ميليشيات التجار
علي إبراهيم
عندما يتوفر السلاح يجب البحث عن المال وراءه، وفي الحالة الصومالية الحالية التي تشهد صعود نفوذ وسيطرة ميليشيا المحاكم الاسلامية، هناك شبه تأكيدات بأن اموال التجار الذين ملوا الفوضى والاتاوات التي يفرضها امراء الحرب المتنازعون، هم الذين يقفون وراء تمويل ميليشيا المحاكم من اجل تحقيق الاستقرار في العاصمة، وتأمين تدفق البضائع عبر الموانئ. وهناك حديث عن رجل اعمال، هو الداعم الاساسي ماليا لهذه الميليشيا التي احدثت مخاوف من ان تكون هناك قوى تستلهم افكارا متطرفة مثل القاعدة، بما يهدد بتحويل الصومال الى افغانستان جديدة. وهدف هذا الممول هو تأمين تجارته اكثر من أي هدف ايديولوجي اخر. وما يؤكد ذلك هو ان سيطرة هذه الميليشيا التي بدأت في الظهور على الساحة في العام 2004 تنحصر في مقديشو العاصمة مركز البيع والشراء والمطارات والموانىء الحيوية للتجار ورجال الاعمال والذين كانوا يعانون من 3 ميليشيات متصارعة في المدينة، بينما لا تزال الحكومة بعيدة وسلطتها ليست محترمة في البلد المهدد بالتقسيم (ارض الصومال وبونت لاند). ويتذكر البعض مسيرة حركة طالبان او الطلاب في افغانستان في بدايتها وكيف بدأت بحركة تحظى بشعبية بين الناس الذين ملوا فوضى زعماء الحرب والميليشيات والاتاوات التي يفرضونها، وكيف انتهت طالبان في النهاية متحالفة مع تنظيم القاعدة، وما سببته من دمار لبلدها ونشر للارهاب في العالم، ويقارن هؤلاء بين طالبان في بدايتها والمحاكم الاسلامية الصومالية الان. هذه المخاوف مشروعة في ضوء التضارب والغموض المحيط بفكر ميليشيا المحاكم والفتاوى المتعارضة التي تصدر عن قادتها، والادلة السابقة على محاولة تنظيمات متطرفة استخدام الصومال كقاعدة ارتكاز لتنفيذ مخططات ارهابية في دول اخرى. لكن في نفس الوقت فان ميليشيا المحاكم لها الفضل في اعادة الاهتمام الاقليمي والدولي بالصومال الذي ترك خلال الـ 15 عاما الاخيرة يرتع في الفوضى وسيطرة الميليشيات المتقاتلة في غياب اي صيغة للدولة هناك. وما زالت صورة المستقبل في الصومال غير واضحة او حاسمة حتى الان، فحتى سيطرة ميليشيا المحاكم على مقديشو ليست ثابتة والمعارك تتجدد بين فترة واخرى، وان كان المؤكد ان الحالة هناك دخلت مرحلة حسم نحو صيغة جديدة لم تتضح بعد. وهناك مسؤولية على المجتمع الدولي والاتحاد الافريقي والدول العربية في العمل على مساعدة القوى المختلفة في الصومال، على الوصول الى اتفاقات وصيغة مشتركة لبناء اسس الدولة، وايجاد مستقبل افضل للصوماليين، فهذا افضل للعالم ولافريقيا وللدول العربية بدلا من ان يتحول الصومال الى مركز لتصدير الاضطرابات والارهاب. وكما يلعب المال الدور الحاسم في تشكيل الميليشيات واظهار زعماء الحرب، فانه يمكن ان يلعب دورا حاسما في اعادة الاستقرار وبناء الدولة من جديد، واشعار الناس بأن هناك صيغة حياة افضل للمستقبل، وان الاستقرار يخلق وظائف ومدارس واملا للشبان، بعيدا عن السلاح او استغلالهم من قبل قوى التطرف. و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور. المصدر: الشرق الأوسط اللندنية-11-7-2006
|