النص الكامل لكلمة عميد الحوزة العلمية الزينبية سماحة الشيخ محمد أمين الغفوري بمناسبة الذكرى السنوية لإستشهاد مؤسس الحوزة العلمية الزينبية المفكر العـالمي سماحة السيد حسن الشيرازي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله بجميع محامده كلها على جميع نعمه كلها، والصلاة والسلام على البشير النذير السراج المنير الحبيب المصطفى أبي القاسم محمد (ص)، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المنتجبين ( ع ) . في الذكرى ... السنوية لاستشهاد مؤسس الحوزة العلمية في سوريا وصاحب المؤلفات العديدة والإسهامات الكبيرة في عالم الفقه والفكر والأدب آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي ( قدس سره ) سأرجع الى كلمة عمرها أكثر من 35 عاما للشهيد الراحل خطها مؤرخة في 25 شعبان 1391هـ في مقدمة لكتاب : ( مدرسة الإمام المهدي الدينية ) التي أسسها في لبنان كنواة للحوزة العلمية هناك : يبدأ الشهيد المؤسس : (( فَلَوْلاَ نَفَرَ - مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ - طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )) (سورة التوبة - آية 122) هذه الآية المباركة، تصوغ الخطة لنشر الفكر الإسلامي- في عهد الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم). كل فرقة تدخل في إطار الإسلام،ترسل طائفة من أفرادها إلى المدينة المنورة لإستيعاب الثقافة الإسلامية، فإذا تفقهوا في الدين رجعوا إلى قومهم،و أنذروهم عن مغبة الإسترسال في حياتهم العفوية، لعلهم يقننون حياتهم بالقانون الطبيعي الذي هوالإسلام. و كما هي الخطة في عهد الرسول، هي الخطة في كل عصر .....فالخطط القرآنية عناصر أصيلة من الخطط الكونية، ومصدر المجموعتين واحد هو الله ، والله تعالى عندما يخطط لا يخص بها مجموعة بشرية و لا فترة ، وإنما يصوغه للبشرية جمعاء مدى الحياة ، فيجعلها قادرة على الإنطلاق بذاتيتها نحو الأبد ، ولا بدفعة يد ، ولا بلمعة فكر. فكما أن إستمرا ر الحياة كلها يعتمد على ذاتية تصميم الحياة ، كذلك إستمرار الخطط التوجيهية في القرآن يعتمد على ذاتية تخطيطها. وهذه الخطة إستمرت بذاتيتها ، و تستمر مدى الحياة ، فالبعثة هي الوسيلة الناجحة لتعميم الفكر. فقاعدة الإشعاع تستهلك كفاءاتها في إنتاج الطاقة ، فلا تجد الكفاءة لإرسال الطاقة إلاّ إذا تخلت عن جزء من كفاءتها على حساب الإنتاج ، فيشلُّ فيها زخم التوليد لكي تبقى قاعدة الإشعاع قاعدة لإشعاع وبمعنى الكلمة. فعلى كل من يرى الشعاع أن يمدَّ يده ليقتبس ما ينفي الظلام حوله. الشهيد الراحل لم يؤسس الحوزات في العالم ومنها هذا الصرح العلمي الشامخ الى جوار المرقد الطاهر لحفيدة الرسول الأكرم ( ص ) زينب بنت علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) في سوريا العطاء والضيافة ، بل باشر في هذه الكلمة القيمة الموجزة صياغة فلسفة تأسيس الحوزات العلمية وإستمراريتها وبالأصالة المعهودة منه – ر – في جميع إدبياته حيث : - أوضح أن أصل مشروع الحوزات العلمية يعود الى عهد الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) وطبقا للآية المباركة المذكورة أنفا ، والتي تحث على التفقه والتثقف في الدين وليس لمجرد التفقه بل لنقله ونشره وكما يقال اليوم : يجب ان لا يكون التعلّم لمجرد التعلّم بل للتعليم ونشر العلم والإلتزام والعمل والتحرك والتبليغ وما الى ذلك . فالمشروع ليس مستحدثا اوترفيا او مستهلـِكا فقط بل ضرورة وحاجة وقاعدة لإشعاع الحضارة الإسلامية وإستمرارا لذلك الإشعاع ، فإذا اٌريد لهذه الحضارة أن لا تنخفض كفاءة إرسال