى عن مصالح بلادهم قبل أيام من رحيله عن السلطة» وبدا موقف بلير مقيداً بشروط خلفه غوردون براون.

وشهدت الجلسات الأولى للقمة مداخلات بعضها وصف «بهذيان التاريخ» حيث استعاد الرئيس البولندي معاناة الحرب العالمية الثانية للمطالبة بالاعتراف بدور بلاده.

وكشفت مصادر ديبلوماسية ان ليخ كاوينشكي قال في الجلسة الأولى ان «بلاده فقدت الكثير من الضحايا في الحرب العالمية الثانية ولولاهم لكانت بولندا إحدى أكبر البلدان من حيث عدد السكان.

وزاد ان «بولندا كانت في جانب الحق في الحرب العالمية الثانية».

واستهدف كلام الرئيس البولندي ألمانيا. وأبرزت المصادر الديبلوماسية «تحلي المستشارة بالصبر ولم ترد على خطاب المعاناة البولندية خلال الحرب العالمية بل ركزت جهودها لحل الحواجز القائمة والتي تحول دون التوصل الى اتفاق».

ويخشى البولنديون من ان يؤدي نظام التصويت هذا الى هيمنة ألمانيا واقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على نظيره البولندي تسوية حول مسألة التصويت بالغالبية المزدوجة داخل الاتحاد الأوروبي.

وأجرى ساركوزي والمستشارة الألمانية لقاء استمر ساعة ليل الخميس - الجمعة مع الرئيس البولندي حول هذه المسألة التقنية جداً والحساسة من الناحية السياسية.

وقام ساركوزي باقتراح تقني على غرار «تسوية ايونينا» تيمناً باسم جزيرة يونانية وهي تسوية توصلت إليها الدول الأعضاء العام 1994 بطلب من اسبانيا التي كانت قلقة من تراجع ثقلها في هذا النوع من التصويت عند توسع الاتحاد من 12 عضواً الى 15 عضواً.

وتسمح هذه التسوية لمجموعة صغيرة من الدول تكون قريبة من عتبة التعطيل لكن من دون ان تصل إليها، إذ يتاح لها خلال عملية تصويت بالغالبية الموصوفة (المطلوبة) ان تطلب إعادة النظر بالقرار.

وعملياً نادراً ما يتم اللجوء الى هذا الإجراء (التعطيل من قبل الأقلية) إذ ان الاتحاد الأوروبي يسعى دائماً الى التوافق.

والقرارات تعرض على التصويت في غالب الأحيان عندما يتم التوصل الى حل يرضي الجميع.

ويقول الرئيس البولندي ان نظام التصويت بالغالبية الموصوفة الذي ينص عليه الدستور يعطي الكثير من الثقل لألمانيا.

ويقضي الدستور بأن تتخذ القرارات بغالبية 55 في المئة من أصوات الدول الأعضاء على ان تمثل هذه الدول 65 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي. في المقابل يصر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على «تلبية كل مطالبه».

وحاول الفرنسيون والإيطاليون والإسبان الخميس، إيجاد حل لبعض هذه المطالب معربين خصوصاً عن استعدادهم لإعطاء البريطانيين إمكانية ألا يكون ميثاق الحقوق الأساسية ملزماً لهم.

لكن هذه الدول غير مستعدة للتنازل في شأن استحداث منصب وزير للخارجية يشرف على التحرك الخارجي للاتحاد الأوروبي مع عدم تمسكهم بعبارة «وزير» المنصوص عليها في الدستور.

وقال رئيس الكتلة الليبرالية في البرلمان غراهم واتسون بأن التراجع عن إلزامية ميثاق الحقوق الأساسية قد يدفع البرلمان إلى رفض المسودة «لأن النواب لا يقبلون الظهور أمام الرأي العام والناخبين في مثابة الطرف الذي تخلى عن ميثاق الحقوق الأساسية».

وكانت القمة أول اختبار للرئيس نيكولا ساركوزي أمام شركائه الأوروبيين.

وقد حاول سحب مصطلح «المنافسة» من مسودة المعاهدة المصغرة، لكنه اصطدم بمعارضة شديدة من بريطانيا وهولندا والدنمارك والبلدان الأخرى لأن السوق الداخلية تقوم على مبدأ المنافسة.

ورأت مصادر ديبلوماسية في محاولة ساركوزي رغبة في التحصن ضد انتقادات المعارضة في بلاده والتي قد تتهيأ لمعارضة المعاهدة المصغرة بعدما كانت أفشلت الدستور في استفتاء 2005.