الإبـداع الـمهـجـور !!
المهندس مصطفى الصادق
الإبداع... كيف نحميه ؟ من اهم العوامل المؤثرة على حركة المؤسسة نحو الأمام و تطورها المستمر, كيفية تعاطيها أو بالأحرى ستراتيجيتها للتعاطي مع المبادرات الخلاقة والإبداعات و دعمها و توجيهها لمثل هذه المبادرات. إن الإبتكار و الخلاقية هي التي تنشط المؤسسة و تبعث فيها روح التقدم و التطور فعلى الإدارة العليا في كل منظمة أو مؤسسة وضع ستراتيجية للتعامل مع هذه المبادرات والإبتكارات لإستيعابها و ترغيب العاملين على تقديمها. طبعا كل مؤسسة تختلف عن غيرها في أهدافها وبالتالي في شكل الإهتمام الذي توليه لهذه المسئلة و بالطبع النتائج ستكون مختلفة أيضاً مما سيؤثر سلباً أوإيجاباً في طريق تطور المؤسسة. لكن هل مسألة الإبتكار والمبادرات الخلاقة والإهتمام التي بدأت تحظى بها هي مسألة جديدة أو ما الذي دفع بها أن تطفو على السطح و ترتفع إلى أولى سلم الإهتمامات الإدارة العليا في المؤسسات العملاقة العالمية أو غيرها من المؤسسات الطامحة ؟ إن العولمة الإقتصادية ووجود الشركات العابرة للقارات دفعت الشركات و المؤسسات إلى الدخول في سباق محتدم لا يتحمل الثبات والإستاتيكية و يحتاج إلى ديناميكية الحركة والتعاطي المستمر مع المتغيرات وهذا ما جعل الإبتكار والمبادرة الخلاقة حجر الزاوية في تأقلم المؤسسات مع الظروف المتغيرة دائماً. يعتقد البعض من المدراء أن مسألة المبادرات الخلاقة والإبتكار هي مسئلة شخصية تعود للأفراد أنفسهم وبالكيفية التي يتعاملون مع المشاكل متجاهلين أي دور للمؤسسة في التشجيع و التحفيز لإيجاد مناخ ملائم لنمو مثل هذه المبادرات. وهذا ليس بصحيح ، إذن : ما هي العوامل و الأليات التي يمكن أن تستعملها المؤسسة لدعم وتشجيع صدورمثل هذه المبادرات وحماية المبادرات الخلاقة؟ هناك مجموعة من المحققين قاموا بوضع الية التقييم الداخلي للمؤسسة على قدرتها لحماية المبادرات الخلاقة (IAI). إن نظام IAI يركز على 5 عوامل من شأنها دعم المبادرات الخلاقة في المؤسسة و تشجيعها . ما هي هذه العوامل؟ 1- الحماية الإدارية : إن الحماية الإدارية هي الحد التي تقوم به الإدارة إلى تحفيز مواظفيها إلى الإبداع و المبادرات الخلاقة و غرس هذه الفكرة فيهم بأن الإبداع هو جزء من وظيفتهم وواجبهم اليومي الذي يجب عليهم القيام به كسائر واجباتهم المهنية في المؤسسة.هناك عدة عوامل تساعد الإدارة على تجذيروغرس هذه الحالة لدى الموظفين : أ- الإستيعاب السريع للأفكارالخلاقة والأطروحات المفيدة أوتلك التي يمكن ان تكون مفيدة بشكل مبدئي. ب- التعرف على الذين لديهم القابلية و القدرة على طرح مثل هذه المبادرات وإنجازها و تطويرها. ج- دعم و رعاية المشاريع الإختبارية والمبادرات الخلاقة الصغيرة و تامين الدعم المالي والإستثمار فيها لضمان دوامها. 2- الإستقلال والإعتماد الذاتي والإدارة الذاتية للموظفين : والمقصود منه إطلاق أيدي الموظفين في رفع فاعليتهم وطاقاتهم بشكل أكثر تأثير في العمل ولإنجاز هذا يجب أن لا تتدخل الإدارة في أدق التفاصيل للعمل اليومي و نؤكد أدق التفاصيل!! و ليس كل التفاصيل وتتيح المجال امام الموظفين للإختيار في طرق إنجاز مهامهم اليومي والذي سيؤدي إلى خلق مناخ ملائم لظهور المبادرات الخلاقة لكن هذا الإختيار يجب ان يكون إلى الحد الذي لا يخل بأسس العمل. 3- إتاحة الفترة الزمنية الكافية : إن تربية الأفكاروتطوير المبادرات الخلاقة تستلزم إتاحة الوقت الكافي لصاحبيها ومما يساعد المؤسسة للنيل من هذا هوتعديل فترة العمل للموظفين حيث ترفع القيود الزمنية الزائدة عن العمل اليومي وتخصص فترة زمنية أمام موظفيها للبحث عن طرق حل المشاكل المزمنة للعمل بالمشاركة مع زملائهم الأخرين. 4- المكافئة والحماية : إن المكافئة من أهم و سائل تحفيزالفراد للبحث و طرح المبادرات الخلاقة والمكافئة يجب أن تشمل شقيها المادي والمعنوي و من أهم وسائل تفعيل التحفييز هي : أ- خلق علاقة مباشرة بين المكافئة والأداء النوعي للفرد ب- خلق التحديات الإيجابية في العمل. ج- الشكروالتقديروالترقية الإدارية والشكر والتقدير وإعلان ذلك في المؤسسة. 5- توسيع الحدود والافاق المؤسساتية في الأفراد: و هذا يعني توسيع حدود المؤسسة الحقيقية و المجازية حتى تشمل كل أفراد و العاملين في المؤسسة و تعطي إنطباعاً لدى الفرد بأنه يجب أن لا ينظر إلى مشاكل المؤسسة من منظار خارجي بل يجب أن تتوسع حدود المؤسسة حتى يعتبر الفرد مشاكل المؤسسة هي مشاكله و إنجازاتها أيضاً إنجازاته و من سبل توسيع الأفاق هي التقليل من التوصيفات الدقيقة وغير المرنة إطلاقاً للمناصب والمسؤوليات في المؤسسة والروتين السلبي الذي يقتل روح المبادرة في الموظفين. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن مؤسساتنا بشكلها الحالي ووضعها الراهن ليس بإمكانها النهوض والتقدم إذا لم تبادر و بشكل جدي وجذري إصلاح نفسها وقواعدها الإدارية ولكن مع التنويه بأننا لن نقصد بما تقدم للإصلاح الإداري ودعم الإبداع إطلاقاً هدم كل القواعد العلمية والبيروقراطية الإيجابية وعدم إستعمالها في زمن التغييروهو ما يتهم البعض به كل من يطالب بالتغيير المذكور في المؤسسات. ومن المفارقة أن هذا الإتجاه المحافظ بحد ذاته يمثل أحد عوائق الإبداع الرئيسية في مؤسساتنا.
|