مستقبل المنطقة بين دولار ضعيف ودولار
قوي
(2- 3)
سلطان مهنا المهنا
الولايات المتحدة بخيار الدولار الضعيف تسعى وبطريقة مقصودة ولكن غير
معلنة لتخفيض قيمة الدولار أمام العملات الأخرى، خاصة اليوان الصيني
لتقليص العجز في الميزان التجاري (أن تستورد أكثر من أن تصدر) مع الصين
الذي ارتفع خلال الـ 20 سنة الماضية من 1.66 مليار دولار عام 1986 إلى
أن وصل في نهاية 200م لمستوى 232 مليار دولار, السنة الحالية 2007
العجز حتى نهاية تموز (يوليو) وصل إلى 141 مليارا أي ما يعادل تقريبا
مستوى العجز في ميزان التبادل التجاري للولايات المتحدة مع الاتحاد
الأوروبي لعام 2006 بأكمله حسب مصادر مكتب الإحصاء الأمريكي.
بزيادة صادراتها الخارجية (الولايات المتحدة) إضافة إلى تقليل مخاطر
السيولة النقدية الضخمة من الدولار والسندات الموجودة في البنك المركزي
الصيني (كاحتياطى أجنبي من العملة) والتي تقدر بنحو 1.3 تريليون دولار
لعدم الوقوع تحت التهديد الصيني المستمر من التخلص من الدولار, "إذا ما
حاولت الولايات المتحدة عن طريق الكونجرس الأمريكي إصدار قرار مقاطعة
اقتصادي ضد المنتجات الصينية في محاولة لرفع قيمة العملة الصينية
اليوان أمام الدولار" على حد قول الصينيين, وقد تردد في الصحافة
المقربة من الحكومة وبعض المراكز العلمية الصينية أن التخلص من احتياطي
الصين من الدولار (1.3 تريليون) يعد بمثابة خيار أو سلاح أخير غير
تقليدي أطلق عليه "الخيار النووي" في حالة إصدار قرار مقاطعة ضد
المنتجات الصينية, تهديد الصين بالتخلص من الدولار دعا مرشحة الرئاسة
في الولايات المتحدة هيلاري كلينتون من الحزب الديمقراطي طبقا لجريدة
"التليجراف" البريطانية (8 آب (غسطس) 2007م) إلى المطالبة "بإصدار
تشريعات تمنع وقوع الولايات المتحدة تحت التهديد من قرارات ( ببيع
الدولار) تصنع في الصين أو اليابان".
توجه
الإدارة الأمريكية غير المعلن لدعم سياسة الدولار الضعيف بدلا من القوي
وتخفيض قيمة الدولار لتقليص العجز في ميزان التبادل التجاري وزيادة
الصادرات خاصة مع الصين في الوقت الحالي محاولة لن يكتب لها النجاح،
أولا: الصين تعلم أنها لم تعد شريكا استراتيجيا، كما كان يطلق عليها من
قبل إدارة الرئيس السابق كلينتون، وإنما أصبحت منافسا استراتيجيا في
عصر الرئيس الحالي بوش. ثانيا: هي (الصين) تعي أن الضغوط التي واجهتها
اليابان في بداية الثمانينيات الميلادية والتهديد بإصدار قوانين على
منتجاتها إذا لم ترفع قيمة عملتها أمام الدولار والتي أدت ( الضغوط)
بالتالي إلى اتفاقية بلازا في منتصف الثمانينيات هو السيناريو نفسه
الذي تتعرض إليه في الوقت الحالي, لذلك الصين تعلمت الدرس جيدا ولا
ترغب في تكرار تجربة اليابان مع اتفاقية بلازا، التي أدت إلى زيادة
قيمة الين للضعف (من 240 إلى 120) أمام الدولار وبالتالي الإضرار
بالنمو الاقتصادي الياباني الذي استمر بشكل متواصل منذ نهاية الحرب
العالمية الثانية وحتى توقيع اتفاقية بلازا، التي أدت بعد إلغائها
(1987م) إلى ظهور فقاعة اقتصادية في أواخر الثمانينيات الميلادية نشأ
عنها تضخم لأسعار الأسهم والعقار. ثالثا: تاريخيا حسب مصادر مصلحة
الإحصاء الأمريكية منذ عام 74، العجز في ميزان التبادل التجاري موجود
ولكن تزايد بشكل خاص من عام 91 عند 31 مليار دولار ليصل في نهاية 2006
إلى أكثر من 785 مليار دولار. حتى بعد اتفاقية بلازا الرامية لتخفيض
قيمة الدولار عام 85 استمرت الزيادة في العجز لميزان التبادل التجاري
خلال فترة الاتفاقية إلى نحو 30 مليارا إلى أن ألغيت بعد سنتين, ليصل
إجمالي العجز في نهاية 87 إلى 151 مليار دولار أمريكي بعد أن كان أقل
من 122 مليار دولار عام 85.
اجتماع قمة "الأوبك" المقبل في الرياض لا بد أن يتطرق إلى مسألة انخفاض
قيمة الدولار وإيجاد حل بسبب تآكل مداخيل دول "الأوبك" من جراء
الانخفاض المتواصل, بجانب مواضيع أخرى غير مقتصرة على ارتفاع تكلفة
الاستثمار في الصناعة النفطية سواء بزيادة الإنتاج أو التصنيع لمعدلات
عالية تتجاوز 80 في المائة عما هي عليه من بداية عام 2000م طبقا لمؤسسة
كامبرديج لأبحاث الطاقة ( مشروع مصفاة الزور بدولة الكويت مثال على
ذلك) , زيادة سعر برميل النفط لتعويض انخفاض قيمة الدولار على حد قول
وزير النفط الليبي قد لا تتماشى مع آراء الأعضاء الآخرين في منظمة
الأوبك, إضافة إلى أنه ليس من مصلحة الدول الأعضاء زيادة الأسعار
لمستويات قد تحد من النمو وبالتالي تسبب ركودا للاقتصاد العالمي مما
يضر بالدول المنتجة للنفط داخل منظومة الأوبك, من جهة ثانية خيار فك
الارتباط عن الدولار غير ممكن على الأقل في الوقت الحالي, خاصة أنه لا
يوجد إجماع حتى الآن على آلية أو توقيت واضح لإصدار العملة الخليجية
الموحدة وربما "تأجيلها إلى موعد غير محدد بسبب صعوبة ذلك (توحيد
العملة لدول الخليج) نظرا للأوضاع الاقتصادية الحالية التي تمر بها
المنطقة وأهمها مسألة التضخم" جريدة "الاقتصادية" 10 أيلول (سبتمبر)
2007م, على الرغم من أهمية العملة الخليجية الموحدة التي يتوقع لها
(عند العمل بها) حسب مصادر غير رسمية أن تصبح من أقوى العملات على
مستوى العالم مع احتمال أن يتجاوز الفائض النقدي ما يعادل 20 تريليون
دولار خلال الـ 20 سنة المقبلة، شريطة ربط واستمرار أسعار النفط عند
مستوى الستين دولارا ( تلك التوقعات تتضمن بطبيعة الحال الزيادة
المتوقعة في إنتاج النفط.
و كل
ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق.
المصدر: aleqt
|