في هذا الباب
المفاهيم أو القيم أو الحقوق الغائبة أو الـمُّغيَّبة سلوكياً ولاسيما التي نالَ التشويهُ منها لسبب أو لآخر بحاجة دائمة إلى التحديد والتعريف والتذكير بها، مثلاً: العدالة - المساواة - التسامح - التكافؤ - الحق في التعليم - الحق في العمل - الحق في حرية الرأي - الحريات الدينية - اللاعنف - الديمقراطية - الأمر بالمعروف - الوحدة - الإتحاد - التعاون - التعايش - الفيدرالية - الكونفدرالية - الإنصاف - اللامساواة الإيجابية التعويضية - الحق في الإنتخابات الدورية - التعددية - المقاومة - الإستقرار - الإصلاح - الصلح - التنمية - الحق في الحياة - المساواة أمام القانون - الصبر - حُسن الظن - المؤامرة - حقوق الإنسان - حقوق المرأة - حقوق الطفل.... هذه المفاهيم والحقوق وغيرها بحاجة إلى تعريف المجتمع بماهيتها وحدودها وآثارها لجعل الأفراد قادرين على التسلّح بمعرفة وفهم تلك المفاهيم وحدودها، لتحمي تلك المفاهيم أو الحقوق عن المصادرة أو الإنحراف أو التحريف أو التأويل أو التفسير أو الإلتفاف، وتُدافِعُ عن تلك المفاهيم والقيم والمبادئ، ولإنجاز مهمة التعريف المذكور هنالك أساليب عديدة منها: الأول: المحاضرة والتي تتميز بالتلّقي مِن طرف واحد. الثاني: الحوار المفتوح المتميز بالتفكير الجماعي الإبداعي. فيُديرُ الحوارَ مشرفٌ بإشراك الحضور ومشاركتهم ويتوقف مدى تحقيق هذه الحوارات لنتائجها المرجوة على عوامل كثيرة منها: ●تحديد موضوع الحوار إنطلاقاً مِن مشكلة محسوسة وقائمة، فالإلتزام والإلزام بالموضوع الـمُحدد علاوة على تحكيم بروتوكولات الحوار. ●إحاطة المشرف بجوانب المشكلة أو المفهوم أو الحق المرتبط بالموضوع والذي يُريد التعريف به في الحوار المفتوح. ●نجاحه في إثارة مناقشة مفتوحة صريحة شيقة وآمنة يشترِكُ فيها أكبر عدد مِن الحضور. ●نجاحه في شحذ كل ما يعرفه أو يتصوره المشتركون في الحوار المذكور عن موضوع الحوار. ●نجاح المشرف في توجيه ومساعدة المشتركين إلى إستكشاف القضايا وتحليلها بأنفسهم إلى جانب معرفة الحقائق، فبذلك لا حاجة كبيرة لجهد الإقناع إضافة إلى أن الإنسان عادة وغالباً أكثر تمسكاً بما يكتشفه بنفسه ويتأتى مِن تحليله الذاتي، وسيكون نجاح المشرف أكبر على هذا الطريق كلّما تحاشى الأسئلة الإيحائية أو الخادعة في الحوار مثل: التعددية حالة صحية، أليسْ الأمر كذلك؟ فالأسئلة (المغلقة) التي إجاباتها: "نعم" أو "لا" لا تخدم الهدف المتقدم، كما أن هذا النوع مِن الأسئلة لا يشجع على المشاركة، كما ينبغي تحاشي طرح أسئلة كثيرة مرة واحدة أو توجيه أسئلة غامضة. ●إختيار الموضوع المناسب في التوقيت المناسب والمكان المناسب، فكلما كان موضوع الحوار جديداً أكثر غموضاً والمجتمع يبحث عن معلومات بشأن الموضوع، والمعلومات شحيحة عن الموضوع، والموضوع يرتبط بواقع المواطن في الصميم و... الخ. أجل كلما كان إختيار الموضوع تتوافر فيه الشروط المذكورة كلما