الاغتيالات السياسية في التاريخ الأمريكي

 

 

 

شهدت الولايات المتحدة العديد من الاغتيالات السياسية على مدار تاريخها القصير بدأت مع اغتيال الرئيس إبراهام لينكولن عام 1865 وكان هناك عدد من مؤامرات الاغتيالات السياسية المتنوعة في معظم حقب التاريخ الأمريكي. ومن بين أشهر هذه الاغتيالات، اغتيال الرئيس جيمس أي غارفيلد، والرئيس وليام ماكينلي، والرئيس جون إف كيندي، والناشط الأسود مالكوم إكس، وزعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج، إضافة إلى ذلك كان هناك العديد من محاولات الاغتيال المعروفة الفاشلة التي وقعت خلال العقود القليلة الماضية، والتي كان من أهمها محاولة إغتيال الرئيس رونالد ريجان عام 1981 .

يمكن تعريف الاغتيال بشكل عام بأنه قتل أحد الأشخاص المستهدفين لغرض سياسي، ويقوم بتلك "جرائم القتل المستهدفة" قاتل يحمل أجندة سياسية أو أيديولوجية معينة.

الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن 1865

كان الرئيس إبراهام لينكولن أول رئيس أمريكي يغتال، وربما تكون أشهر حادثة اغتيال في تاريخ الولايات المتحدة. وبسبب مسائل كانت مثيرة للجدل حينذاك تسآل العديدون إذا ما كان هناك نوع من المؤامرة وراء الاغتيال. فقد نظر إلى الرئيس لينكولن، الذي كان قائدا للاتحاد خلال الحرب الأهلية ومعلنا حرية العبيد داخل الكونفيدرالية، على أنه "هدف في مرحلة الحرب" شرعي. وبمجرد انتخاب لينكولن كالرئيس السادس عشر للولايات المتحدة ، بدأ في استلام خطابات تهديد تحذره من مؤامرات اغتيال تحاك ضده.

انضم القاتل جون ويلكس بوث، العنصري والمتعاطف مع ولايات الجنوب خلال الحرب الأهلية إلى جماعة مختلطة من المتآمرين تضم صامويل أرنولد، وجون سوارت، ومايكل أولوغين، ولويس باول، وجورج أتزيرودت، وديفيد هيرولد. وخططت الجماعة معا بقيادة بوث ونفذت اغتيال الرئيس إبراهام لينكولن. كان بوث يكن إحساسا مريضا تجاه الرئيس لينكولن، وألقى عليه باللوم في جميع مشكلات الجنوب. في البداية وضع خطة لخطف الرئيس واصطحابه إلى مدينة ريشموند عاصمة ولاية فيرجينيا وحجزه هناك لمبادلته بسجناء حرب جنوبيين. وحينما فشلت العملية واستمر تدهور الوضع الكونفيدرالي، قرر بوث تغيير خطته والتحول إلى الاغتيال. كانت الخطة أن يقوم بوث باغتيال الرئيس لينكولن في مسرح فورد، في الوقت الذي يقوم فيه كل من أتزيرودت وباول بقتل نائب الرئيس أندرو جونسون، ووزير الخارجية وليام سيوارد في مكان آخر.

توقع بوث أن البلبلة التي قد تنجم عن الاغتيالات لإضعاف الحكومة الأمريكية والاتحاد بدرجة كبيرة سوف تسمح بانفصال الجنوب.

وقعت حادثة اغتيال الرئيس لينكولن يوم الجمعة الموافق 14 إبريل عام 1865 خلال عرض مسرحي ليلي على مسرح فورد بالعاصمة واشنطن دي سي، بعد مضي خمسة أيام فقط على انتهاء الحرب الأهلية باستسلام الجنرال الكونفيدرالي روبرت لي. وبعد تسلله إلى المقصورة الرئاسية، أطلق بوث الرصاص على الرئيس في مؤخرة رأسه من مدى متوسط. ثم حاول بعد ذلك الهروب مع شركائه ولكنه ظل مطاردا من السلطات الفيدرالية، وقبض عليه وقتل بعد مرور 12 يوما فقط على الجريمة. ولم تنجح محاولة اغتيال وزير الخارجية وليام سيوارد ولا نائب الرئيس أندرو جونسون، وبذلك لم يتحقق هدف المؤامرة الكلي. ألقي القبض على جميع شركاء بوث من المتآمرين وتم إعدامهم.

الرئيس الأمريكي جيمس آي غارفيلد 1881

أطلق كارلس غيتو، أحد مؤيدي الجمهوريين الغاضبين، الرصاص على الرئيس الأمريكي العشرين جيمس آي غارفيلد في الثاني من يوليو عام 1881 بمحطة السكك الحديدية بواشنطن. تسببت الرصاصة الأولى في جرح سطحي في الذراع، بينما اخترقت الرصاصة الثانية الجانب الأيمن الخلفي من القفص الصدري، واستقرت يسار العمود الفقري تماما. وبعد عدة أسابيع من العلاج الطبي توفي الرئيس غارفيلد نتيجة تلوث ونزيف داخلي. من الواضح أن المحامي كارلس غيتو كان غاضبا بعد أن رفض طلب تعيينه كسفير للولايات المتحدة في فرنسا. وبعد إطلاق الرصاص مباشرة ألقت الشرطة بالقبض على غيتو واصطحبته إلى السجن، وحكم عليه بالإعدام وشنق في 30 يونيو عام 1882. ولكن يعتقد الجميع بأن وفاة غارفيلد تعود إلى إهمال فريق الأطباء المعالج له.

