بوادر أزمة في أوروبا الوسطى
ويليام أندر هيل
تـراجـــع؟ أمور تذكرنا بعام 1956. بدأت بتظاهرة حاشدة. ثم اقتحم حشد من رماة الحجارة اليمينيين والشبان الأشقياء مكاتب أم تي في، المحطة التلفزيونية الرسمية المجرية، مطالبين باستقالة الحكومة. يقول أتيلا كيرت، مدير الأخبار في بودابست، الذي تكبدت محطته أضرارا بقيمة 400000يورو: "الأمر محبط جدا. هذا ليس الوجه الحقيقي للمجر". ربما لا، لكن تصعب رؤية وجه المجر الحقيقي. كما في غيرها من بلدان أوروبا الوسطى، يبدو كأن معدلات النمو الاقتصادي المثيرة للإعجاب تخبئ صورة فوضوية عن قلة النضج السياسي وعدم الكفاءة المالية اللذين يهددان بوقوع كارثة. يقول آندرز أسلوند من معهد الاقتصاد الدولي في واشنطن: "أوروبا الوسطى في حالة فوضى. هذه الدول توقفت عن اعتماد سياسات اقتصادية سليمة عندما انضمت إلى الاتحاد الأوروبي". أبرزها المجر، لأنها كانت مثالا للاستقرار المحترم. لكن هذا قد ولى. فالمتظاهرون في بودابست كانوا يحتجون على اعتراف رئيس الوزراء فيرينك غيوركساني الذي سربته وسائل الإعلام بأنه كذب مرارا بشأن حالة البلد المالية للفوز بولاية ثانية لحكومته الاشتراكية في الانتخابات في وقت سابق من هذه السنة. والواقع هو أن عجز الميزانية لهذه السنة سيصل إلى 10 بالمائة، وهي أعلى نسبة في أوروبا. إن العواقب الكاملة لعادات المجر التبذيرية لم تظهر بعد. ويتكلم علماء الاقتصاد بشؤم مشبهين الوضع بالأزمة المالية الآسيوية عام 1997، فثمة زيادة كبيرة في الديون بالعملات الأجنبية تركت المجر عرضة للمخاطر إن حصلت أي زيادة في معدلات الفائدة أو أي ركود في الاقتصاد العالمي. وتعاني بولندا معدل بطالة يبلغ 16 بالمائة ويتوقع التشيكيون أن يتضاعف عجز ميزانيتهم السنة المقبلة. وفي الحقيقة، قامت وزارة المالية التشيكية بنشر صفحة كاملة من الإعلانات في الصحافة الوطنية تظهر الحالة الاقتصادية الوخيمة في البلاد. (ملقية اللوم، بالطبع، على الحكومة السابقة). رغم اختلاف البلدان، تبقى نقطة الضعف المشتركة قابليتها لتأجيل الإصلاحات الأكثر حساسية. وعجز الميزانيات المتفاقم يشهد على الميل إلى شراء الناخبين بدلا من إغضابهم من خلال تقليص الإنفاق. يقول ساندور ريختر، وهو خبير في الشؤون المجرية في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية: "إن المؤسسات الكبرى في القطاع العام ـــ مثل الرعاية الصحية، والتعليم والحكومة المحلية ـــ تبقى كما كانت أيام الشيوعية، لا حدود لإنفاقها للأموال العامة". إن المخاوف الاقتصادية تغذي سياسة شعبوية متجددة، مقرونة بالقومية. فمن مصادر قلق بروكسل وصول مجموعات متطرفة هامشية إلى الحكومة. وفي سلوفاكيا، القيادة الجديدة برئاسة اليسار منهمكة في الرجوع عن إصلاحات السوق الحرة ـــ ضرائب مقطوعة وقوانين عمل أكثر تساهلا ـــ التي جعلت الحكومة التي سبقتها محبوبة المستثمرين الأجانب. وقد شهدت بولندا الأسبوع الماضي تفكك حكومتها اليمينية بسبب الخلافات بين حلفائها من المحافظين ومؤيدي السياسات الشعبية. وفي الجمهورية التشيكية، استغرق تشكيل حكومة جديدة هذا الصيف ثلاثة أشهر تقريبا، ويبدو الائتلاف الذي سيتسلم الحكم أضعف من أن يقوم بإصلاحات جدية. و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و بدون تعليق. المصدر: http://newsweek.alwatan.com.k
|