كان الحوار المفتوح أقرب إلى تحقيق أهدافه، وكأمثلة: * بعد إعتداءات 11 أيلول - سبتمبر الإرهابية، في الولايات المتحدة خصوصاً والغرب عموماً أختيار موضوع: (الإسلام والإرهاب) لحوارات مفتوحة كان يُعتبر إختياراً فاعلاً للتعريف بالوجه الحقيقي للإسلام، وموقفه في التصدي للإرهاب والعنف، ويدل على ذلك التهافت الكبير للمجتمع الأمريكي والغربي على المؤلفات والإصدارات التي تبحث عن الإسلام حينئذٍ. * بعد الإعتداء الإرهابي في الحلة - العراق - آذار 2005، في الحلة خصوصاً والعراق عموماً إختيار موضوع مِن المواضيع التالية لحوارات مفتوحة يُعتبر إختياراً صائباً: - الإرهاب يتفرغ لمقاومة الحق في العمل الذي يؤكد عليه الإسلام ويقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضمن الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للإنسان. - الإرهاب ومقاومة الحدّ مِن البطالة للإبقاء على أحد أسباب ودوافع الإرهاب فاعِله، أي البطالة ذلك المرتع الخصب للإرهاب. حيث أن العملية الأرهابية إستهدفت طابوراً مِن الأبرياء الذين كانوا قد أصطفوا أمام مركز صحي في الحلة لإستلام تقاريرهم الطبية بهدف التوظيف والعمل فكانت الضحايا ما يُقارب الـ 175 قتيل وأكثر منه جريح. - العلاقة بين الإستقرار والتنمية مِن جهة، وبين التنمية والبطالة مِن جهة ثانية، وبين البطالة والفقر والإرهاب مِن جهة ثالثة، وبين التنمية والديمقراطية مِن جهة رابعة، وبين الفقر وإنتهاك حقوق الإنسان مِن جهة خامسة و... - كيفْ تحول الأردن إلى قاعدة لتصدير الإرهاب إلى العراق؟ تصورات وحلول:- المقاطعة الإقتصادية أمْ الدبلوماسية أمْ غلق الحدود أمْ الضغط على الحكومة العراقية لتقديم كل الوثائق المتعلقة إلى مجلس الأمن مرفقاً بطلب تحقيق في الإعتداء أمْ التظاهرات والإعتصامات السلِّمية في العالم أمْ... * بعد التفجيرات الإرهابية التي إستهدفت المدارس في العراق يُعّد مناسباً إختيار العناوين التالية لحوار مفتوح: - الإرهابُ يستهدفُ الأطفالَ والتعليمَ: حقوق الطفل في الإسلام وفي المواثيق واللوائح الدولية - حقوق الطفل العراقي في الميزان - مقاومة الحدِّ مِن الأمية لترسيخ الديكتاتورية - كيفْ ولماذا حارب الإسلامُ الأمية؟ - هلْ هناك مشاركة واعية في الإنتخابات مع إرتفاع مستويات الأمية؟ - الأمية ومستقبل الديمقراطية. * في هذه الشهور التي تسبق الإستفتاء على الدستور وفي الوقت الذي مِن المفترض أن يكون البرلمان المنتخب في العراق قد بدأ بتدوين الدستور يُعد مِن المناسب جداً عقد حوارات مفتوحة وعلى مستويات مختلفة حوزوية، جامعية، شعبية، شبابية، إعلامية، نسائية، تخصصية، ... الخ، وتحت عناوين مختلفة: - مستقبلنا: الإقتصادي، السياسي، الإجتماعي، الثقافي و... سيرسمه الدستور الدائم، فماذا نحن فاعِلون؟ - الدستور الدائم سيُقرِرُ ولادة قادة أمثال صدام أمْ سيمنع مِن ذلك!؟ - أي نظام... أي مستقبل هذا الذي نرسمه لأطفالنا وشبابنا في الدستور الدائم!؟ هلْ سنصوت على دستور لا يُلزِم الدولة في آليات واضحة بحق العمل، بحق التعلم، بحق الزواج، بحق الحرية...، بلْ يُمهد لتضخم الأجهزة الأمنية تحت وطأة الإرهاب وضرورات الأمن غير المتوازنة فتحول الديمقراطية إلى الأمنوقراطية لينقلب حق السكن لأطفالنا وشبابنا في الغد حقاً مؤقتاً للسكن في قصور حديثة كقصر النهاية! - الإنتخابات أو كتابة الدستور لا يعدو عن كونه مدخلاً للديمقراطية: فكيفْ نكتب دستوراً يضمن إرساء الديمقراطية بأدواتها وآلياتها؟ وكيفْ تكون المشاركة في الإنتخابات أو الإستفتاءات مشاركة واعية ومسؤولة؟ - مَنْ نستشير وكيفْ نستشير قبل المشاركة في التصويت أو الإستفتاء إذا شعرنا بحيرة، وكيفْ نضمن عدم مصادرة حقنا المذكور بشكل أو بآخر؟ - لا دينية الدستور ورقة أخرى يُراهن عليها الإرهاب لإجهاض الديمقراطية في العراق: لماذا التأكيد على تثبيت إن الإسلام هو المصدر للتشريع؟ - دستور المبادئ والآليات والأدوات أم دستور المبادئ والخطاب السياسي فقط؟ - كيفْ يمكن أن يُدّون الدستور الدائم كي لا يبقى حبراً على ورق؟ - في الدستور الدائم: ما هي المؤسسة المستقلة التي ستضمن إجراء الدستور؟ ما هي المؤسسة المستقلة التي ستُّفسر الدستور؟ - ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الشعب في الإلزام بالدستور الدائم؟ هلْ يتوقف هذا الدور على الآليات والأدوات التي سيضمنها هذا الدستور على طريق: تكريس الحريات المدنية والسياسية - الحقوق الإقتصادية والإجتماعية - مواجهة الأمية والفقر الإقتصادي والثقافي - حرية الإعلام المستقل وغير الحكومي - حرية التجمع والإضراب - حرية التنظيمات ومؤسسات المجتمع المدني - تحديد وتكبيل فرض حالة الطوارئ - تفعيل وتنمية المؤسسات الدينية و... نكتفي بهذا القدر مِن الأمثلة على تأثير إختيار الموضوع المناسب في الوقت والمكان المناسب لتفعيل الحوارات المفتوحة لننتقل إلى دور العوامل الأخرى في إنجاح مثل هذه الحوارات للتعرف بالمفاهيم والحقوق والقضايا:- ●كلما كان المشرف على الحوار أكثر قدرة وخبروية في إدارة الحوار المفتوح وفقاً للشحذ الفكري أو العصف الفكري كلما التأثير الإيجابي أكبر وأكثر، لأن الشحذ الفكري هو طريقة لتشجيع الإبداع وإنتاج الأفكار وبسرعة فائقة، ويمكن إستخدامه لحل مشكلة معينة أو للإجابة عن سؤال مِن الأسئلة المرتبطة بالحوار، والمهم في هذا السياق إجتناب الأسئلة المغلقة، أي الأسئلة التي لها إجابة واحدة فقط، والتي تُستخدم لإختيار المعرفة، بل مِن الضروري جداً إستخدام المشرف للأسئلة المفتوحة التي تلعب دوراً كبيراً في تشجيع المشاركة والتحليل والإبداع والكشف والتصور والتأثير والتأثر، والأمثلة على الأسئلة المفتوحة كثيرة منها: الأسئلة الإفتراضية، أسئلة الحدس، أسئلة الدعم، أسئلة طلب الرأي، أسئلة السبر، أسئلة التوضيح، أسئلة التلخيص، أسئلة تحديد نقاط الإتفاق و...