تقرير التنمية البشرية : دعوة الى «التضامن الانساني في عالم منقسم»

 

 

 

الدول الصناعية مسؤولة عن تغير المناخ وبان يحضها على الحد من الانبعاثات الضارة

ربط تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «تراجع التنمية بتغيّر المناخ»، إذ اعتبر أن التنمية تتمثل في «توسيع نطاق الإمكانات البشرية وزيادة الحرية الإنسانية، وهي تدور حول أناس يطورون القدرات التي تمكنهم من اتخاذ خيارات حياة وعيشها ويقدرون قيمتها لذا فإن تغيّر المناخ «يهدد هذه القدرات والخيارات وأسلوب الحياة، وسيؤدي الى تداعي الحريات والحد من الخيارات، ويشكك في المبدأ القائل إن «التقدم البشري سيجعل المستقبل يبدو أفضل من الماضي».

وأكد البرنامج في تقريره الذي أطلقه أمس من بيروت بعنوان «مكافحة تغير المناخ، التضامن الانساني في عالم منقسم» أن تغير المناخ «سيؤثر سلباً» على الجهود الدولية لمكافحة الفقر، و«يقف عائقاً في مسار تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية»، ويتمثل خطره أيضاً في عالم ما بعد 2015، في «وقف التقدم المحرز عبر الأجيال ثم انتكاسة ليس فقط في مجال القضاء على الفقر المدقع، بل أيضاً في مجالات الصحة والتغذية والتعليم وحقول أخرى».

ولفت الى سبل تعامل العالم مع تغير المناخ التي سيكون لها «تأثير مباشر» على إمكانات التنمية البشرية لقسم كبير من الإنسانية، وسيدفع الفشل بنسبة 40 في المئة من سكان العالم الأكثر فقراً، أي نحو 2.6 بليون نسمة، نحو مستقبل تنعدم فيه الفرص، كما سيفاقم انعدام المساواة داخل الدول وسيضعف جهود بناء نموذج أكثر شمولية للعولمة، ما يؤكد التباينات الضخمة بين من يملكون ولا يملكون».

ورأى امكاناً للنجاح في الإبقاء على الزيادات في درجة الحرارة العالمية في القرن الـ 21 في حدود درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة في حال بدأ العالم في التحرك الآن واتخاذ الخطوات الممكنة». لكن تحقيق هذا المستقبل «سيتطلب مستوى عالياً من القيادة وتعاوناً دولياً لا سابق له». واعتبر أن تغير المناخ يشكل «تهديداً تتزامن معه فرصة لا تعوض، إذ يوفر قبل أي شيء فرصة لتقارب العالم لتشكيل استجابة جماعية للأزمة المهددة بوقف التقدم».

وحدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون محورين يجب التحرك عليهما، يتمثل الأول في «حاجة العالم وفي شكل سريع الى اتخاذ إجراءات للحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ودعوة الدول الصناعية الى خفض أكثر لهذه الانبعاثات. كما تبرز الحاجة الى مزيد من مشاركة الدول النامية ومنحها الحوافز التي تمكّنها من الحد من انبعاث الغازات، وفي حماية النمو الاقتصادي وجهود القضاء على الفقر». وتظهر عملية التكيف كـ«ضرورة عالمية ثانية، إذ تحتاج دول كثيرة خصوصاً أكثر الدول النامية تعرضاً لهذه الظاهرة، الى المساعدة لتحسين قدراتها على التكيف، وتظهر الحاجة الى تشجيع ابتكار تقنيات لمكافحة تغير المناخ وجعل التقنيات المتجددة القائمة قابلة للتطبيق اقتصادياً وتشجيع الانتشار السريع للتكنولوجيا» وحمّل التقرير الدول المتقدمة «عبء المسؤولية التاريخية الناشئة عن تغير المناخ»، ودعاها الى تولي القيادة في معالجة هذا الخطر، إذ «تتوافر لديها الموارد المالية والقدرات التقنية للبدء في عمليات مبكرة لخفض الانبعاثات الى درجة كبيرة». ولفت الى أن درجات الحرارة العالمية «ازدادت حوالى 0.7 درجة مئوية منذ بداية الحقبة الصناعية، ومعدل هذه الزيادة في تسارع، وهناك دليل علمي يربط بين الارتفاع في درجة الحرارة والزيادات في تركيز غازات الدفيئة في جو الأرض». وشدد على أن تجاوز حد الزيادة درجتين مئويتين «سيزيد حدة أخطار التراجع في التنمية البشرية، والكوارث الطبيعية».

وتختلف، بحسب التقرير، مساهمة الدول في الانبعاثات، فالغنية منها التي تمثل 15 في المئة من سكان العالم، «تتحمل مسؤولية ما يقارب نصف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، فيما يقود النمو في الصين والهند الى تقارب تدريجي في الانبعاثات» لكنه لاحظ أن التقارب في نصيب الفرد من بصمة الكربون «أكثر محدودية»، إذ هي أكبر في الولايات المتحدة منها في الصين خمسة أضعاف، وفي الهند بأكثر من 15 مرة.

