الـى مجلس إدارة العالم فـي منتدى دافوس
المهندس فؤاد الصادق
في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي بشرم الشيخ امس دعا الرئيس المصري حسني مبارك لعـولمة ذات وجه إنساني واكد على ان منطقة الشرق الاوسط تتوق للسلام والاستقراروالتنمية وتجتاز مرحلة هامة على طريق الديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. هذا وقال الملك الأردني عبد الله وبما أننا "نعيش فرصة ذهبية للسلام والاستقرار والإصلاح الشامل بحلول 2010" فلا مفر من " حدوث تغييرات أليمة" كما وصفت لبنى القاسمى وزيرة اقتصاد الإمارات" بدون ذكر ما نوع تلك "التغييرات الأليمة"، ولكي يحدث اى تطوير في المنطقة يجب أن "يتم من فوق" عن طريق قيادة حكيمة ومثابرة وصبورة كما عبر عنها عبد الحفيظ الشيخ- باكستان. تغييرات أليمة وحتمية وغيرمحددة ومن فوق !! وكل ذلك يوصف بالفرصة الذهبية للسلام والاستقرار والإصلاح الشامل فهو يأتي تكملة لسلسلة الاجتماعات الإقليمية لمنتدى دافوس تحت عنوان " السلام وفرص الرفاهية في الشرق الأوسط" انه مجلس إدارة العالم اومنتدى دافوس الذي يعرف نفسه بمنظمة غير حكومية لا تهدف للربح مقرها جنيف بسويسرا ، أسسها أستاذ الاقتصاد كلاوس شواب عام 1971 لتلاقى النخب من 1000 من ممثلى الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى من أمثال نستلة وميكروسفت وبكتل، والقادة السياسيين بهدف النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التى تواجه العالم وكيفية حلولها. يعقد المنتدى اجتماعاته السنوية في دافوس "عاصمة مايكروسوفت" لوضع مسودات لخطط ومشاريع اقتصادية مشتركة، هذا الى جانب دوره في نشر السياسات النيوليبرالية للبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية المتوائمة أساسا مع خصخصة الخدمات الأساسية وتحريرالسوق وخلق مناخ يسمح بالاستثماربما يتطلبه ذلك من إصلاحات سياسية. ويلتزم المنتدى نظريا بمبادئ : القيادة الرشيدة- المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص- القضاء على الفساد والرشوة- المحاسبية ، وعلى المستوى العالمي فهو يحمل صوت القطاع الخاص في المنطقة العربية للعالم من خلال اتصالاته مع القادة السياسين ورجال الاعمال فى الولايات المتحدة- الاتحاد الاوروبي ومجموعة الثمانية. ومن الجدير بالذكر : - ان عقد الاجتماع في مصر يأتي متزامنا مع التراجع الكبير والسريع للنظام المصري عن بعض الخطوات الإصلاحية الشكلية السلحفاتية وتمديدها لقانون الطوارئ وزيارة نجل الرئيس المصري جمال مبارك الى الولايات المتحدة الأمريكية التي وصفت بالناجحة وما يدور هنا وهناك حول علاقة الزيارة بتوريثه الرئاسة في مصر وإستهداف الحكومة المصرية للقضاة وما تبقى من إستقلال للقضاء في مصر وقمعها الوحشي العنيف للمتظاهرين المدافعين عن إستقلال القضاء طبعا كل ذلك إضافة الى جهود الرئيس المصري الكبيرة المتواصلة لذبح الديقراطية الفتية في العراق وغيرها . واهمية التزامن تبرز في تصريح احمد نظيف الذي قال : "رياح التغيير تهب على مصر من الاتجاه الصحيح، الديمقراطية وفتح الاسواق يسيران يدا في يد" !! وتصريح رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الذي قال : "ان عقد الاجتماع في مصر يعطى اشارة واضحة للعالم كله ان مصر مفتوحة للاستثمار وجادة في عملية الاصلاح" !! طبعا بعض وزراء الحكومة المصرية هم أعضاء في هذا المنتدى ولذلك فهم حريصون على الافتخار بإقامة هذا المنتدى على أرض مصر، لاهثين وراء الاستثمارات الأجنبية لخدمة مصالحهم ونفوذهم وتسلطهم الذي يتعارض مع الإصلاح جملة وتفصيلا كما ويتناقض مع ما يلتزم المنتدى نظريا به من مبادئ : كالقيادة الرشيدة والخصخصة والقضاء على الفساد والرشوة . - أن مديرالبنك الدولي رفض دعوة المنتدى للمشاركة في إجتماع شرم الشيخ الأخير وهو من اكبر الصقور بين المحافظين الجدد ومعروف في إلتزامه بالدمقرطة والأصلاح و بالطريقة المقابلة لحمائم المحافظين الجدد الذين باتوا يعرفون برجال الصفقات اوالمحافظين الجدد الواقعيين !. - ان اجتماع المنتدى في شرم الشيخ جاء بعد أيام من حذف ليبيا من قائمة الإرهاب وقرارتطبيع العلاقات بين ليبيا وامريكا بعد جهد جهيد للعقيد القذافي وبمساهمات كبيرة من نجله سيف الإسلام وحضور لبنت العقيد عائشه القذافي لتجسيد تحرير المرأة ومشاركتها وعلى أعلى المستويات!!. - ان الحضور والدور المكثف لسيف الأسلام القذافي وجمال مبارك ولاسيما مع زيارة الأخير لأميركا والمتمثل حاليا بدور كل منهما في إنقاذ ابيه يذكرنا بزيارة نجل امير قطر السابق وامير قطرالحالي الى الولايات المتحدة الأميريكية ابان حكم والده حيث بعدها نجح في تمريرالإنقلاب وإقصاء الأب و... الـخ . فهل يمكن أن يعـيد التاريخ نفسه مع بعض الرتوش في مصر وليبيا حين يصل الإصلاح الى الإنسداد ؟ نترك الإجابة للمنجمين وخبراء الصفقات والمتمرسين على المغالاة في نظرية المؤامرة حبا اوبغضا ، الأهم انه في هذه الظروف والشروط الحساسة ما كان يجب لمنتدى دافوس الذي يطلق عليه البعض أسم مجلس إدارة العالم أن ينعقد في مصر لدلالاته وإشاراته واثاره السلبية الكارثية على مستقبل الإصلاح في مصر والعالم مما لا يتطابق مع مبادئ المنتدى ولا يخدم اهدافه المعلنة وإذا اراد المنتدى أن ينجح لابد أن يبحث وبجد عن سبل لأنسنة العولمة اكثر فأكثر وأن لا ينخدع بتبريرات فصل السياسة عن الإقتصاد للتملص من الإصلاح فالإصلاح الإقتصادي دون إصلاح سياسي وهم وضرب من الخيال بل لابد للمنتدى أن يضيف اليهما الأخلاق للتمكن من إدارة العالم وقيادته نحو السلام والرفاه انه مجلس إدارة العالم كما يصفه البعض فالعولمة الأحادية المتمثلة بالعولمة الإقتصادية لاتمهد للقاء بين الإنسانية والأنسان ولا تقود إلا الى الهزيمة والإنهـزام .
|