حول تعقيدات الشراكة الأميركية- الصينية
جون هيوز
إذا كان العراق وإيران يكتسيان أهمية كبيرة بالنسبة لمخططي السياسة الخارجية في إدارة بوش، فمن المرجح أن تصبح العلاقة مع الصين أهم علاقة بالنسبة للولايات المتحدة خلال العقد المقبل. ذلك أن الصين حققت في السنوات الأخيرة تنمية اقتصادية كبيرة بوتيرة تبعث على الذهول. وأطلقت حملة دبلوماسية جديدة عبر العالم بهدف البحث عن مصادر جديدة للنفط في ظل ازدياد احتياجاتها للطاقة، إذ أصبحت اليوم ثاني أكبر مستهلك وثالث أكبر مستورد للنفط في العالم. كما أصبحت لاعباً أساسياً على الساحة الدولية. ويؤكد قادتها الشيوعيون أن أهميتها الدولية الجديدة هي جزء مما يسمونه سياسة "طريق التنمية السلمي". غير أن الصين عملت أيضاً على تطوير قوتها العسكرية. وبالتالي، فلا غرابة أن يبدي مراقبو العلاقات الأميركية- الصينية اهتماماً خاصاً بصدور التقرير السنوي للبنتاغون حول القدرات العسكرية الصينية. التقرير كشف أن "جيش التحرير الشعبي" بصدد تطوير نفسه من جيش كبير أنشئ لخوض حروب الاستنزاف الطويلة على أراضيه إلى قوة عصرية قادرة على خوض حروب قوية وقصيرة الأمد ضد خصوم يتميزون بالتكنولوجيا العالية. وإضافة إلى ذلك، أوضح تقييم البنتاغون أن الصين تتوفر على "إمكانات كبيرة تؤهلها لأن تنافس الولايات المتحدة عسكرياً مستقبلاً، كما أنها تعمل على تسخير تكنولوجيات عسكرية يمكنها مع الوقت أن تزيح التفوق العسكري الأميركي التقليدي". وقد أثار الحشد العسكري الصيني الجديد قلق وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الذي تساءل علنا العام الماضي: "لماذا كل هذا الاستثمار المتزايد؟ ولماذا صفقات شراء الأسلحة الكبيرة والمتواصلة؟" كما ينتقد البنتاغون بشكل خاص انعدام الشفافية بخصوص النوايا الصينية، ويتوقع أن الإنفاق الصيني على البرامج العسكرية هو أكبر مرتين أو ثلاث مرات في الواقع من الأرقام المعلن عنها رسمياً. ويرى تقييم البنتاغون الأخير أن الحشد العسكري الصيني ربما يكون مركزاً، في المدى القريب، على الاستعداد لـ"الحالات الطارئة في مضيق تايوان، مثل احتمال تدخل أميركي"، حيث نشرت الصين أكثر من 700 صاروخ باليستي متحرك وقصير المدى على قواعدها الساحلية المقابلة لتايوان، كما عززت عدد قواتها البرية في المناطق العسكرية الثلاث المقابلة لتايوان ورفعته إلى 400000 جندي. وعلاوة على ذلك، تتوفر الصين على أكثر من 700 طائرة حربية في المناطق القريبة من تايوان، كما تحصل على تقنيات متقدمة خاصة بالطيران الحربي من روسيا. والواقع أن الولايات المتحدة تسلك طريقاً صعباً في المنطقة، ذلك أنها تعترف بالصين وتربطها علاقات تجارية واقتصادية قوية مع بكين، من جهة. ولكن لديها التزامات دفاعية تجاه تايوان، من جهة ثانية. ومن الواضح أنها ستتدخل للدفاع عن الجزيرة في حال دخلت هذه الأخيرة في صراع عسكري مع النظام الشيوعي في الصين. ما قد يشعل شرارة الصراع هو إعلان تايوان رسمياً الاستقلال عن الصين، فالأخيرة تعتبر تايوان جزءا منها وإن كانت لا تتحكم فيها ولا سلطة لها عليها حالياً. وتلافياً لمثل هذه المواجهة، لا تتوانى الولايات المتحدة عن ممارسة الضغوط على الساسة التايوانيين من أجل تقليل الإشارة إلى موضوع الاستقلال، وبالتالي السماح للولايات المتحدة بمواصلة "سياسة الانخراط" تجاه الصين، مع مواصلة سياستها الودية والداعمة تجاه تايوان في الوقت نفسه. وإذا كان مبعث القلق الرئيسي هو احتمال القيام بعمل صيني عدائي في آسيا، فإن تقرير البنتاغون يشير أيضاً إلى تطوير الصين لصواريخ باليستية عابرة للقارات، يمكنها أن تصل إلى معظم مناطق العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، أضيفت إليها صواريخ باليستية جديدة يمكن إطلاقها من الغواصات. ولئن كانت القوات الصينية البحرية غير كبيرة، فإنها تتوفر على نحو 55 غواصة هجومية. ومن جهة أخرى، يشيد بوش بجهود الصين في محاولة احتواء طموحات كوريا الشمالية النووية، غير أنه يعتبرها مقصرة فيما يخص إيران، التي تربطها بالصين علاقات اقتصادية مهمة. بيد أن بوش يتعرض لضغوط داخلية أيضاً ممن لا يثقون في الصين، وربما في هذا الإطار تندرج محاولته دعم الهند حتى تصبح قوة مقابلة للصين في آسيا. وعليه، فالعلاقة بين الولايات المتحدة والصين، كما وصفها بوش جيداً، هي علاقة "جد إيجابية ومعقدة". مساعد وزير الخارجية في إدارة الرئيس ريجان و كل ذلك بحسب المصدر المذكور. المصدر: الإتحاد الإماراتية-ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور" -4-6-2006
|