البدائل الاقتصادية فـي زمـن الخصخصة
عبد الحليم الغنيمي
تعميم مفاهيم الخصخصة لا يمثل انتقالا من الاقتصاد الموجه الى اقتصاد السوق كما يحلو للبعض ان يسمي ذلك فالوضع الاقتصادي على مدى عقود طويلة كان يخضع كما هو معروف لسطوة الحاكم الفرد ورؤيته الاحادية ولم يكن هنالك دستور ملزم يفرض هيكلة اقتصادية دون غيرها فضلا عن غياب المؤسسات والآليات الفاعلة والموجهة وفي ضوء ذلك يمكننا القول ان ما كان قائما في ظل الانظمة الدكتاتورية والشمولية لايعدو عن كونه ممارسات ارتجالية وقرارات سطحية يجري تمريرها خلف واجهات وزارة التجارة ووزارة التخطيط والبنك المركزي العراقي وبالتالي فان المشروع الاقتصادي الذي يراد له ان يقوم على انقاض مثل ذلك الواقع هو مشروع تأسيسي وليس عملية انتقالية وتحولية كما ان تعميم الخصخصة واخضاع القطاع العام الى آلياتها وعواملها الادارية والفنية المعروفة يمثل مرحلة خلق جوهرية لاصلاح اقتصادي كفيل بملء الفراغ الهيكلي الذي ظل يعاني منه الواقع الانتاجي والاستثماري والتجاري في البلاد لعقود طويلة غير ان السؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي سيصيب المواطن العراقي من مجمل الانتاج الوطني في زمن الخصخصة ؟ وهل يمكن ادخال نصيبه المشروع من ذلك الانتاج في حسابات الخطط التنموية المعتمدة من قبل الحكومة عملا بالصيغ الاقتصادية المعمول بها في دول نفطية معروفة . وهنا لابد من التأكيد على دور الحكومة في ترشيد الاستثمار الاجمالي لعائدات الثروة الوطنية، وفي مثل هذه الحالة تكون عملية الخصخصة قائمة على منطلقين الاول خصخصة العلاقة الشرعية بين المواطن العراقي من جهة وبين تلك العائدات من جهة اخرى وذلك ما يمكن تحقيقه من خلال التأسيس لمنظومة مالية تكفل عملية توجيه الانفاق المقررة في موارد ادارية انسيابية ومنها مؤسسات الضمان الاجتماعي على ان يجري توسيع نطاق مهامها لتشمل الطاقة البشرية المهمشة التي لم تستطع الحصول على فرصتها في العمل جراء الظروف الاقتصادية المعروفة والمتزامنة مع عملية التأسيس لاقتصاد وطني جديد قائم على الخصخصة واستثمار رؤوس الاموال الاهلية في ادارة عجلة الاقتصاد . اما الجانب الآخر في تفعيل خصخصة العلاقة الشرعية بين المواطن وعائدات الثروة الوطنية فيتمثل في وضع الآليات القانونية المعنية برفع المستوى المعاشي العام الامر الذي يمكن انجازه من خلال الارتقاء بمرتبات الموظفين والخروج بها من دائرة الهبوط جراء تقلبات السوق والاسعار بمعنى آخر ان يؤدي ذلك الى مضاعفة قدرته الشرائية فضلا عن تمكينه من توفير احتياطي نقدي مناسب يؤهله للتكيف مع ظروف الخصخصة المعقدة . هذه المؤشرات يمكن ان توفر الحصانة العملية لمعادلة الدخل بين مختلف طبقات المجتمع خاصة اذا عرفنا ان مرحلة التأسيس الاقتصادي بهذا المعنى سوف تؤدي الى تهيئة الارضية المناسبة للطبقة الغنية والاشخاص ذوي رؤوس الاموال الكبيرة في الوقت الذي تتحول فيه الطبقة الوسط والطبقة الدنيا مشروعين بشريين قابلين للتهميش والاستلاب . و كل ذلك بحسب المصدر المذكور. المصدر : جريدة الصباح – 22-1-2006
|