مـركـز الجسور لدعم حوار الحضارات

 

 

الحوار ضرورة إنسانية للتعارف وتبادل الأفكار والتجارب والحلول ، ويمكن بالحوار القضاءعلى الصراعات والنزاعات والأزمات وإيقاف عجلة الحروب ، وتكريس التفاهم والتعايش والأمن والإستقرار والتنمية والإزدهار والرفاه وطنياً ودولياً ، ولذلك أجتهد الإسلام في تدعيم دوافع الحوار، وإقتلاع موانعه بإشاعة القيم النبيلة في هيكلة العلاقات البشرية لترسيخ جميع مقومات الحوار بين الأمم والشعوب الثقافات والحضارات والمدنيات والأديان ، ومن تلك القيم ، وللمثال لا الحصر :

قال الله تعالى :

( ولقد كرمنا بني آدم  ) ( 1 )

( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) ( 2 )

( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) ( 3 )

( وقولوا للناس حسنا ) ( 4 )

( ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) ( 5 )

 (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ( 6 )

قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم :

( خير الناس منْ انتفع به الناس )

( الخلق كلهم عيال الله ، وأحبهم إلى الله عز وجل أنفعهم لعياله )

قال الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام  :

( منْ عاملَ الناس بالمسامحة استمتعَ بصحبتهم )

( ليس الحكيم منْ لم يدار منْ لا يجد بداً مِن مداراته )

( لا تنظر إلى منْ قال ، وانظر إلى ما قال )

( الاستصلاح للأعداء بحسن المقال ، وجميل الأفعال ، أهون من ملاقاتهم ومغالبتهم بمضيض القتال )

وفي وصية الإمام موسى بن جعفرعليهما السلام المفصلة :

( يا هشام عليك بالرفق ، فإن الرفق يمن ، والخرق شوم . إن الرفق والبر وحسن الخلق يعمر الديارَ ، ويزيد في الرزق )

النصوص المقدسة المتقدمة تعكس للإنسان نفسه ! تكريم الله عزوجل للإنسان ، وتؤكد على حق الإختلاف ، وضرورة التعارف بين الشعوب ، وأن أكرمهم أتقاهم ، وعلى ان الخلق كلهم عيال الله ، وأحبهم إلى الله عز وجل أنفعهم لعياله ، وغير ذلك من المفاهيم لخلق الأرضية و المقومات والرغبة الجادة في الحوار ، و كخيار ستراتيجي مفضل بالحكم الأولي ناهيك عن الثانوي ، وفي إطار مجموع السياسات الواقعية المبدئية في الإسلام البعيدة عن المثالية المطلقة والنفعية الذرائعية المطلقة .

لـمـاذا ؟

لأن الحاجة الى الحوار تتجاوز الإنسان ، وهي قديمة قدم الإنسان ، وقبل هبوطه الى الأرض ، كما في الأيات القرآنية المباركة التي تتناول الحـوارَ بأنواعـه بما يشمل الحوار مع الملائكة وأدم والشيطان كما في قوله تعالى :

(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) ( 7 )

(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين صفحة قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) ( 8 )

إذن الحاجة الى الحـوار ســبقت هبوط أدم الى الأرض ، وهي تشــمل بقية مخلوقات الله سبحانه وتعالى ، وهذا التاريخ الطويل للحوار يدل على أهمية وضرورة وحتمية الحـوار لغايات شتى منها تطويق الميول الشـاذة للصراع وسـفك الدماء القديمة أيضا والتي بدأت بعـد الهبوط الى الأرض مع قتل قابيل بن أدم ( على نبينا وأله وعليه السلام ) لأخيه هابيل لأن الله تعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية إلى الأخير ، وكان قابيل أكبر فبلغ ذلك قابيل فغضب فقال أنا أولى بالكرامة والوصية فأمرهما أدم أن يقربا قربانا بوحي من الله إليه ففعلا فتقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله كما في قوله تعالى :

(واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ) ( 9 )

لذلك ، ولأن العالم تحوّل إلى قرية صغيرة واحدة ، وأصبح حوار الحضارات أو صراعها  بعد الحرب الباردة محوراً أساسيا من محاور دراسة العلاقات الدولية ، ولأنه لا بديل عن حوار الحضارات الهابيلية سوى صدام الحضارات القابيلية تأسـسَ مركـز الجسـور لحـوار الحـضـارات ليكون مناراً لنشر ثقافة حوار الحضارات و تنمية القدرات الفردية والجمعية على الحوار والتواصل والتفاوض ، ودعم الحوار بين الحضارات والثقافات والمدنيات والأديان ، وذلك بواسطة :

- رصد ونشر وإعداد الدراسات والبحوث في مجال الحوار عموماً ، وحوار الحضارات خصوصاً ، بما يشمل المتطلبات والمقومات والأسس و الأليات السياسية والتشريعية والقانونية والإجتماعية ، ويساهم في إستكمال مشروع صياغة نظرية حوار الحضارات .

- تنظيم ندوات ، حلقات نقاشية ، و ورش عمل لتنمية الوعي المعرفي في مجال حوار الحضارات ، والحوار والتواصل والتفاوض وإدارة الحوار .

- تقديم الإستشارات والتوصيات في المجالين اعلاه .

....................................................

( 1 ) : ( الإسراء 70 )

( 2 ) : ( الحجرات 13 )

( 3 ) : ( هود 118 )

( 4 ) : ( البقرة 83 )

( 5 ) : ( البقرة 208 )

( 6 ) : ( الأنبياء 107 )

( 7 ) : سورة البقرة – الأيات : 30 -33

( 8 ) : سورة الأعراف – الأيات : 11- 17

( 9 ) : سورة المائدة – الأيات : 27 - 28 - التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج 2 - ص 27 - 28

راسلنا:josoor@siironline.org