وأشار الى أن الصدمات المناخية «تؤثر في حياة الفقراء في شكل بارز، وتقلل على المدى البعيد من فرص التنمية البشرية، ما يعوق الإنتاجية ويقلص القدرات البشرية». وأوضح أن تغير المناخ «يزيد الأخطار ونقاط الضعف التي تواجه الفقراء. كما يزداد «القلق العام» من التعرض الى أخطار مناخية حادة عبر العالم المتقدم، خصوصاً مع كل فيضان أو عاصفة أو موجة حر. إلا أن الكوارث المناخية تتركز بشدة في الدول الفقيرة» ورسم التقرير مسارين لوضع التسعير على الكربون، الأول بـ «فرض ضرائب مباشرة على انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، من دون أن يزيد ذلك في العبء الضريبي الكلي»، ويمكن استخدام العائدات لدعم إصلاحات ضريبية بيئية أوسع، كخفض الضرائب على اليد العاملة والاستثمار». فيما يتمثل المسار الثاني للتسعير المتصل بسوق الالتزام بحد أعلى للانبعاثات، في «أن تضع الحكومات حداً عاماً أقصى لها، وتصدر حصصاً قابلة للتبادل التجاري تمنح الحق في إصدار كمية محددة منها» لكن هناك مساوئ محتملة لهذا النظام هو «عدم استقرار سعر الطاقة»، إلا أن المزايا المحتملة فهي «تحقيق الضمان البيئي» واعتبر أن وسائل النقل الشخصية «مجال آخر» يمكن المعايير من «تحقيق ربح مزدوج»، إذ أن قطاع السيارات «مسؤول عن 30 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة في الدول المتقدمة».

ورأى أن للتجارة الدولية «دوراً أكبر بكثير في توسيع أسواق المحروقات البديلة»، إذ أن البرازيل هي أكثر كفاءة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في إنتاج الإيثانول، فضلاً عن أن ذلك المصنع من السكر أكثر كفاءة في خفض الانبعاثات». لكن المشكلة تكمن في أن الواردات البرازيلية من هذه المادة «تواجه معوقات بسبب تعرفات واردات مرتفعة، ستؤدي إزالتها الى تحقيق مكاسب ليس للبرازيل فقط، بل لتخفيف تغير المناخ أيضاً». واعتبر أن تقنية أسر الكربون وحجزه «تطور أساس» في مجال التخفيف من تغير المناخ، إذ يشكل الفحم مصدراً رئيساً لتوليد الطاقة الكهربائية في أنحاء العالم، وتتسم هذه التقنية بـ «الأهمية» كونها تولد الطاقة من الفحم بانبعاثات تقترب من الصفر. ويمكن، مع وجود برنامج أكثر نشاطاً للاستثمار العام - الخاص، الى جانب تسعير الكربون، تطوير تقنيات أسر الكربون وحجزه ونشرها بسرعة أكبر وطرح سيناريو تحسين كفاءة الطاقة، الذي ينطوي على «مكاسب لجميع الأطراف المعنية، إذ تستفيد الدول النامية من كفاءة الطاقة المحسنة والتلوث البيئي الأقل، بينما تستفيد كل الدول من تخفيف ثاني أوكسيد الكربون».

الأمم المتحدة توصي بموازنة كربون مستدامة

أوصى تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بـ«تطوير إطار متعدد الطرف لتجنب تغير المناخ الخطر»، طبقاً لبروتوكول «كيوتو» لما بعد 2012، وذلك بـ «وضع حد لتغير المناخ الخطر عند درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل التطور الصناعي، والاتفاق على مسار عالمي مستدام للانبعاثات يستهدف خفضاً نسبته 50 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة في عام 2050، وتطبيق الدول النامية أهداف «كيوتو» مع وضع اتفاقات لخفض الانبعاثات بمعدل 80 في المئة في 2050، مع خفض 20 الى 30 في المئة في 2020» وطلب تنفيذ سياسات مستدامة لموازنة الكربون مستدامة، بـ «فرض ضريبة على مستوى 10 الى 20 دولاراً للطن في 2010، لترتفع بمعدلات سنوية حتى تصل الى 60- 100 دولار للطن من ثاني أوكسيد الكربون. وكذلك تبني «برامج للحد الأعلى والتبادل تستهدف خفوضات بنسبة 20 الى 30 في المئة من الانبعاثات في 2020 مع عرض مخصصات للبيع بنسبة 90 الى 100 في المئة للبيع في 2015». واقترح استخدام العائدات من فرض ضرائب الكربون وبرامج الحد الأعلى للتبادل في تمويل إصلاح ضريبي بيئي، مع خفوضات في الضرائب على اليد العاملة والاستثمارات وتطوير محفزات للتقنيات المخفوضة الإنتاج للكربون».

وطالب بـ«إصلاح مخطط تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي لخفض الحصص وزيادة المعروض للبيع والحد من المكاسب الكبيرة للقطاع الخاص، وإيجاد بيئة مساعدة للطاقة المتجددة من خلال تعرفات «التغذية» وقوانين السوق مع استهداف زيادة نسبتها 20 في المئة في توليد الطاقة المتجددة، وزيادة فاعلية الطاقة من خلال معايير للأجهزة والأبنية، وخفض الانبعاثات بفرض معايير صارمة لكفاءة الوقود، وتنمية تقنيات مبتكرة مع التركيز على أسر الكربون وحجزه، وعلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة استهداف بناء 30 محطة تجريبية في 2015».

وشدد على تعزيز إطار التعاون الدولي لـ «تحسين الحصول على خدمات الطاقة الحديثة وتقليل الاعتماد على الكتلة الإحيائية، التي تشكل المصدر الرئيس للطاقة لحوالى 2.5 بليون شخص، وإنشاء آلية للحد من تغير المناخ لجمع 25 الى 50 بليون دولار سنوياً لدعم التحول الى تقنيات مخفوضة الإنتاج من الكربون في الدول النامية، من خلال المنح والمساعدات وضمانات أخطار للاستثمار في ظل برامج لإصلاح قطاع الطاقة، مملوكة من الدولة».

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:daralhayat