"أجندة أزمات" في
انتظار رئيس أميركا المقبل
جون هيوز
أي عالم ينتظر الرئيس الأميركي
القادم؟ سؤال قد لا يعني الكثير إذا ما عرفنا أن الرئيس الأميركي
المقبل سواء كان "ديمقراطياً"، أم "جمهورياً"، لن يشعر بأنه الوحيد
المبتدئ على الساحة الدولية لأن العديد من الدول تستعد هي الأخرى
للإعلان عن قادتها الجدد.
ففي روسيا يبدو أن الرئيس فلاديمير
بوتين مضطر لترك منصبه مع نهاية ولايته الرئاسية الثانية في نهاية شهر
مارس المقبل. وإلى غاية اللحظة لا نعرف من سيخلف الرئيس بوتين، أو ما
إذا كان سيبقى في الخلفية يحرك خيوط اللعبة السياسية دون أن ينسحب
تماماً ومن ناحية أخرى هناك قائدان جديدان
في كل من فرنسا وبريطانيا، حيث أبدى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي
استعداده لبلورة علاقات أكثر دفئاً مع الولايات المتحدة مقارنة مع سلفه
جاك شيراك.
غير أن نظيره البريطاني، جوردون
براون، وإن كان أكد على عمق الروابط مع واشنطن، إلا أنه شدد في الوقت
نفسه على استقلالية الخيارات السياسية البريطانية عن نظيرتها
الأميركية. وهكذا توجد أربع دول من بين الخمس دائمة العضوية في مجلس
الأمن تستقبل رؤساء جدداً في وقت قصير نسبياً.
وبعيداً عن الدول الأربع تلك تبرز
باكستان، الدولة المسلمة والحليفة للولايات المتحدة في حربها على
الإرهاب، التي من المقرر أن تنظم انتخابات رئاسية في الشهر المقبل. وفي
المقابل هناك أيضاً تركيا البلد المسلم الكبير الآخر الذي انتخب رئيساً
جديداً هو عبدالله جول مطلع الشهر الجاري، بالإضافة إلى استقالة رئيس
الوزراء الياباني "شينزو آبي" الذي مهد الطريق أمام قيادة جديدة تتولى
شؤون البلاد.
ولو نظرنا إلى الجانب الإيجابي لصعود
قادة جدد على الساحة الدولية لوجدنا أن ذلك قد يأتي ربما بأفكار
وسياسات مبتكرة وخلاقة ويطرح فرصاً جديدة لحل بعض المشاكل المستعصية.
لكن من جهة أخرى تبقى المشاكل التي يتعين على الزعماء مواجهتها من
النوع المألوف والمزمن مثل:
1- الاحتباس الحراري وتداعياته: وهنا
أسوق مثالاً صغيراً لمستُه شخصياً أثناء رحلة بالطائرة قمت بها مع
عائلتي فوق جبل "كليمنجارو"، الأعلى في أفريقيا، ليخبرني ربان الطائرة
بأن طبقة الثلج التي تغطي قمته ستختفي في أحسن الأحوال بحلول 2030، وفي
أسوئها عام 2020. وبدون الكتلة الجليدية فوق الجبل التي توفر الماء
للقرى الأفريقية في المنطقة فإن الأهالي سيعانون من العطش.
-الطاقة: تعاني الدول الصناعية
الكبرى في العالم من ندرة النفط، رغم استهلاكها المفرط له. ويضاف إلى
ذلك صعود الصين والهند على الساحة الدولية وزيادة الطلب العالمي على
الطاقة، لذا يتعين على العالم أن يولي اهتماماً أكبر لمصادر الطاقة
البديلة مثل الرياح والشمس والمياه.
3- التطرف على شاكلة التهديد الذي
تطرحه "القاعدة" وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تفسِّر الإسلام على
أنه دعوة لقتل اليهود والمسيحيين وغير المؤمنين
وعلى العالم أن يضم جهوده لدحر مثل هذا التفكير المتشدد وإيجاد
طرق للتعايش السلمي بين الديانات المختلفة.
4-
الفقر المدقع الذي تعاني منه أفريقيا وأجزاء من العالم العربي ويدفع
الناس إلى تبني الأفكار المتطرفة والإرهاب واستبدال ذلك بتنمية مستدامة
تزرع الأمل مجدداً في النفوس.
5- الأخطار النووية واحتمال اكتساب
المنظمات الإرهابية مثل "القاعدة" للسلاح النووي واستخدامه ضد أميركا،
ما يفرض علينا اليقظة والسعي إلى منع الانتشار النووي.
وبالإضافة إلى الأخطار والمشاكل
سالفة الذكر تبرز قضايا أخرى تستدعي اهتمام المجتمع الدولي، لاسيما
القادة الجدد الذين وصلوا إلى السلطة في بلدانهم لضمان الأمن والرخاء،
ونجملها في الآتي:
- الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي،
وضرورة خلق وطنيين قوميين يعيشان جنباً إلى جنب في سلام.
- مشكلة كوريا الشمالية وتشجيعها على
التخلي عن برنامجها النووي، والمضي قدماً في تفاهماتها الأخيرة مع
المجتمع الدولي.
- التعامل مع إيران التي مازالت
تتحدى الإرادة الدولية وتسعى إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
- تشجيع المسؤولين العراقيين على
تكريس المصالحة السياسية بين جميع الفصائل والطوائف في أفق خفض التواجد
الأميركي في العراق.
- التدخل في دارفور لفرض الأمن
والاستقرار ومنع استمرار عمليات القتل والعنف ضد الأهالي.
- التعامل مع زيمبابوي حيث يتحكم
نظام سلطوي في رقاب الناس، وكوبا التي يتعين تأمين انتقال سلمي للسلطة
فيها بعد رحيل فيديل كاسترو.
- مواجهة فنزويلا حيث يحلم "هوجو
شافيز" بتفجير ثورة اشتراكية في أميركا اللاتينية.
- تشجيع الصين وإقناعها بأنه آن
الأوان ليترافق الانفتاح الاقتصادي والنمو الكبير الذي حققته في العقد
الأخير مع انفتاح سياسي وإرخاء من الحزب الشيوعي لقبضته على الحياة
العامة.
- التعامل مع روسيا التي يبدو أنها
لم تستفد من مرحلة ما بعد الشيوعية، حيث جنحت بعيداً عن الديمقراطية.
وفي حال قرر الرئيس الأميركي المقبل
التركيز على القضايا الداخلية والابتعاد عن السياسة الخارجية فسيجد
مشاكل أخرى يتعين معالجتها مثل مشكلة الهجرة غير الشرعية. فقد فشل
الكونجرس وإدارة الرئيس بوش معاً في معالجة المشكلة واجتراح الحلول
المناسبة لها وتقرير مستقبل 12 مليون مهاجر غير شرعي يعملون في
الولايات المتحدة. ومع أن الرئيس بوش أنفق الكثير من رأسماله السياسي
لبلورة خطة قادرة على تجنب الأزمة المالية التي يعرفها التأمين
الاجتماعي، إلا أنه فشل في ذلك بسبب معارضة الكونجرس لخطته. ويضاف إلى
ذلك التأمين الصحي الذي مازال ينتظر اقتراحات السياسيين لإخراجه من
أزمته الحالية.
*مساعد وزير الخارجية في إدارة الرئيس ريجان
و كل
ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق.
المصدر:الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس
مونيتور"-30-9-2007
|