ستراتيجية تنمية القطاع الصناعي العام في العراق

 

 

 

تأهيل المصانع.. جذب الاستثمارات.. شراكة مع الشركات العملاقة

عقدت مجموعة الاصلاح الاقتصادي في وزارة الصناعة والمعادن مؤخراً حلقتها النقاشية الاولى لتدارس ستراتيجية خصخصة الشركات التابعة لهذه الوزارة والخطط المستقبلية لأغناء السوق العراقية بالمنتجات الوطنية، وقد حدد د. سامي الاعرجي وكيل الوزارة ثلاث مراحل لتأهيل وتطوير شركات ومعامل الوزارة وتوسيع بعضها من خلال اقامة خطوط انتاج جديدة عن طريق الاستثمار.

المجالات الصناعية التخصصية

يتكون القطاع الصناعي العام في العراق من ”61 “ شركة تضم ”230 “ معملاً في المجالات الصناعية، وتنقسم الى القطاعات التخصصية الآتية:

1- قطاع الصناعات الانشائية

ويضم تسع شركات ويعد ابرز القطاعات الصناعية في العراق، حيث ان دوره يتمثل في اسناد عمليات اعادة اعمار العراق من خلال توفير المواد الانشائية المهمة كالاسمنت والطابوق والزجاج والثرمستون والكونكريت الجاهز وغيرها.

2- قطاع الصناعات الكيمياوية والبتروكيمياوية

يتسم هذا القطاع باستغلال الموارد الطبيعية وتعظيم القيمة المضافة، ويتم ذلك باستغلال الغاز الطبيعي في تصنيع الاسمدة النتروجينية، اضافة الى استغلال الموارد في تصنيع الاسمدة النتروجينية، فضلا عن استغلال الموارد في تصنيع الاسمدة الفوسفاتية، وهما ضروريتان لاسناد النشاط الزراعي في البلد، كذلك الصناعات البتروكيمياوية، والتي تمتاز بوجود سوق محلي وعالمي واسع لها لامكانية التنافس من خلال توافر المواد الاولية.

3- قطاع الصناعات الهندسية

يشكل القاعدة الرئيسة للقطاعات الصناعية الاخرى، ويقوم بأسناد عدد كبير من الوزارات كالنفط والكهرباء والزراعة والاسكان والبلديات، كذلك تجهيز السوق المحلية بالاجهزة المنزلية لتلبية هذه السوق.

4- القطاعات النسيجية والغذائية والدوائية

التي توفر الكثير من المنتجات التي تحتاجها السوق المحلية لتلبية متطلبات المواطنين من المنتجات النسيجية والغذائية والدوائية واسناد وزارة الصحة والقطاع الخاص بالادوية بمختلف انواعها والمحاليل الوريدية وغيرها.

5- تنمية وتنشيط القطاع الخاص

 ويكون من خلال العمل على وضع آليات لتسهيل اقامة المشاريع الصناعية الجديد، ودعم المشاريع القائمة واشراكه في العملية التنموية للنهوض بواقع الصناعة في البلد وردم الفجوة التكنولوجية والتحول نحو اقتصاد السوق .

المعوقات

1- الدمار والتخريب الذي لحق بجميع القطاعات والمعامل الصناعية التابعة للقطاع العام بعد سقوط النظام السابق، من خلال نهب محتويات المصانع ومنتجاتها واستمرار هذا التخريب حتى الآن.

2- قدم الخطوط الانتاجية والحاجة الى تأهيل المعامل وادارتها بأساليب متطورة بما يتلائم مع سياسة التحولات الجديدة.

ويبدو ان ادارات القطاع الصناعي العام قطعت شوطاً بتبني ستراتيجية لاصلاح البيئة الاقتصادية وتعزيز السياسة الاستثمارية ووضع خطط وبرامج بهذا القطاع الحيوي من خلال اجراء مسح وتحليل لواقع المعامل القائمة، وتحديد متطلبات التأهيل لتحسين انتاجيتها والتطوير المطلوب لبعض الصناعات الستراتيجية كالاسمنت، البتروكيمياويات، الصناعات المعدنية والمشاريع الجديدة المطلوبة  وفق التقنيات الحديثة بما يغطي الطلب المتزايد عليها.

مسارات التنمية الصناعية

حددت ستراتيجية تنمية الصناعة في العراق ثلاثة مسارات متوازية ومتداخلة هي:

1- تأهيل الشركات العامة المجدية لتحريك العملية الاقتصادية.

2- اجراء الاصلاح الاقتصادي والعمل على اعادة هيكلة الشركات واسواقها.

2- تنمية القطاع الصناعي ككل، ليست الشركات العامة فحسب بل وشركات القطاع الصناعي الخاص والبنية التحتية المؤسساتية والمالية المطلوبة للصناعة.

