بإخـتـصار ( 4 ) :

 

الإسلام  مع الدولة الحارسة ام مع دولة الرفاهية ؟

 

 

فؤاد عباس

 

دولة الرفاهية: Welfare state :

يعرف البعض دولة الرفاهية كالأتي :

(( مصطلح يشير إلى قيام الدولة بتقديم :

خدمات

وتأمينات اجتماعية

ومعونات

إلى أفراد المجتمع

بما يحقق ارتفاع مستوى المعيشة أوضمان حد أدنى لها .

وينطلق هذا المفهوم من :

حق كل إنسان في الحياة الكريمة

ومن نظرة اجتماعية وإنسانية قوامها وجود رابطة قوية بين رفاهية ( طيب العيش ) الأفراد ورفاهية المجتمع.

و تشمل الخدمات والتأمينات في دولة الرفاهية :

 التعليم

والصحة

ومستوى من الدخل

وتوفيرالعمل

والتأمين ضد العجزوالشيخوخة على سبيل المثال لا الحصر.

ولا تعتبر دولة الرفاهية اشتراكية بالضرورة على الرغم من وجود سمات مشتركة.)) (1)

التعريف المتقدم يصف دولة الرفاهية بالدولة التي تقدم الى افراد المجتمع خدمات وتأمينات ومعونات ، وذلك اما لتحقيق ارتفاع مستوى المعيشة أولضمان حد أدنى للمعيشة ، وينطلق إلتزام دولة الرفاهية بتقديم تلك الخدمات والتأمينات والمعونات من حق كل إنسان في الحياة الكريمة ومن نظرة اجتماعية وإنسانية تقوم على اساس وجود علاقة قوية بين رفاهية الأفراد ورفاهية المجتمع. كما يذكر التعريف بعض الأمثلة لتلك الخدمات والتأمينات والمعونات مما يؤكد على إختلاف كم ونوع ومجال الخدمات والتأمينات والمعونات من دولة رفاه معينة الى دولة رفاه اخرى ، وينبه التعريف الى أن دولة الرفاهية لا تعتبر اشتراكية بالضرورة على الرغم من وجود بعض السمات المشتركة بين الدولة الإشتراكية ودولة الرفاهية والتي تكاد تتلخص في أصل إلتزام الدولتين بتقديم الخدمات والتأمينات والمعونات المذكورة لكن من منطلقات وتفسيرات متباينة وتمويلات مختلفة لتلك الخدمات والتأمينات والمعونات ونظام إقتصادي مختلف .  

بينما يعـرف البعض الأخردولة الرفاهية في الإطار التالي :    

(( دولة الرفاهية هي ما يفترضه المجتمع في الدولة التي تتحمل مسؤولية رسمية وواضحة نحو تحقيق الرفاهية الأساسية لأعضائها وتظهر مثل هذه الحالة إذا :

أصبح المجتمع أوالذين يتولون أموره مقتنعين بأن رفاهية الفرد بجانب حفظ النظام والأمن القومي من الأهمية بمكان بحيث لا يمكن تركها للتقاليد أوالتنظيمات غيرالرسمية والمشروعات الخاصة بل هي مسؤولية الحكومة .

و يقابل دولة الرفاهية التي تقوم باداء الخدمات التي يتطلبها المجتمع الدولة الحارسة gendarme state   وهي التي تقتصر وظيفتها على وضع القواعد لصيانة النظام في المجتمع . )) (2)

التعريف الثاني يصف دولة الرفاهية بالدولة التي التي تتحمل مسؤولية رسمية وواضحة نحو تحقيق الرفاهية الأساسية لأعضاء المجتمع فلا تترك الدولة رفاهية الفرد للتقاليد أوالتنظيمات غيرالرسمية والمشروعات الخاصة بل تجعل الدولة رفاهية الفرد من مسؤولية الحكومة. وينطلق إلتزام دولة الرفاهية بتحقيق الرفاهية الأساسية لأعضاء المجتمع من قناعة الدولة اوالشعب بالحقيقة التي تؤكد على الدور الهام لرفاهية الفرد في حفظ النظام والأمن القومي .

كما يشيرالتعريف الى مفهوم الدولة الحارسة gendarme state   فيحدده بالدولة التي تقتصر وظيفتها على وضع القواعد لصيانة النظام في المجتمع.