الخ، وكما تقدم يجب تحاشي الأسئلة الإيحائية أو الخادعة، لأن هذا النوع مِن الأسئلة لا يشجع على المشاركة، ويجب عدم طرح أسئلة كثيرة دفعة واحدة، أو توجيه أسئلة غامضة، وللنجاح لابد مِن تشجيع كل المشاركين على الإدلاء بدلوه دون إجباره أو إحراج على ذلك أو على بحث فكرة معينة فربما يؤدي ذلك إلى تبثيط روح الإبداع، هذا كله إضافة إلى ضرورة توزيع الأسئلة المذكورة بأنواعها بين أسئلة ترتبط بتحديد المشكلة وتعريفها، وأسئلة تبحث عن إستكشاف الحلول والإستراتيجيات الممكنة للمعالجة في عملية التفكير الجمعي المضغوط السريع. ●مِن قواعد الشحذ الفكري المعمول بها في هذه الحوارات هو الإلتزام والإلزام بعدم التعليق على أفكار أي مشارك إلا بعد إنتهاء عملية الشحذ الفكري برمتها في فترة مناقشة الأفكار، وبتحاشي تكرار الأفكار التي أوردها أو تطرقَ إليها مشاركٌ سابق. ●لابد للمشرف على الحوار مِن كتابة الأفكار أو الإقتراحات أو الرؤى التي يطرحها كل مشارك وفي شكل كلمات مفردة أو عبارات قصيرة، والأفضل أن تُكتب في مكان يستطيع الجميع أن يراه، وأن تتضمن كل مقترح جديد وكثيراً ما تكون المقترحات والرؤى الأكثر إبداعاً وإثارة للإستياء هي الأكثر فائدة وتشويقاً وتفعيلاً للحوار والإبداع. ●الأفضل أن يوقِفَ المشرِفُ الشحذَ الفكري المتقدم عند ما تُستنفذ الأفكار للإنتقال إلى مرحلة المناقشة، وذلك بلباقة وبعد سؤال الحاضرين عن وجود مقترحات أو أفكار جديدة أخرى، وذلك ليضيف المشرف بدوره بعض الأفكار والرؤى إلى جانب ما طرحه المشاركون سابقاً مُستكمِلاً ما فاتَ المشاركون في تحديد المشكلة بما يُمهد تعريف المشكلة بعناية ودقة وبطريقة مناسبة، ويُساعد المشاركين على إستكشاف الحلول والمعالجات والإستراتيجيات الأخرى للمشكلة أو المشاكل المترتبة على فهم خاطئ أو ناقص لأحد القيم أو المفاهيم أو الحقوق أو المشاكل. وحتى هذه المرحلة يكون قد تمَّ إنتاج قائمة مِن الأفكار يمكن أن تستخدم كمفاتيح تقود إلى بلورة معينة أو المشكلة في فهم قيمة مِن القيّم لتساعد وتُمهِّد تلك البلورة إلى حلّها ومعالجتها بمشاركة الجميع وتوجيه وإدارة المشرف للحوار المفتوح وذلك في مناقشة جماعية حرّة منفتحة بعيداً عن الحرج والجمود وإستنساخ الحلول والقوالب الجاهزة، والأفضل للمناقشة أن يشتركَ فيها الجميعُ كلما كان ذلك ممكناً، وأن يحاول المشرفُ قبل البدء بالمناقشة إستكمال الأبعاد الأخرى للمشكلة والتي أختفت عن المشاركين وذلك بإيجاز للمساعدة في إستيعاب الكلّ لجميع أبعاد المشكلة وبالتالي الإسهام في صياغة مبدئية للمشكلة قبل الدخول في مناقشة الأفكار والحلول والإقتراحات والبدائل، والتي قد تبدو كثيرة، لكن الأمر ليس كذلك وهذا يتضح بعد مراجعة سريع لقوائم الأفكار والحلول لتصنيفها في مجموعات تبعاً للترابط والعلاقات المشتركة فيما بينها، وبعد إستبعاد الأفكار والحلول الخارجة عن موضوع الحوار المفتوح ومحاوره، هذا ومما يُساهم في تفعيل