إشعاعها مستقبلا لما تصرفه من طاقات على طريق إنتاج الطاقة اللازمة للإشعاع حاضرا عليها التضحية بجزء من الإنتاج وزخمه في الحاضرلضمان الإشعاع في المستقبل وإستمراره على مر العصور . الشهيد المؤسس يشير الى الأصالة و الضرورة والحاجة ويتطرق الى المرجحات في زحمة أعماله و مسؤولياته الكبيرة و كأنه يقول : مهما كانت التزاحمات والأولويات والمسؤوليات الأخرى لابد من المشاريع الحضارية التعليمية التربوية كالحوزات حتى بالتضحية بجزء من الإنتاجية في العمل والتبليغ في الحاضر لضمان المستقبل لأن العمل والزمن يستهلك الطاقات والموارد والعاملين . أتصوران ذلك يعكس حرص شديد على العمل والتبليغ وحمل القضية وأداء الأدوارالأخرى وتأكيد على الهدفية في التعليم والتحوط من التخمة والغرق في النظريات . كما يشير الشهيد الراحل في نفس الكلمة – ر- الى حقيقة أن الخطط القرآنية عامة للجميع وتتجاوز الزمن فهي عناصر أصيلة من الخطط الكونية، ومصدر المجموعتين واحد هو الله ، والله تعالى عندما يرسم الخطط يجعلها قادرة على الإنطلاق بذاتيتها نحو الأبد ، ولا بدفعة يد ، ولا بلمعة فكر. وهنا للراحل إشارة الى نقطة محورية في الخطة والتخطيط وتتلخص في أن المخطط يجب أن يضع ضمن الخطة ما يضمن الإستمرار لها ، وهو ما يسمى اليوم بمأسسة الخطة ومأسسة عملية التخطيط . نعم بهذا العمق الفكري القرأني الأصيل والإيمان والإخلاص والتوكل والتوسل بدأ فأنجز الكثير حول العالم مما كبير وأصيل وحداثي وهذا الصرح الشامخ " الحوزة العلمية الزينبية " دليل على نجاحه وشاهد على فلاحه , فكان وبقي ذلك العالم والشهيد ذكراً طيباً يتردد على الألسن كحديث للعطاء والبناء والهمة العالية والإيمان والإخلاص والحب العميق للرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) واهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) ولا سيما مولاتنا وسيدتنا زينب ( عليها السلام ) حيث اختار اسمها المبارك اسما للحوزة التي أسسها وكأن الشهيد الراحل يحاول ومرة اخرى محاولة خالدة ليجسد لنا بأنه ليس بالمؤسس وان حفيدة الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) بمقامها ومكانتها عند الله الواحد الأحد هي التي أسست هذا الصرح العلمي التربوي الشامخ ، هذا وتطرق الشيخ علي الرباني الخلخالي في كتابه القيّم حول السيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليهما السلام ) الى الحوزة العلمية الزينبية فقال : ( الحوزة العلمية الزينبية في الشام أسسها الشهيد الكبير .... آية الله الحاج السيد حسن الشيرازي (قدس سره الشريف) بجوار مرقد السيدة زينب (عليها السلام) . ثم أضاف قائلا : ان أحد العلماء المجاورين لحرم السيدة زينب ( ع ) رأى في عالم الرؤيا السيدة زينب ( ع ) وهي جالسة في مجلس ، فدخل الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي، فأشارت السيدة زينب ( ع ) الى الشهيد وقالت : ( لقد أخرجني هذا من غربتي ) هنيئا لك سيدنا هذا الوسام . وفي هذه المناسبة اتقدم بشكري الجزيل لمشاركتكم وحسن الإصغاء وتقديري وإحترامي للكادر العلمي والتدريسي والإداري ولا سيما لزملاء وطلاب ومعاوني الشهيد الراحل الذين وقفوا معه على طريق بناء هذا الصرح العلمي لبنة لبنة وتعزينا لسماحة المرجع أية العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي ( مد ظله ) والأسرة الشيرازية جميعا ولاسيما لسماحة أية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي ( حفظه الله ) الذي اشترك معنا في هذا الحفل التأبيني والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
|