وهناك تعـريف ثالث لـ  Welfare state  يطلق على دولة الرفاهية أسم الدولة الرعوية ويعـرفها كالأتي :

(( إن الدولة الرعوية هي هيئة تسلطية تدعي الحق في إخضاع الفرد وحقوقه إخضاعاً كاملاً لمصلحتها,وتزعم بأنها المقاول أورب العمل الرئيسي ومزود المجتمع بالخدمات التي يحتاجها في آن , وبكلمات أخرى , فإن الدولة الرعوية تستحوذ على مهمات إقتصادية شاملة وتسهرعلى مصلحة المواطنين بتزويدهم بالخدمات الأساسية كالصحية منها والتربوية والإسكانية.)) (3)

التعريف الثالث يبدو انه ينظر وفقط الى دولة الرفاهية الإشتراكية غيرالديمقراطية ، وهذا غير صحيح لأنه هناك دول رفاه غير ديمقراطية وغير إشتراكية كما هناك دول رفاه ديمقراطية غير إشتراكية ورأسمالية تعتمد الإقتصاد الحر ونظام السوق مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميريكية التي نما إلتزامها بمسؤوليات دولة الرفاهية الى حد كبيرمنذ الحرب العالمية الثانية وحتى السبعينات.

هناك منْ يربط بين دولة الرفاه من جهة والإشتراكية اوالديمقراطية الإجتماعية اواليساراواليسارالوسط اواليسارالجديد اوالوسط اوالطريق الثالث اوالرأسمالية الخيرة اوالليبرالية اوالنيوليبرالية اليسارية اوزيادة الضرائب اوحزب العمال في المملكة المتحدة اوالحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية ، ويقابله منْ يربط بين الدولة الحارسة من جهة والرأسمالية اواليمين اوالنيوليبرالية اليمينية او المحافظين الجدد اوتخفيض الضرائب اوالحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأميريكية اوحزب المحافظين في المملكة المتحدة من جهة ثانية .

يبدو أن ذلك الربط على إطلاقه ليس بصحيح كماهو واضح من المصاديق المذكورة إضافة الى أنه لا توجد دولة رفاهية مطلقة كما لا توجد دولة حارسة بالشكل المطلق للدولة الحارسة كما في التعريف .

يبدو ان النظام الاقتصادي في الاسلام يجعل الدولة دولة رفاه حارسة من الدول غير التدخلية : دولة تضع السياسات الموجهة وتراقب الإنتاج والإقتصاد الحرّ ليكون الإنتاج وكل الأعمال والمهن بيد الناس ، فتنحصر مهام الدولة في تنظيم الاقتصاد والإنتاج، حفظ العدل، تكافؤ الفرص ، منع الإجحاف، والتوجيه إلى سدّ الشواغر، استكمال النواقص، المراجعة ورفع الخلل وما نحوذلك ، فهي لا تتدخل فيما عدا ذلك إلا مؤقتا وعند ضرورة الضرورة وبمقدار الضرورة وبما يضمن حرية المبادرة والمنافسة الحرة ونظام السوق الى جانب مستلزمات الرفاه التي تختلف مع المفهوم السائد للرفاه مساحة وتمويلا وتحويلا في رسم الميزانية حيث يوجب ويلزم الدولة بخفض النفقات وبتأمين الضمان للجميع إضافة الى التوجية كي تكون الأجور والأسعار بما يحقق الرفاه لكل إنسان والعمل على نفي البطالة والتضخم والفقر والحرمان ،ومكافحة الجهل والمرض.

 

مواضيع ذات علاقة :


 

1- خفض المساعدات الخارجية ... ومناقشة خفض الضرائب للأغنياء .

2- الجيل الجديد من اليسار الجديد .

3- مستقبل البلرية .

4- دولة الرفاه العراقية بين الوهم والحقيقة .

5- يسارجديد في مواجهة المحافظين الجدد .

6- قراءات في فكر الإمام الشيرازي الراحل ( ر ):

- الأسعار والأجور والرفاه

- التجارة الحرة وإغراق السوق

- الخصخصة والتخصص

- الإنـتـاج والـدخل والفـقـر والحرية

- تضخم الجهاز الحكومي

- لا مركزية إدارة الدولة في الدستور

7- حيرة الضرائب: بين الإقتصاد والسياسة... بين الكفاءة والعدالة... بين قوى الضغط والرأي العام والمصالح الإنتخابية ( قريبا ) .

 

........................................................................

الـمصـادر :

(1) : كتاب موسوعة السياسة – الجزء الثاني -  د : عبد الوهاب الكيالي – ص: 713

(2) : معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية ص446 - الدكتور أحمد زكي بدوي

(3) : موسوعة الثقافة السياسية الإجتماعية الإقتصادية العسكرية مصطلحات ومفاهيم ص720 - عامر رشيد مبيّض