وإنجاح المناقشة:- ●تشجيع المشاركين على الطلاقة والحرية والإبتعاد عن التحفظ والتردد بعيداً عن الضغوط والنقد غير البناء أو التجريح. ●إحترام الرأي الآخر وتقدير مساهمته بغض النظر عن قيمة الفكر أو مقدار مساهمتها، مع الإبتعاد عن النقد وإصدار الأحكام العاجلة، فلا ينبغي إستعجال تصحيح الأخطاء الفكرية في هكذا حوارات، بل لابد مِن التحلّي بالتروي والصبر ريثما يدلي الجميع بأفكارهم وآرائهم حول المسئلة المطروحة. ●البناء التدريجي للأفكار والإبتعاد عن التكرار والنمطية والمساهمة في إثارة حماسة ودافعية المشاركين في الحوار ليقدموا كل ما يمكن أن يسهم في تحسين الرؤى وتطويرها وبلورتها كي تصبح هذه الرؤى والأفكار المضافة والمحسنة مع غيرها مِن الأفكار التي سبقتها إطاراً وبناءً متجدداً يساعد على الوصول إلى الحلول الجديدة والأصيلة المتوخاة، فالفكرة السابقة دعامة للفكرة التي تلحق بها، والفكرة اللاحقة تأتي لتبني عليها وتطورها ولا تهدمها هكذا يجب أن تُدار الأمور في هذه الحوارات الجماعية المفتوحة. ●النجاح في تحكيم بروتوكولات الحوار والنقاش وما يرتبط بذلك مثل: عدم تحدث أكثر مِن شخص في وقت واحد، عدم المقاطعة، إنتقاد الفكرة دون صاحبها وعند الضرورة فقط، الإصغاء والتكلم بحسب الدور، وإستيعاب جميع الأفكار في الحوار وبكل ترحاب بعيداً عن السخرية أو الإستهزاء وإنْ بدت غريبة أو شاذة أو مضحكة. وفي ضوء كل ما تقدم وبعد الفراغ مِن المناقشة المذكورة يبدأ المشرف على الحوار الجماعي المفتوح بالبلورة أو الصياغة النهائية للفكرة أو المشكلة المرتبطة بمفهوم مِن المفاهيم، أو بحق مِن الحقوق، أو ...الخ، للإنتقال إلى النتائج و الإستراتيجيات والحلول والتوصيات لحل المشكلة: موضوع الحوار المفتوح ومحاوره. ومِن الجدير بالذكر أنه لإستخدام الوسائل المساعدة تأثير إيجابي كبير في إنجاح الحوارات المذكورة كالصور، الرسوم، الوثائق، الإحصاءات، الأفلام الوثائقية، تمثيل الأدوار، القصص...، هذا ولا يخفى ما للإستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والروايات وسيرة الرسول الأكرم وأهل بيته المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) مِن تأثير محوري بالغ ومنقطع النظير في هذا الإتجاه، وعلى كلِّ حال فالحديث في تقنيات الحوار المفتوح الذي يتميز بالتفكير الجماعي الإبداعي طويل جداً نكتفي بهذا القدر منه وكإشارة فقط لنؤكد مرة أخرى أن الحوار المفتوح المذكور لتحليل مشكلة مِن المشاكل وإيجاد الحلول لها أكثر فاعلية مِن غيره مِن السُبل والطرق الأخرى للمعالجة والتعاطي لأنه نشاط جماعي مشترك ويَدُ اللهِ مع الجماعة كما في الحديث الشريف إضافة إلى عدم إقتصاره على التلّقي مِن طرف واحد، وما قيل أو يُقال عن العمل والأداء الجماعي وفاعليته وكفاءته مقابل العمل أو الأداء الفردي يُصدق أيضاً على التفكير الجماعي الإيداعي الذي تتميز به الحوارات المفتوحة المذكورة، هذا