التفاوض مع إيران جماعيا... وبشروط
ديفيد بروكس
ظل محمود أحمدي نجاد يشعر بالسعادة طوال الشهور الماضية. فقد كان يظهر هنا وهناك يتحدث عن القضاء على إسرائيل بلهجة رجل يعتقد انه يستطيع ابتزاز العالم وتهديده، رجل يشعر انه يهاجم ويسيطر على الموقف. إلا ان كل ذلك تغير بالامس، عندما اعلنت كوندوليزا رايس استعدادها لاجراء محادثات مع ايران بخصوص الوضع النووي اذا ما اوقفت ايران عمليات تخصيب اليورانيوم. وكما اشار روبرت كاغان، من معهد كارنغي، ان الولايات المتحدة، في عملية سريعة ومفاجئة وضعت نفسها مرة اخرى في مقدمة الاحداث. وسحبت المبادرة من احمدي نجاد وفلاديمير بوتين، وخلقت سلسلة من المشاكل لطهران. ما فعلته رايس هو إطلاق سلسلة من الاحداث يمكن ان تؤدي الى قرار من الامم المتحدة حول فرض عقوبات على ايران مع اقتراب شهر يوليو (تموز) المقبل. إلا ان التغيير في السياسة الاميركية بدأ في اواخر شهر ابريل (نيسان) الماضي، بعد عودة رايس من زيارة بغداد، وقررت ان الوقت قد حان لكي تواجه اميركا النزاع مع ايران. فقد تحولت مفاوضات الاتحاد الاوروبي الى فوضى. وفي الوقت ذاته ظهرت عدة اشارات الى ان ايران تصعد برنامجها النووي. وكان من الواضح ان ايران منتصرة. وقررت رايس اثارة القضية. ما يمكن ان تفعله، هو ايصال القضية الى مرحلة أزمة بما يعني التقرب من الحل. واتفق الرئيس بوش ورايس على مسار للاحداث ليس سلبيا ولا عسكريا. واتفقا على تسريع المسار الدبلوماسي. وقاما بذلك بدون توقع موافقة ايران على التفاوض بشرط ايقاف تخصيب اليورانيوم. وبالرغم من عدم وجود متفائلين في الادارة بخصوص احتمالات النجاح الدبلوماسي، فقد قرر بوش ورايس ضرورة استنفاد كل البدائل الدبلوماسية، لكي تجعل فرض العقوبات الدولية محتملا. لقد ابلغ بوش ورايس الحلفاء الاوروبيين والصين ان الادارة الاميركية ترحب بإجراء محادثات مع ايران ما دامت على شكل جماعي، وشريطة ايقاف الايرانيين برنامج التخصيب، وشريطة التزام الاوروبيين بهذه الشروط المسبقة وموافقة الاوروبيين وروسيا والصين، كتابة، على قائمة عقوبات تفرض اذا لم تعقد المفاوضات. ويبدو ان التوصل الى اتفاق حول كل ذلك لم يكن بالمهمة السهلة. وهناك البعض الذي يشك في ما اذا كانت الولايات المتحدة قد اقنعت الاوروبيين بقبول عقوبات اكثر تشددا. وقد وافق الحلفاء على انهم ـ في حال فشل الدبلوماسية ـ سيجمدون عضوية المصارف الايرانية من النظام المصرفي العالمي، ويوقفون قدرة ايران على الحصول على احتياطيها النقدي. ولكن لا يوجد أي ذكر لحظر على النفط او الغاز. ويشير دينيس روس المبعوث السابق لادارة كلينتون، والذي يؤيد مسار ادارة بوش، الى ان ايران لن تعيد تقييم سياستها بطريقة اساسية الا اذا اقتنعت بأن الولايات المتحدة مصممة على منعها من الحصول على القنبلة النووية وانها ستتسبب في آلام على نفسها. وبالرغم من ذلك فقد كانت الانجازات التي تحققت في الاسابيع الماضية مهمة. لقد خلق بوش ورايس سياسة متناسقة، ونظما موقف الاوروبيين والروس والصينيين حول تلك السياسة، ووضعا ايران في موقف دفاعي، وأجبرا الاجنحة المختلفة في النظام على الجدل حول نوعية الدولة التي يتصورانها. وفي النهاية يصعب تصديق ان يتفق المجتمع العالمي على موقف موحد. (هل اتفقت الولايات المتحدة والروس والصينيون على العقوبات، ام لفقوا خلافاتهم؟) إلا ان هذا المستوى من الكفاءة يجعلني اتذكر ان هذه الادارة قامت بأشياء جيدة في الاسابيع القليلة الماضية: ترشيح مايكل هايدن مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية، وهنري بولسن وزيرا للخزانة.. ربما لا تزال هناك طاقة في هذه الرئاسة. و كل ذلك بحسب راي الكاتب في المصدر المذكور . المصدر : ICAWS - خدمة «نيويورك تايمز» - 3-6-2006
|