![]() |
||
![]() |
طريق طويل وصعب للتخلص من الفقر
النمو الاقتصادي يعود بالمليارات لكنها لا تذهب للجميع دعونا نبدأ بالأخبار السارة. تقول هذه الأخبار إنه لم يسبق لنسبة كبيرة من الناس في العالم أن عاشت بعيداً عن الفقر المدقع، كما هي الحال الآن. ففي 1981 كان خُمسا سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر الشديد البالغ دولاراً واحدا يوميا، وفي 2001 كان الرقم خُمس السكان ولم يسبق للاقتصاد العالمي أن نما على نحو أسرع من النمو الحالي لفترة متواصلة، وأن البلدان الكبيرة جداً والفقيرة جداً هي المصادر الرئيسية لهذا النمو ويمثل هذا النمو تحديات سياسية وتحديات بيئية بشكل خاص، لكنه قصة نجاح تنموي دراماتيكي والأكثر من ذلك أنه بينما توجد عقبات أمامنا، إلا أن هناك كل الأسباب التي تدعو إلى الأمل في إمكانية استمرار هذا التقدم الذي ينتشل الكثير من الناس من الفقر. وينبغي لكل من يهمه مصير فقراء العالم أن يبتهج أكثر مما ينوي بكثير. لكن من الصعب أن يشعر المرء ببهجة كبيرة في وقت تتربص فيه الحرب والمجاعة عند عتبة الباب. فرغم التقدم الكبير الذي تم إحرازه على صعيد خفض نسبة الفقر، ما زال ملايين الناس يعيشون في بلدان تعاني فقرا شديدا. ومن المحتمل أن يظل الحال كذلك وقد أطلق الاقتصادي الخبير بشؤون التنمية، بول كولير، على هؤلاء الناس اسم "المليار المسحوق" وتشكل الحالة التي يرزحون تحتها أحد التحديات التي تواجهها السياسات في العام الجديد ولسنوات كثيرة مقبلة. أما المؤسسات التي تقع عليها مسؤولية التفكير في هذه المشاكل فهي الوكالات التي تقدم المساعدات. لكن التنمية تحتاج إلى أكثر من المساعدات - وفي الحقيقة هي في أحيان كثيرة لا تتطلب المساعدات بالمرة ولا يعني هذا أن صناعة المساعدات تقوم بعمل سيئ - ولوجه الحقيقة، فإن بعض وكالات المساعدات تقوم بعمل رائع والبعض الآخر ليس كذلك والحكومات المانحة لم تجعل من أولوياتها معرفة أي الوكالات تقوم بعمل رائع وأيها لا تفعل ذلك لكن الصعوبة أعمق من ذلك: المساعدات ليست في غالب الأحيان ما تحتاج إليه البلدان الأشد فقراً. ويعيش المليار المسحوق في ظل حرب أهلية، إما في بلدانهم أو بالوكالة، باعتبارهم جيراناً سيئي الحظ لبلد يعيش حالة حرب مع نفسه. والكثير منهم محاصرون في عالم يتزايد اعتماده على الاتجار العالمي بالبضائع والخدمات. وأصبح تآكل التربة ونقص المياه ظاهرتين شائعتين بشكل محزن، ناهيك عن تفشي الملاريا والإيدز وغيرهما من الأمراض المدمرة كما أصبح الفساد متفشياً كالوباء - ففي بلد يعاني الفقر الشديد، أصبحت فرصة العمل الوحيدة هي اللصوصية وكل ذلك يعني انتشار الفوضى وانعدام الأمن اللذين يعتبران شريّن بحد ذاتهما ويثبطان الخطط طويلة المدى للدولة وللقطاع الخاص على حد سواء وفي ظل هذه الظروف، لا ينبغي أن يندهش المرء من حقيقة أن المساعدات وحدها لن تنتشل الناس الأشد فقراً من فقرهم. وهذا ليس سبباً للتخلي عن المساعدات، رغم أنه ينبغي على وكالات العون أن تحاول أكثر مما تفعل لتقييم برامج المساعدات بهمة ونشاط. بل يجب أن يكون هذا أحد الأسباب الداعية لوضع جدول أعمال أوسع. وأوضح الطرق التي تستطيع بها الدول الغنية أن تقدم العون تتمثل في المحافظة على السلام في المناطق التي تمزقها الحروب، أو على الأقل تمويل قوات حفظ السلام وتقديم الدعم لها. لكن هذا بدوره هو أصعب الطرق وأخطرها وأكثرها إثارة للخلافات على صعيد تنفيذ السياسة التنموية ويمكن للسياسة التجارية أن تلعب دوراً هي الأخرى على هذا الصعيد فقد نجحت جهود الولايات المتحدة لفتح أسواقها أمام شركات التصنيع الإفريقية، لكنها يجب أن تكون أوسع نطاقاً وينبغي أن تعمل البلدان الغنية الأخرى على تنسيق مبادراتها. ولا تستطيع حرية التجارة بأي حال أن تفعل الكثير للبلدان التي ليس لها منافذ ولا توجد فيها طرق وتعاني من المعوقات البيروقراطية الداخلية الرهيبة للتجارة. فقد أظهرت دراسة بحثية قام بها البنك الدولي أن عمليات التفتيش الجمركي والإجراءات البيروقراطية الأخرى تسبب تأخيرات لبعض البلدان الفقيرة أكثر مما تتسبب به الحالة البائسة لبنيتها التحتية وهذا تذكير بأنه ليس كل مشاكل التنمية عصية على على الحل، لأن بعض المشاكل يمكن أن تحل بجرة قلم مسؤول بيروقراطي إن التنمية الصينية تبدو كالمعجزة، لكن لم يكن يتعين على الحكومة الصينية أن تحدث تغييرات كبيرة كي تبدأ في عملية النمو. والبلاد الإفريقية ليست أفقر مما كانت عليه الصين في سبعينيات القرن الماضي، لكن السبيل الذي تسلكه للخروج من حالة الفقر الذي تعيش فيه يبدو غير مطمئن أبدا ومن غير المقبول أن يستمر هذا العدد الكبير من الناس في العيش في حالة من الفقر المدقع. وهذا تحد يستطيع العالم، وينبغي له، أن يواجهه لكن دعونا لا نقلل من حجمه. وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق. المصدر:aleqt
|
![]() |