برامج التطوير الصناعي

ويبدو ان العمل جار لاعداد برامج لتطوير القطاع الصناعي باستخدام سياسة الانفتاح والعدالة والشفافية لترويج تطبيقات صناعية رصينة للتنافسية والتنمية المستدامة، مع الاخذ بنظر الاعتبار التعامل مع المشاكل الشائعة للمصانع القائمة التي تشكو من الصعوبات في الانتاج والتكنولوجيا، ومن هذه البرامج:

أ ـ تشغيل وتأهيل مصانع شركات القطاع العام المختارة حسب الاولويات التي تعتمد على الجدوى والتأثير الاقتصادي وشدة الطلب على منتجاتها، والقيمة المضافة والسوق المحلي والتصديري الجاذب.

ب ـ السعي الى توفير خيارات للتمويل المطلوب للقطاع الصناعي من خلال جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية بما يخدم نمو الاستثمارات الصناعية، وقدرة هذا القطاع على قيادة التنمية الاقتصادية .

ج ـ بناء شراكة قوية مبنية على الثقة والتكامل والفائدة المتبادلة مع شركات القطاع العام والشركات العالمية المعروفة، وتسهيل مشاركة هذه الشركات ورجال الاعمال مع شركات القطاع العام العراقي بتأسيس شركات مساهمة او محدودة..

د ـ العمل على تحسين بيئة الصناعة والاستثمار والتصدير بما يحقق مناخاً جاذباً للاستثمار يستعيد الاستثمارات المحلية المهاجرة والاجنبية..

ستراتيجيات التحول

ويبدو ان وزارة الصناعة والمعادن تعمل لتحقيق:

* اصلاح اقتصادي شامل في مركز الوزارة واعادة هيكلية شركاتها لتعمل وفق منظور اقتصاد السوق، وتطوير سلسلة التجهيز والتوزيع..

* تقييم ونقل ملكية الشركات المملوكة للدولة الى القطاع الخاص، التي تقع ضمن برنامج التنمية وفق قوانين وتشريعات جديدة تتناسب مع بيئة العراق.

* التخطيط لاقامة المدن والمجمعات والعناقيد الصناعية في مختلف محافظات العراق تتكامل مع الصناعات الكبيرة القائمة وتوفير الخدمات اللازمة لها لتشجيع القطاع الخاص في اقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة..

* التوسع في اعمال المسوحات الجيولوجية والتحريات المعدنية لاستغلال الموارد الطبيعية والثروات المعدنية التي يمتلك العراق احتياطياً كبيراً منها لتنفيذ المشاريع الحيوية..

* الاهتمام بتنمية الموارد البشرية خاصة في مجال القيادات الادارية والتنفيذية لقطاع الصناعة، لتواكب التقدم العالمي المضطرد في مجال الخلق والابداع، حيث يمثل توافر هذه الملاكات عنصراً اساسياً في التنمية الصناعية المستدامة.

* التركيز على البحث والتطوير الصناعي من خلال التعاون المستمر بين قطاعات الصناعة ووزارة التعليم العالي ووزارة العلوم والتكنولوجيا، فهذه العناصر الثلاثة هي مرتكزات ومحركات التقدم والتنمية التي تسمح ببناء قدرات معاصرة  تعتمد المعرفة والابداع..

اجراءات التحول نحو اقتصاد السوق

ادت الظروف التي اعقبت سقوط النظام السابق الى تدني الانتاج وتقادم الموجودات والابتعاد عن التطور العلمي لهذه الصناعات مع وجود ترهل كبير في ملاكاتها والتوسع في البطالة المقنعة اصبح لزاماً ايجاد الحلول الناجعة لهذه الشركات من ايجاد التمويل اللازم للبدء بالتطوير والتأهيل وخاصة ان جميع ارصدة الشركات المودعة في المصارف قد تم تجميدها لصالح وزارة المالية منذ 2003/4/9 وفقدت الشركات كامل السيولة المطلوبة يصاحبها تدمير وتعطيل العملية الانتاجية.

فكان الاجراء الاولي للتأهيل تفعيل العروض المقدمة من الشركات العالمية والعربية والعراقية بطريقة الدفع المؤجل او الشريك الستراتيجي بفائدة الليبر وبمدد مقبولة تصل الى 20 سنة او من خلال قروض المصارف العراقية او المنح العالمية المقدمة الا انها اصطدمت بالرفض في تفعيل عروض الدفع المؤجل من قبل وزارة المالية او ارتفاع نسب الفوائد على القروض من المصارف الحكومية مع اجراءات مصرفية تعرقل تفعيل القروض للقطاع العام سواء من ناحية مبلغ القرض، مدته، والاجراءات الاخرى التي تفرضها المصارف لاتنسجم مع معايير الاقتراض والقوانين والتعليمات النافذة.

