مقالات و محاضرات

 

 

فـي الـذكـرى الثالثة للحرب في العـراق :

                                       اقول .. وتقول .. ويقول .. والجرح مازال ينزف وحفلة التـفـرج متـواصلة !!

 

 

 

 

المهندس حسين جهاد

 

 

مئات وربما ألآف المقالات والبحوث كتبت ونشرت مع الـذكـرى الثالثة للحرب في العـراق ما بين مؤيد ومعارض والأسباب والدوافع والمصالح مختلفة ومعروفة ومفهومة ومكشوفة وقد أراح نفسه والبلاد والعباد من تمسك بمقولة ان التاريخ سيحكم على قرار الحرب !!

يتساءل البعض :

حقا مافائدة هذا الجدل المرهق العقيم الذي لايغني ولايسمن من جوع !؟

لقد تحول الى نفس الجدل الذي مازال وسيبقى الى يوم الدين والدائر حول أسبقية الدجاجة والبيض في الوجود !

فما جدوى ذلك ! ؟

أنا بحاجة الى البيض كما انني بحاجة الى الدجاج وإنْ كانت انفلونزا الطيور التي أخشى أن تكون سياسية في بعض جوانبها قد حرمتني من الأثنين دفعة واحدة  ... يبدو أن انفلونزا الطيور أنضمت الى جبهة التضخم والبطالة لتكريس وتأصيل حرماني من البيض والدجاج .... أنا بحاجة الى الدمقرطة كما انني بحاجة الى السيادة الوطنية الكاملة ..... فما جدوى كلّ هذه المناقشات الفلسفية المعمقة التي تشرق وتغرب في ان واحد لتغييب الحقيقة وكأن هناك انفلونزا بأسم انفلونزا الدمقرطة على غرار انفلونزا الطيور ! ؟

وكمثال انقل وحرفيا نص تعليق الكاتب تيم هيمز في صحيفة التايمز20-3-2006 تحت عنوان "ثلاث سنوات وتبقى المأساة الوحيدة في غزو العراق هي حقيقة أن لا غزوات ستأتي بعدها في تلك المنطقة". !!

حيث ينتقد الكاتب في مقاله المناهضين للحرب في العراق وعلى رأسهم تحالف "أوقفوا الحرب" الذين يحملهم مسؤولية عدم إمكانية إزاحة أياً من الحكام الديكتاتوريين في العالم وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط.

ويضيف: "إن المأساة لم تكن قط بإرسال القوات إلى العراق عام 2003 بل في عدم وصول تلك القوات إلى هناك بشكل أبكر وبأعداد أضخم. ومأساة العراق اليوم هي أنه يحتفل بالذكرى الثالثة وليست السابعة لتحريره."

نعم مأساة العراق اليوم هي أنه يحتفل بالذكرى الثالثة وليست السابعة اوالثامنة او التاسعة او .....لتحريره من صدام لكن المأساة الأكبر للعالم تبقى في عدم التفكير في حملات إستباقية شاملة فاعلة وغيرعسكرية في إطار القانون والشرعية الدولية بما ولا يتعارض مع السيادة الوطنية لشل الديكتاتورية ومنعها مبكرا من التأصل والتجذر، وما يساق من حجج او ذرائع اوتبريرات للدفاع عن الحروب الإستباقية يمكن أن يُساق للدفاع.

هنا ايضا مع مؤاخذت أقل وخسائرأقل بكثير والتصدي لمثل هذا المشروع يستدعي موقفا شجاعا ومسؤولا من فقهاء القانون الدولي والى جانب فقهاء القانون الدستوري ، فالقانونان يعانيان من ثغرات وثغرات وموانع على هذا الطريق ولابد من الحل وإلا سيستمر الجدل العقيم وأقول وتقول يقول ويتواصل القيل والقال وتقلب الأحوال وإذا بأنفلونزا الديمقراطية تغتال كل مختال ...

حقا لولا تلك الثغرات ماكانت حاجة الى الحرب في العراق وما وقع ما كان ليقع لولا الغياب الطويل المتواصل للحملات الإستباقية الشاملة الفاعلة وغيرالعسكرية التي أشرنا اليها لوأد الديكتاتورية ودوليا في مهدها فالوقاية خير من العلاج في كل الأحوال والإحتياط حسن على كل حال :

فـهلا يتحمل كل منا مسؤوليته وكاملة فيما جرى ويجري لأهل العراق ؟

فـهلا نأخذ هذا الدرس مما وقع من خطأ وكان بالإمكان أن لا يقع لو ... ؟

 فلـيـراجع كل طرف في هذه الذكرى الثالثة المفرحة المؤلمة أخطاءه ليبدأ بالتصحيح وأكبر خطأ اليوم هو السكوت على المقايضات  والمشاركة في المساومات والصفقات التي تبرم في الظلام هنا وهناك للموافقة على  إنحراف العراق من الديمقراطية الدستورية الى الديمقراطية الميكافلية لتفجير حرب أهلية غير عراقية على أرض العراق لتمزيقه وتقسيمه وهذا مما يفتح الباب وعلى مصراعيه لألف تدخل عسكري آخر وألف وحرب إستباقية آخرى هنا وهناك وتستمر حفلة التفرج ويستمر النزيف .