واشنطن ... تحديات الهجرة ومراقبة الحدود

 

جيمس بينكرتون

 

يواصل الرئيس الأميركي جورج بوش الترويج لفكرته المتمثلة في قانون هجرة "شامل"، رغم أن الأحداث الجيوسياسية تتحالف لإضعافه، وبالتالي يمكننا المراهنة على الواقع، بدلاً من إيديولوجية بوش، من أجل الفوز.

يحسب للرئيس تشبثه بقناعاته الراسخة؛ إنه يؤمن إيماناً راسخاً بتحقق الانسجام عن طريق التدفق الحر للأشخاص عبر الحدود الوطنية. والواقع أن هذه القناعات هي من القوة إلى درجة أنها تضعف محاولاته للظهور أمام الرأي العام بمظهر الرئيس الصارم إزاء موضوع أمن الحدود في وقت يناقش فيه الكونغرس تشريعات ذات صلة. وقد أوردت صحيفة "واشنطن بوست" أن بوش الذي زار المناطق الحدودية في ولايتي نيومكسيكو وتكساس، كان سعيداً بالتحدث مع السكان بالأسبانية.

أما الرسالة من وراء هذا الحديث بلغة غير إنجليزية، فهي بطبيعة الحال أن كل هذا التشدد ليس سوى حيلة هدفها تهدئة اليمين. إذ يعتقد بوش أنه عندما تهدأ الأمور، سيتم منح العفو وستواصل الولايات المتحدة مسيرتها الطويلة نحو الثنائية اللغوية.

تلك إذن هي رؤية بوش، غير أن أربعة أحداث وقعت مؤخراً تضعف هذه الرؤية؛ الحدثان الأولان، هما المخططان الإرهابيان المفترضان اللذان تم الكشف عنهما الأسبوع المنصرم في أنجلترا وكندا. وإذا كانت تفاصيل المخططين سيتم توضيحها في المحاكم، فإنه سيتكشف أن العشرات من الشباب المسلمين خططوا لهجمات تستهدف بلدان الاستقبال.

والواقع أن الإسلاميين المتشددين في الجارة كندا لا يبدو أنهم على صلة بتنظيم "القاعدة"، كل ما في الأمر أنهم لا يحبون البلدان التي يقيمون فيها. أما قائمة تظلماتهم وشكاواهم، فطويلة جداً، وبالتالي فيمكننا أن نستنج أن المسلمين الغاضبين لا ينسجمون جيداً هنا في الغرب. وهو أمر منطقي نظراً لأن الغربيين لا ينسجمون جيداً في العالم الإسلامي.

أما في حال كان الأمر يتعلق بصراع حضارات، فمن الجنون بل التهور، أن تتراخى الولايات المتحدة بخصوص قضايا الأمن الداخلي. يذكر أن صحيفة "دنفر بوست" أفادت أن المئات ممن ألقي القبض عليهم في الحدود الأميركية- المكسيكية كانوا من مواطني دول تشكل مصدر قلق؛ مثل إيران والسعودية. وبطبيعة الحال، فوسط الفوضى التي تعتري الحدود، لابد أن اثنين تمكنا من التسلل إلى الداخل مقابل كل شخص تم إيقافه.

من المرتقب أن يرغم خطر الإرهاب الذي تم استيراده إلى الولايات المتحدة، واشنطن قريباً على القيام بالأمر الصحيح بخصوص مراقبة الحدود. ولكن علينا في الوقت نفسه أن نجيب على الأسئلة الأساسية حول من ينبغي ومن لا ينبغي، أن يعيش في هذا البلد. ولا غرابة إذن أن السياسة تصاعدت حرارتها، في وقت يسعى فيه جمهوريو مجلس الشيوخ المؤيدون لبوش إلى حمل جمهوريي مجلس النواب المستقلين على قبول مخطط بوش القاضي بمنح العفو لمخالفي قوانين الإقامة. وبالتالي من الطبيعي أن تكون للحدثين الثالث والرابع اللذين أضعفا بوش علاقةٌ بمجلس النواب. ففي الآونة الأخيرة، فاز الجمهوري توم تانكريدو الذي جعل من مراقبة الحدود قضيته، في استطلاع للرأي بميشيغان. نعم، نائب مغمور من كولورادو هزم كل الأسماء الكبيرة مثل السيناتور جون ماكين والسيناتور بيل فيرست والسيناتور سام براونباك، الذين صوتوا جميعهم مع بوش لقانون العفو. فإذا كان ماكين والبقية يتوفرون على المال والمستشارين، فإن تانكريدو لديه أمر أفضل بكثير، ألا وهو موضوع ساخن، قضية الهجرة.

والواقع أن شوكة تانكريدو تقوت بفضل الحدث الرابع، وهو فوز الجمهوري براين بيلبري في انتخابات خاصة بمجلس النواب في سان دييغو. لقد كان من شبه الأكيد أن المقعد محجوز للجمهوريين، ولكن الديمقراطيين اعتقدوا، بالنظر إلى تدني شعبية بوش، أن أمامهم فرصة. بيد أن بيلبري، الذي أيد بناء جدار على طول الحدود الجنوبية، تغلب على مرشح الديمقراطيين. ومما لاشك فيه أن فوزه سيقوي إصرار الجمهوريين في مجلس النواب على الثبات على مواقفهم ضد كل من الديمقراطيين وبوش، الذين تتميز مواقفهم بالتساهل.

صحيح أن لجمهوريي مجلس النواب مشاكلهم، ولكن فيما يخص الموضوع بالغ الأهمية المتمثل في الهجرة، فلديهم فائز سياسي. وبالتالي يمكن القول إن جمهوريي مجلس النواب هم عماد الدفاع عن أميركا، وهو موقع ليس سيئاً بالنظر إلى انتخابات 2006 النصفية وما بعدها.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور

المصدر: الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست -15-6-2006