الصفقة "النووية" الأميركية-الهندية إلى أين؟
بول رشتر
أوردت صحيفة الإتحاد الإماراتيرة مقالاً بعنوان الصفقة "النووية" الأميركية-الهندية مهددة بالفشل نصه: بات الفشل يهدد مصير الصفقة النووية الأميركية الهندية, والتي يعتبرها البيت الأبيض معلماً مهماً من معالم تركة السياسة الخارجية لإدارة بوش، والسبب هو تنامي معارضة الكونجرس والرفض الدولي لمشروع الصفقة. ومن جانبهم يقول مسؤولو الإدارة إنه لا بد من اتخاذ إجراء قانوني عاجل من قبل الكونجرس لإنجاح هذه الصفقة المعقدة, والتي يتوقع لها أن تفسح الطريق أمام التعاون النووي السلمي, من أجل تدشين علاقة تحالف تاريخي بين الولايات المتحدة الأميركية وإحدى القوى الآسيوية البارزة. غير أن المشرعين والقانونيين يبدون مخاوف من أن تقوض هذه الصفقة كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المبرمة من أجل حد للانتشار النووي, إلى جانب احتمال تشجيعها للطموحات النووية لدول أخرى مثل إيران. ورغم الضغوط التي يمارسها مسؤولو الإدارة, بما فيها تلك المنسوبة للرئيس بوش شخصياً, إلا أن عدداً من كبار الجمهوريين ظلوا على تحفظاتهم عليها. من هؤلاء ممن التزم الصمت التام بيل فيرست, رئيس الأغلبية بمجلس الشيوخ إزاء التشريع الخاص بالصفقة, بينما لم يبد الزعيم الجمهوري هنري جي. هايد, رئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ أي التزام تجاهها. وعليه فإن أمام البيت الأبيض شهورا عديدة من تأجيل النظر في الصفقة. ذلك أنه من غير المرجح مطلقاً أن ينظر مجلس الشيوخ في مصير هذه الصفقة في أي موعد سابق للانتخابات النصفية, المتوقع إجراؤها في نوفمبر القادم, وفقا لبعض المساعدين والمستشارين. أما في مجلس النواب حيث تشتد معارضة الصفقة, فقد صرح الجمهوري توم لانتون, أحد كبار الأقلية في لجنة هايد, بتأييده لها. غير أنه حذر في الوقت ذاته من أنها لا تحظى بدعم الثنائي الحزبي الذي تتطلبه من أجل المصادقة عليها. إلى ذلك فقد تنامت المعارضة الهندية للصفقة في أوساط بعض القوى والجماعات المناوئة. وحسب هؤلاء فإن في الصفقة ما يعرض استقلال الهند للخطر, علاوة على إضعاف موقفها بين مجموعة الـ45 دولة الأعضاء في المنظمة المسيطرة على التجارة النووية. وليس أدل من تأثير هذه المعارضة وقوتها, من الحديث الذي أدلى به شيام ساران وزير الخارجية الهندي, عقب محادثات مشتركة جمعت بينه والمسؤولين الأميركيين في العاصمة البريطانية لندن مؤخراً. فقد نقل عنه عدم استبعاده لخلو العلاقات الأميركية مع بلاده من أي صفقة للتعاون النووي بينهما. وعلى الرغم من إقراره بأن فشل إبرام الصفقة سيعد انتكاسة كبيرة في العلاقات الاستراتيجية بين بلاده وواشنطن, إلا أن المتوقع لهذه العلاقات أن تنمو وتتقدم تحت كل الأحوال والظروف, بسبب وجود مصالح حيوية مشتركة أخرى. أما في حال إجازتها والمصادقة عليها من قبل الكونجرس, فإنه يتوقع لها أن تحدث تحولاً نوعياً في طبيعة العلاقة النووية التي ربطت بين واشنطن ونيودلهي. فقد ظلت سياسات واشنطن النووية إزاء الهند, سياسة ترمي إلى معاقبتها على تطويرها ترسانتها النووية الخاصة, في تحد سافر منها لكافة الأعراف والتقاليد الدولية الخاصة بهذا النوع من الأسلحة المحظورة. والمقصود بهذا التحول, أن إجازة الكونجرس للصفقة المذكورة, ستمنح الهند استثناء قانونياً دون غيرها, ينص على منع أميركا من توفير التكنولوجيا النووية لأي من الدول التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي. وبعد إجازة الصفقة المذكورة, سيطالب الكونجرس بالمصادقة على معاهدة أخرى, تهدف إلى تقنين العلاقة الجديدة مع الهند. وحتى هذه اللحظة, لم يتخط المفاوضون الأميركيون والهنود مرحلة مناقشة شروط ونصوص المعاهدة المذكورة, التي يتوقع لها أن تشمل مبيعات أميركا من التكنولوجيا والخبرة النووية. وفي المقابل يتوقع أن تسمح الهند للمفتشين الدوليين بتفتيش منشآتها النووية المدنية, في حين تبقي على منشآتها العسكرية طي السر والكتمان. هذا ويحتج مسؤولو إدارة بوش بأن في مساعدة أميركا للهند في تقنيتها النووية السلمية, ما يقلل من حدة التنافس الدولي على موارد النفط, فضلاً عن تأثيراتها البيئية الإيجابية, وإنشائها سوقاً جيدة واسعة للاستثمارات الأميركية. ليس ذلك فحسب, بل إن في تحسين وتوطيد العلاقات مع الهند الديمقراطية, ما يشكل رادعاً لتنامي النفوذ الصيني, على المستويين الدولي والإقليمي على حد سواء. ولذلك فقد حذر مسؤولون أميركيون وهنود, من مغبة رفضها من الجانب الهندي في حال إجراء الكونجرس تعديلات أساسية على نصوصها المقترحة. وفي السياق ذاته أبلغ المشرعون الأميركيون بضعف موقف ونفوذ رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج, مقابل قوة تأثير القوى المعارضة للاتفاقية, ممثلة في الحركة الوطنية والحزب الشيوعي وحزب باهاراتيا جاناتا وغيرها من قوى المعارضة الرئيسية الهندية. هذا وتتمحور مخاوف المشرعين الأميركيين المتحفظين والمعارضين للصفقة, حول تمادي أميركا في حماسها لتحسين علاقاتها النووية مع الهند, ومن أن تشجع الصفقة اندفاع الصين إلى تطوير علاقات تعاونها النووي مع باكستان, أو أن تتخذ منها روسيا ذريعة لزيادة تعاونها النووي مع إيران. وهذا هو سبب التحفظ القانوني عليها. محرر صحفي أميركي و كل ذلك بحسب المصدر المذكور. المصدر: الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز" -4-6-2006
|