مقتل الزرقاوي.. نقطة تحول للعراق وأميركا

 

توماس فريدمان

 

مقتل الارهابي ابو مصعب الزرقاوي في العراق حدث مهم ـ سواء بالنسبة للعراق او للجدل السياسي الاميركي حول العراق.

وهو امر جيد بالنسبة للعراق لعدة اسباب. اولا تم رصد تحركات الزرقاوي لان شخصا في جماعته في العراق انقلب ضده. ونحتاج لمزيد من مثل ذلك، لان العراق سيستقر فقط اذا ما انقلب المزيد من العراقيين ضد الارهاب وانضموا للحكومة. ثانيا يمكن لـ«القاعدة» التحدث كما تريد بخصوص خلافة الزرقاوي، ولكنه ليس من السهل العثور على بديل، لأنه كان ارهابيا علي مستوى عالمي. فقد نشر الارهاب في العراق لمدة ثلاث سنوات، في الوقت الذي نجح فيه من الفرار من الجيش الاميركي وسلاح المارينز والأسطول والقوات الجوية ووكالة المخابرات المركزية. والأشخاص السيئون مثله لا يتوفرون بسهولة. الا ان موته سيصبح نقطة تحول فقط اذا ما ادت الى انضمام مزيد من العراقيين الى حكومة مترابطة والجيش. وفي نهاية الامر هذا هو المهم.

كما ان مقتل الزرقاوي، يثير اهتمامي فيما يتعلق بالسياسات الاميركية. فقد اوضحت استطلاعات الرأي الاخيرة ان الديمقراطيين لا يتمتعون فقط، بثقة، في التعامل مع القضايا الداخلية الرئيسية ـ من الرعاية الصحية الى الميزانية ـ ولكنهم حصلوا على نفس المعدلات، في الاستطلاعات، مع الجمهوريين في قضايا تتعلق بالأمن القومي، وهو من نقاط ضعف الحزب الديمقراطي التقليدية. وإذا ما كنت ديمقراطيا، لما شعرت بالراحة.

وما اظهرته تلك الاستطلاعات هو نتيجة اداء الرئيس بوش غير الكفوء في العراق، اكثر منه نتيجة لظهور رسالة مقنعة من الحزب الديمقراطي حول الامن القومي او مجموعة من المرشحين يحظون بالاحترام بخصوص الدفاع. وينتابني الاحساس ان الناخبين لا يستمعون عبر اذانهم عندما يتعلق الامر بالأمن القومي. بل يستمعون عبر حدسهم. ويصوتون اعتمادا على احساس غريزي عما اذا كان المرشح يدرك وجود اعداء حقيقيين وعلى استعداد لمواجهتهم.

وما يذكرني به الزرقاوي ومجموعة الارهابيين الذين تم القبض عليهم في كندا أخيرا هو انه مهما كانت قناعاتك بشأن حرب العراق فإن المجتمعات الحرة معرضة للتهديد من جانب الإرهابيين. وهو ما يشعر به العديد من الاميركيين. وإذا ما رغب الديمقراطيون في السيطرة على قضية الامن القومي فيجب عليهم اقناع البلاد بأن لديهم استراتيجية مقنعة، لمرحلة ما بعد العراق لحشد العالم ضد الاصولية.

واحد من الكتابين، لمؤلفه بيتر بينارت، «المعركة الناجحة: لماذا بإمكان الليبراليين وحدهم كسب الحرب على الارهاب وجعل الولايات المتحدة عظيمة مرة اخرى». اما الكتاب الآخر، فهو مجموعة مقالات جمعها مارشال ويل تحت عنوان «بكل قوتنا: استراتيجية تقدمية لهزيمة الفكر الإرهابي والدفاع عن الحرية»، ويرأس المؤلف «معهد السياسات التقدمية».

يقول بينارت: «يجب على الديمقراطيين ان يعبروا عن نقدهم لجورج بوش بقوة، فقد فعل اشياء فظيعة، إلا ان الديمقراطيين يعملون في جبهتين، واحدة منهما ضد بوش والأخرى ضد الاصولية. هاتان قضيتان مختلفتان، ويجب ان يكون هناك حل للمشكلة الثانية».

ويقول بينارت ان اعظم انجاز لهاري ترومان كان إقناع حزبه والبلاد بأن «معاداة الشيوعية مبدأ ليبرالي، وليس مجرد مبدأ محافظ فقط. الديمقراطيون كانت لديهم استراتيجيتهم الخاصة للتعامل مع هذه القضية، وهي استراتيجية اشتملت على مؤسسات عالمية متنفذة مثل حلف شمال الاطلسي (الناتو)، الذي جعل القوة الاميركية مشروعة في الخارج، فضلا عن الحقوق المدنية التي جعلت من الولايات المتحدة بلدا افضل على الصعيد الداخلي». ينبغي على الديمقراطيين فعل ذات الشيء حاليا، وهذا يعني، كما يقول بينارت، بناء مؤسسات بوسعها التدخل في البلدان التي تعاني من الفشل والاخفاقات وطرح استراتيجياتهم المتعقلة بمواجهة الجهاديين والتعامل بأمانة ونزاهة مع المعتقلين الذين يلقى عليهم القبض في هذا النوع من المواجهة.

كتب بينارد ايضا: «بعض الديمقراطيين يريد ان يصدق ان السبب الوحيد وراء خسارتهم للانتخابات هو اللعب غير النزيه من الجانب الآخر، إلا ان هذا ليس السبب الوحيد».

ويرى مارشال ان الديمقراطيين في حاجة الى توصيل معلومات لناخبيهم مؤداها انهم يدركون تماما ان «الحريات تواجه خطرا عندما تكون هناك مجموعات من الناس في انحاء العالم تعتقد ان بوسعها قتل أي شخص في أي وقت». ويقول مارشال ان هناك نفيا جديا لذلك وسط بعض الديمقراطيين مع التركيز فقط على الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة.

يمكن ان يتعامل الديمقراطيون بمصداقية مع القضية، فهم يدركون ان «الرئيس قد بدد بعض الموارد وألحق ضررا بصورة الولايات المتحدة فيما يتعلق ببعض المبادئ والقيم في الحرب ضد الارهاب»، ويقولون: «ندرك ان الدول الحليفة لها اهميتها، وان السلطة يجب ان تمارس من خلال المؤسسات التي تضفي الشرعية على قوتنا وتساعد الآخرين على العمل معنا. وندرك ان القوة الاقتصادية للولايات المتحدة ووضعنا كمجتمع مزدهر ومنفتح يعتبران مصدر جاذبية هائلة للنموذج الاميركي».

وكل ذلك بحسب رأي  توماس فريدمان في المصدر.

المصدر : الشرق الاوسط – * خدمة «نيويورك تايمز» - 10-6-2006