ومع هذا دخلت الوزارة بقروض مع المصارف العراقية تصل فوائدها وعمولاتها الى 9,7 % سنوياً للبدء باجراء الصيانة والتشغيل للمرافق الانتاجية وبمبلغ حدد لهذا القرض مقداره 899 مليون دولار كان يمكن البدء بالصيانة والتشغيل للوصول للطاقات المخططة للمرفق الانتاجية ورغم الجهود الحثيثة لم يخصص للوزارة الا 100 مليون دولار كقروض خصصت للشركات التابعة والمتسلم منها فقط 25 مليون دولار وتم تعليق المتبقي بقرارات من وزارة المالية ومجلس الوزراء.

فكان لزاماً اجراء التحولات الاقتصادية وادخال القطاع الخاص في تحسين وتطوير الشركات لما للقطاع الخاص من مرونة كافية  في توفير السيولة للنهوض بالشركات المتخصصة من خلال تحويل هذه الشركات العامة الى شركات مساهمة لجوازية ذلك في قانون الشركات 22 لسنة 1997 بالمادة (35) من خلال تشكيل لجان متخصصة حسب قرار مجلس الوزراء / الجلسة الاستثنائية في 2005/8/29 وتم اعداد (11) ملفاً معززاً بالدراسة المستفيضة وارسلت كمرحلة اولى (3) ملفات لمجلس الوزراء في نهاية عام 2005 وبداية عام 2006 وبدراسة (3) مرافق في الشركات المتخصصة لصناعة السمنت والادوية لاستحصال الموافقات اللازمة ونعتقد ان تحويل هذه الشركات الى مساهمة سيحقق الاتي:

1 . تخفيف الاعباء المالية التي تنفق من الدولة على هذه الشركات وتسخيرها لمرافق اخرى.

2 . تغيير مسار كفاءة الاداء للشركات المملوكة للدولة وتصحيحه لعدم جدواه.

3 . تشجيع الملكية الخاصة والاستثمار الخاص ومنع الاحتكار وضمان تدفق التكنلوجيا الجديدة والحديثة المتطورة التي ستؤدي الى تطوير الطاقات المتاحة مقارنة بالطاقات التصميمية ومن ثم الانتقال، احداث طاقات تصميمية جديدة.

4 . تحجيم او تقليل تدخل الدولة الواسع في الانشطة الاقتصادية تمهيداً لانهاء هذا الدور للدولة.

5 . خلق فرص تنافسية تعتمد على الية السوق من خلال تحسين الكفاءة الاقتصادية.

6 . اجراء الترشيق لملاكات الشركات المشمولة بالتحول المترهلة والحد من ظاهرة البطالة المقنعة وتحجيم الفساد الاداري.

7 . تامين السلامة المهنية للعاملين مع توفير الحماية اللازمة للحفاظ على نظافة البيئة.

وعلى الرغم من اهمية تحويل بعض المرافق من الشركات العامة الى شركات مساهمة وفق صيغ قانونية على ضوء دراسات علمية تحقق جدوى اقتصادية مقبولة وتشجع الشريك الستراتيجي والمستثمرين للدخول مع الشركات التابعة لاستيعاب السوق المحلي للمنتجات التي تنتجها الشركات الا انه ولمرور اكثر من سنة ونصف لم ترد الموافقات على الملفات المرسلة وبقاء باقي الملفات التي اعدت من دون حراك مع تدني الدعم للمرافق الانتاجية من خلال تدني التخصيصات الاستثمارية واستمرار التوقف لاعمال الصيانة والتأهيل وتعرض الشركات الى خسارة سنوية ستؤدي حتماً عند بقاء هذه الحالة الى تعرض الشركات الى الحل والتصفية حسب المادة (14) من قانون الشركات وفق الاليات المثبتة في المادة (39) من القانون نفسه (تصفي الشركة عند تجاوز خسارتها السنوية 50 % من رأسمالها الاسمي) وهذا سيؤدي الى تسرب الطاقات والكفاءات الموجودة في الشركات وخاصة اصحاب الاختصاص الدقيق مما سيؤثر على العملية الاقتصادية على اساس تحول البلد من بلد منتج الى مستورد مع ازدياد البطالة وانخفاض الدخل وما يرافقه من سلبيات كثيرة معلومة للجميع.

............................................................

المصادر :   

1 . ثائر بدري حسون فريد الخصخصة، طرقها وآثارها، مميزاتها وعيوبها. (بغداد، نيسان 2007).

2 . وزارة الصناعة والمعادن. التوجهات الجديدة في تأهيل وتحديث معامل شركات وزارة الصناعة والمعادن.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر:جريدة الصباح-2-9-2007