وقد دلت دراسات تجربية كثيرة على أن بعض المهمات قابلة للتنفيذ الجماعي أكثر مِن بعضها الآخر، ومِن هذه المهمات التفكير الجماعي المشترك فأنه يُنجز في الغالب بسرعة أكبر وربما بنوعية أفضل، ولاسيما إذا أمكن إدارة التفكير الجماعي المشترك بنجاح وروعيت فيه قواعد العصف الفكري (Brainstorming ). إن الثورة المعلوماتية وتداعيات العولمة الثقافية وبوادر الإنفتاح والحوار والتعددية مِن جهة، وفرص الصحوة العامة ولاسيما في العالم الإسلامي مِن جهة ثانية وضرورة دعم حوار الحضارات، هذه الأمور وغيرها، توجب علينا جميعاً دعم هذه الضرورات بأدوات وتقنيات لتعميقها بالبناء الفكري والروحي والتربوي والسلوكي والمؤسساتي مِن ناحية، ووقايتها بالمراجعة والتقويم والإستشرافية الواقعية، والتجذير الثقافي والإجتماعي والسياسي مِن ناحية أخرى، ومِن هذه الأدوات والتقنيات: الحوار المفتوحة بالمواصفات المتقدمة إلى جانب المحاضرات وجهود وسائل الإعلام الأخرى، والذي نهدف تقديمه في هذا الباب الذي أطلقنا عليه "للتدريب" يتلخص في:- 1- إختيار مشكلة مِن المشاكل الساخنة كموضوع مُقترح للحوار المفتوح في الإطار المتقدم الذي يتعدى تأثيره المناقشة والبحث عن الحلِّ إلى التدّرب والتدريب كما أتضحَ فيما سبق. 2- إقتراح محاور لبحث المشكلة مِن جوانب مختلفة في التفكير الجماعي الإبداعي المسمى بالحوار المفتوح بما ويقود إلى التعرّف على المشكلة فتحديدها عبرَ تجزئة المشاكل الصعبة وتقسيمها إلى مشاكل فرعية يسهل التفكير والتعامل معها، وتجزئة المهام التفكيرية الكبيرة إلى مهام صغيرة بالعمل أولاً (في التفكير) على معالجة المشاكل الثانوية لإستحصال أفكار لمعالجة فمواجهة المشاكل الأكثر صعوبة والعمل كما يُقال بصورة عكسية في حل ومعالجة المشكلة أي أن نقرر أولاً ما هو الوضع المثالي، وبعد ذلك نحدد الخطوات التي يمكن أن تقود إلى هذا الوضع المثالي، وما يجب أن يسبق الخطوات تلك. 3- إقتراح مجموعة مِن الأسئلة المفتوحة المساعدة على الإستكمال الجمعي الإبداعي لتعريف المشكلة وتحديدها لإستكشاف الإستراتيجيات الممكنة لحل المشكلة فوضع خطة عمل تُحدد الخطوات العملية الواجب إتخاذها على المدى القصير والبعيد لمعالجة المشكلة والأخطاء المتوقعة وغير المتوقعة وكيفية التصرف معها ومراجعة الخطة وما نحو ذلك. هذا إضافة إلى تعريف ببعض المصادر والنصوص والوثائق الضرورية التي تُغني الإحاطة بموضوع الحوار ولاسيما للمشرف على الحوار، وسوف ننشر الحوارات المفتوحة التي ساهم المعهد أو غيره مِن المؤسسات والأفراد في عقدها وذلك في الإطار العام المتقدم لهذه الحوارات والبنود الثلاثة الأخيرة علماً أن الإقتراحات الواردة في هذه البنود عامة وبحاجة إلى التطوير والملائمة والتعديل طبقاً لمستويات وتوجهات وأعمار وإهتمامات ومواقف ودوافع المشاركين في هذه الحوارات المقترحة، ولا يسعنا ختاماً إلا أن نرحب بإنتقاداتكم ومشاركاتكم.
|