بإختصار -3- :

                                        مِن تسويق المنتوجات إلى تسويق المقترحات

 

عفاف الصادق

 

 

أتصور إن الكثير من المهارات و الفنون و التجارب التي تضمن النجاح في تحقيق مبيعات عالية و بالتالي أرباح جيدة فيما يخص السلع و البضائع و المنتوجات تصلح أيضاً لتسويق المقترحات في الحوارات و المباحثات وذلك بعد التنقيح لما بين تسويق المنتوجات و المقترحات من فوارق واضحة.

وللمثال هناك شركة Bombay Co. تختص ببيع مفروشات تقلد المفروشات التي كانت شائعة في المملكة المتحدة خلال القرنين الثامن عشر و التاسع عشر. وهذه الشركة تملك حوالي (400) مخزن في أمريكا الشمالية و من جملة ماتتميز به الشركة أن أسعارها أقل من أسعار الشركات المنافسة بنسبة30-60%كما أنه لا يوجد أي قطعة أثاث في مخازنها تكلف أكثر من 500 دولار, و تقدم الشركة ضماناً بدون قيد أو شرط مع كل قطعة تبيعها.

كيف يبرر رئيس الشركة روبرت نورس ذلك؟

يقول نورس:

إن أفضل وقت لإكتساب زبائن مدى الحياة هو عندما يضطر الزبون إلى إرجاع القطعة التي اشتراها و إسترداد المبلغ الذي دفعه. و يضيف:

( نحن على استعداد لإسترداد القطعة المباعة بكل رحابة صدر و حتى بدون طلب الفاتورة من الزبون و تكلفة ذلك بالنسبة لنا تكاد لا تذكر إذا ما قيست بالمردود الذي تعطيه ألا و هو إخلاص الزبون. لقد نسي العدد من بائعي التجزئة معنى الخدمة الحقيقية )(1).

و يستعرض المؤلف مجموعة المبادئ لإسترضاء الزبون في مرحلة مبكرة للإحتفاظ به ضمن الزبائن الدائمين الأوفياء للشركة, و من هذه المبادئ ما يقول فيه :

( اقترحْ حلا مبنياً على رغبات الزبون : إذ كان طلب الزبون مقبولاً لديك وافق عليه, و حققه له فوراً. يقول ستانلي ماركوس في كتابه : Minding the store:

إن إعطاء الزبون ما يطلبه أفضل من مفاصلته. إنْ أنت فاصلته, فعلى الأرجح أنك ستفقد هذا الزبون مستقبلاً. و يتحدث ماركوس عن تجربة حصلت معه في بداية عمله , إذ ْ ابتاعت سيدة منه ثوباً مصنوعاً من قماش رقيق مطرز يدوياً و تلزمه عناية خاصة. و يبدوا أن السيدة بعد أن إرتدت الثوب لمرة واحدة و شوهته بعض الشيئ قررت أن تعيده إلى المحل . و فعلا عادت به إلى المحل و طالبت بإسترداد نقودها, فما كان من ماركوس إلا أن أعاد لها نقودها بكل سرور, معتبراً ان ثمن الحصول على زبونة بديلة أكبر من قيمة الثوب. و قد ثبت له في النهاية أن تصرفه كان صائباً, إذْ يقول في كتابه :(( على مدى سنوات ابتاعت هذه السيدة من محلنا ما قيمته 500000 دولاراً))  )(2).

الإستنتاج:

في تسويق و بيع المنتوجات هناك بائع و مشتري و منتوج و في تسويق المقترحات هناك مقترح و مقترح عليه و إقتراح.

فلماذا حين نقدم إقتراحاً لفرد أو جهة لا نتفانى في إستكشاف المقترح الأقل كلفة بالنسبة للمقرح عليه؟

و لماذا لا نسلط الضوء على الفارق المذكور في الثمن بصورة مقارنة مع الإقتراحات الأخرى الأكثر تكلفة لضمان قبول الإقتراح؟

لماذا لا نستعرض لأنفسنا الضمانات الذاتية التي يحملها الإقتراح و التي من شأنها تحقيق رغبات المقترح عليه و لا سيما تلك الرغبات المقبولة و ذلك لإنضاج الإقتراح لأنفسنا أولاً وقبل التقدم به للأخر ؟

لماذا لا نوضح كل الضمانات المذكورة اعلاه للمقترح عليه لترغيبه في الإقتراح؟

لماذا لا نسترجع إقتراحنا بكل يسر و سرور و رحابة صدر مفترضين الإقتراح بالوناً للإختبار و جساً للنبض لإنضاج ما هو أمثل و أقرب للقبول لتقديم مقترح اخر لاحقاً ؟

و كما يسترجع ذلك البائع بضاعته فوراً من زبونه معتبراً أن ثمن الحصول على زبون بديل أكبر من قيمة البضاعة المسترجعة ؟

قال الرسول الأكرم صلى الله عليه و اله و سلم:

( المؤمنون هَيــِّنونَ لَيــِّنونَ )(3).

...................................................

المصادر:

( 1)- طرق كسب الزبائن و زيادة الأرباح- جيل غريفن- ترجمة: أيمن الأرمنازي- ص143-144

( 2)- نفس المصدر- ص206-208

( 3)- بحار الأنوار 67-355-8