الرئيس الأمريكي وليام ماكينلي 1901

أطلق الفوضوي ليون كازلغوسز الرصاص على الرئيس الأمريكي الخامس والعشرين وليام ماكينلي في السادس عشر من سبتمبر عام 1901، أثناء تحيته لمؤيديه في حفل استقبال بمعرض لدول أمريكا. تلقى الرئيس علاجا طبيا لجرحين برصاصتين، وبالرغم من أن نجاته كانت واضحة، توفي ماكينلي بعد ستة أيام من وقوع الهجوم. ومرة أخرى، تحمل الفريق الجراحي المعالج للرئيس المسئولية بدرجة كبيرة لفقدان الدولة لزعيمها، ولكن كشفت أدلة طبية بعد ذلك أن الأطباء لا يقع عليهم أي لوم.

أعتقد بأن اغتيال ماكينلي كان نتيجة مؤامرة واسعة. فخلال فترة حكمه اعتبر البعض من الحركة الفوضوية أن الرجال والنساء في مناصب السلطة العليا هم رموز لحكومة ظالمة. وفي ذلك الحين راجت أفكار تروج للعنف ضد الأعداء السياسيين بواسطة الجماعات الفوضوية في أوروبا والولايات المتحدة.

برر كازلغوسز جريمته أثناء محاكمته بقوله إنه لم يشعر أن "رجلا واحدا يجب أن يتمتع بسلطات كبيرة، بينما لا يتمتع رجل آخر بأي شيء". وقد أعدم ليون كازلغوسز في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1901.

الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي 1963

أطلق الرصاص على الرئيس الأمريكي الخامس والثلاثين جون إف كينيدي وقتل خلال سير موكبه بمدينة دالاس بولاية تكساس في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1963. كان الجمع الغفير يحيي الرئيس وزوجته أثناء مرور سيارتهما المفتوحة في الشوارع. أطلقت عدة أعيرة نارية مصيبة الرئيس في مؤخرة رقبته ورأسه، وأعلن عن وفاته بعد أقل من ساعة. صدم موت كينيدي الدولة وتأثر بشدة كل من معارضي سياساته ومؤيديها جراء الحادث المأساوي. ولا يعرف أحد حتى اليوم من هو العقل المدبر وراء اغتيال كينيدي، لكن ما زالت العديد من النظريات المختلفة قائمة.

وبعد تحقيق قصير أجرته لجنة وارين، استخلصت النتيجة بأن مرتكب الجريمة هو شخص واحد فقط. وبعد وقوع حادثة الاغتيال بعدة ساعات تم القبض على ضابط البحرية الأسبق لي هارفي أوزوالد، البالغ من العمر 24 عاما في جريمة قتل الرئيس، ولكنه لم يعترف أبدا بارتكابه الجريمة، وقتل أوزوالد بعد يومين فقط من احتجازه. لم تظهر التحقيقات الأخرى التي أجريت حول مؤامرة الاغتيال أي دليل حقيقي، لكن ذلك لم يوقف تشكيل نظريات المؤامرة الواسعة. ساور العديد ون الشك في تورط منظمة معينة أو وكالة مثل وكالة المخابرات الروسية KGB، أو مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، أو وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، أو الشرطة السرية أو حتى المافيا. كما يعتقد البعض أن أشخاصا مثل الدكتاتور الكوبي فيدال كاسترو، أو خليفة كينيدي ليندون بي جونسون قد قاموا بتنظيم مؤامرة الاغتيال. ويعتقد آخرون أن حكومة سرية داخل الحكومة الأمريكية هي المسئولة عن الهجمات. فقد نظر إلى كل منهم على أنه لديه الدافع، والفرصة، والوسائل للقيام بهذه الجريمة المعقدة.  

زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج 1968

أطلق الرصاص على مارتن لوثر كينج، الزعيم الديني الأسود، وزعيم الحقوق المدنية المؤثر، والحاصل على جائزة نوبل للسلام، وقتل أثناء وقوفه في شرفة حجرته بفندق صغير في مدينة ممفيس بولاية تينيسي في 4 أبريل عام 1968. تواجد كينج، الذي شجع على حدوث تغيير اجتماعي من خلال وسائل سلمية، في ممفيس لدعم احتجاج لعمال الصحة. اعترف القاتل المزعوم جيمس إيرلي راي بارتكابه الجريمة للهروب من عقوبة الإعدام، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة. واعترف لاحقا بأن محاميه أجبره على الاعتراف وواصل الادعاء ببراءته.  

وقد خلص التحقيق البرلماني الذي بدأه مجلس النواب الأمريكي إلى أن راي قد يكون جزءا من مؤامرة أكبر، من المحتمل أن تكون جماعة من المتطرفين الجنوبيين خططت لها. كذلك تم تكليف فريق من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI لمراقبة كينج يوم الحادث، ونتيجة تواجدهم في المكان إلى جانب ادعاء نائب رئيس الشرطة، جيم جرين، بوجود مؤامرة بقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي، كان هناك بعض التكهنات بتورط المكتب في جريمة الاغتيال. ولم تتوفر أية أدلة على وجود أي مؤامرة أو تورط مكتب التحقيقات الفيدرالي.  

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر: تقرير واشنطن-العدد88