![]() |
||
![]() |
من يقرع ناقوس السلام ؟
اسماعيل داود
مرت قبل ايام الذكرى السادسة والعشرون ليوم السلام العالمي، اذ يصادف عام 1981 بادرت الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها المرقم 53- 25 باعتبار يوم افتتاح دوراتها العادية في ايلول يوما دوليا للسلام وتبع ذلك تحديد يوم الـ 21 من ايلول من كل عام يوما للاحتفال بهذه المناسبة. وفي تقليد سنوي يقام في مقر الامم المتحدة بهذه المناسبة يقوم الامين العام بقرع ناقوس السلام في حديقة مبنى الامانة العامة في خطوة يتبعها انشطة عديدة في اطار برنامج سنوي للاحتفال في المناسبة، كما اعتاد الكثير من الدول الاعضاء في الجمعية والوكالات العالمية والمنظمات غير الحكومية بالاحتفال بهذه المناسبة المهمة وبما انجز في سبيل بناء السلام في الاطار الوطني والعالمي. ومع دخول البشرية الربع الاخير من (العقد الدولي لثقافة السلام والاعنف من اجل اطفال العالم (2001- 2010) والذي اطلقته الجمعية العامة للامم المتحدة ايضا يبدو العراق والعراقيون الاكثر بعدا عن اي انجاز في هذا الصدد، بل ان اصرارا عجيبا على ان يكون العنف والحرب والتسلح والتطرف هو الوسيلة الوحيدة للتغيير وللتعامل مع المشاكل القائمة من جانب الدولة على مر تاريخها، بل ايضا من اغلب القوى السياسية وحتى بعض الفعاليات الدينية والاجتماعية في الساحة، وانه لمن العبث التصور ان مرد ذلك هو حالة استثنائية يمر بها البلد كونه محتلا او كونه مستهدفاً من قوى ارهاب عالمي، بل انه من الحري بنا ان نبحث عن جذور واسباب اعمق لهذه المشكلة الخطيرة وسبل مواجهتها واول مايمكن توجيه النظر اليه هي آليات التغيير داخل المنظومة السياسية القائمة الان في العراق ومدى فاعليتها. ولان من المنطقي الربط بين بناء السلام من جهة وبين تحقيق العدالة وسيادة القانون وبناء وتقوية الديمقراطية ومكافحة التطرف والفقر والامية من جهة اخرى، تأتي هنا اهمية نشر ثقافة الحوار والتعريف بالبدائل السلمية للتغيير والاصلاح وضرورة منح هذه البدائل المساحة الحقيقية في المجتمع عن طريق خلق وتأمين الاطار القانوني اللازم لذلك، وعن طريق تعزيز المؤسسات الوطنية التي تؤمن فاعلية وسائل التغيير السلمي كالبرلمان والمجالس المحلية المنتخبة والقضاء المستقل عن طريق تعطيلها وتهميش دورها، ولاشك ان ذلك ينطبق ايضا على المجتمع المدني بمختلف فعالياته اذ انه يمثل احد اهم آليات التغيير السلمي واللاعنفي وان احترام هذه المؤسسات وباعطائها الدور المناسب في جهد التنمية والاصلاح والمراقبة والاعتراض وصناعة القرار يمثل الطريق الانجع لبناء السلام الداخلي وتجفيف منابع العنف ومواجهة التطرف. و( لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب ان تبنى حصون السلام ) فان مبادرة وطنية بهذا الاتجاه تمثل مطلبا ملحا لبلد عانا ما عاناه من عنف وحروب واحتلال وتدخل خارجي وربما من المنطقي ان نطالب بغرسة تطرح اكلها للاجيال القادمة كي تجنبها من معاناة طالما دفعنا ثمنها غاليا كالمباشرة بتأسيس مركز بحوث وطني للسلام يكون عماده جهدا كادمياً مرتبطاً بالاقسام ذات الاختصاص في الجامعات العراقية يعنى بوضع الدراسات والبحوث حول موضوعة السلام ونبذ العنف وتكون من مهامه مراجعة المناهج التعليمية واغنائها بما يؤسس لثقافة الحوار ونبذ العنف وكذلك اقتراح تشريعات وتعديلات للقائم منها بما يضمن لهذه الثقافة الاطار القانوني اللازم. ولربما سيعزز هذه المبادرة تأسيس تقليد وطني عن طريق تخصيص جائزة وطنية للسلام تمنح احتفاء بناشطي ومناضلي السلام في العراق في الذكرى السنوية لليوم العالمي للسلام. ان املا كبيرا ليس فقط بأن ينعم العراق بالسلام بل ان يكون عامل تعزيز للسلام في المنطقة والعالم وبأن يتبنى ستراتيجية واضحة مبنية على اساس رفض الحرب والاحتلال اياً كانت مسوغاته ومببرراته ورفض مبدأ اغراق المنطقة بالسلاح كوسيلة لبناء توازنات او لمواجهة المشاكل القائمة في الداخل وفي المنطقة. و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق. المصدر:جريدة الصباح-8-10-2007
|
![]() |