النفط والاستراتيجية الاقتصادية العراقية(1)

 

 

 

د. صبري زاير السعدي*

 

 

بينما هو معروف الدور الاقتصادي الاستراتيجي للنفط في العراق، إلا أن السياسة النفطية بعد سقوط النظام السابق أصبحت مثيرة للجدل في جانبين. الأول، الملكية العامة في مقابل الملكية الخاصة للصناعة، والجانب الثاني، نمط توزيع الإيرادات النفطية بين الاستخدامات المختلفة(2). فالدعوة المبكرة لخصخصة الصناعة النفطية أثارت مخاوف العراقيين من احتمال ضياع ثروتهم النفطية وتسليمها إلى الشركات الأجنبية العملاقة، ولكنها تضاءلت فيما بعد تحت تأثير الضغوط السياسية المحلية والهجمات الإرهابية على البنية الأساسية للصناعة النفطية. ولذلك، يصبح ضرورياً أن تتخذ أية حكومة جديدة موقفاً واضحاً فيما يتعلق بخصخصة الصناعة النفطية والذي يجب أن تكون جزءاً من استراتيجية التنمية البعيدة المدى. كذلك، يكون من الضروري على الحكومات أن تعلن التزامها بالسياسة البعيدة المدى الخاصة بتوزيع الإيرادات النفطية من أجل تحييد قوة النفط السياسية. ولأسباب واضحة، فإن سياسة زيادة إنتاج وتصدير (الإيرادات) النفط قد كسبت دعم جميع الأطراف المعنيين.

منذ تأسيس العراق الحديث في عام 1921، ركزت الحكومات المتعاقبة على الاستفادة من الإيرادات النفطية في تمويل مشاريع التنمية العامة. ولكن، حتى عام 1953، لم تكن قيمة الإيرادات النفطية ذات أهمية في المالية العامة. ومنذ عام 1953 حتى عام 1959، تم تخصيص نسبة 70% من الإيرادات النفطية لتمويل مشاريع البنية الأساسية في البلاد. وخلال الفترة (1960ـ1973)، كانت الإيرادات المصدر الرئيسي للميزانية السنوية ولتمويل مشاريع البنية الأساسية وموزعة بينهما بنسبة (50%ـ50%). ثم شهدت الفترة (1974ـ1980) الفرصة الذهبية للإسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث كانت الموارد المالية الحكومية المتأتية من النفط بصورة أساسية والمطلوبة للاستثمار وللاستهلاك وللواردات المتزايدة غير محدودة. ومنذ عام   1980، أدت حرب الثمان سنوات المدمرة مع إيران وما تبعها، غزو الكويت في عام 1990 ونتائجه حرب الخليج في عام 1991 والحصار الاقتصادي الذي استمر 13 سنة، وكذلك الإدارة السيئة للإيرادات النفطية من قبل النظام السابق، أدت إلى التدهور الاقتصادي السريع والبطالة العالية والانخفاض الكبير في مستوى المعيشة وانتشار الفقر(3).

عوامل تاريخية

إن نظرة سريعة على تاريخ العراق الحديث تلقي الضوء على عامل خارجي رئيسي في المشاكل السائدة. فمنذ أوائل القرن الثامن عشر، كانت المنافسة ظاهرة بين القوى الكبرى حول العراق الخاضع للإمبراطورية العثمانية بسبب المصالح الاستراتيجية والتجارية. ومع نهاية القرن، أصبح النفط، المصدر الجديد للطاقة، عنصراً استراتيجياً إضافياً في المصالح الأجنبية بالعراق. وبعد الحرب العالمية الأولى، تأسست الدولة العراقية الحديثة، استمرت المنافسة الأجنبية بين القوى المنتصرة في الحرب: بريطانيا العظمى، فرنسا، هولندا، والولايات المتحدة الأمريكية للحصول على امتياز استغلال واستكشاف النفط الخام العراقي. في عام 1925، وبينما كان العراق تحت الانتداب البريطاني، انتهت المنافسة الأجنبية الحادة حينذاك بعقد أول اتفاقية نفطية بين الشركة الممثلة لمصالح تلك القوى الكبرى وبين الحكومة العراقية. ولكن حتى عام 1950، لم تكن الإيرادات النفطية تشكل مصدراً مهماً للمالية العامة. ومنذ عام 1953، ازدادت الإيرادات النفطية بصورة كبيرة بحيث أصبحت مصدراً مهماً في المالية العامة وعاملاً رئيسياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية(4).

في الانتفاع من الإيرادات النفطية كانت الحكومات العراقية آنذاك واعية لأهمية وجود ميزانية منفصلة لمشاريع التنمية العامة. وخلال الفترة (1927ـ1980)، تم تنفيذ العديد من برامج الأشغال العامة، وبرامج الإعمار، وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية(5).

وفي الوقت الحاضر، ومع أن الحكومة العراقية تحت ضغط شديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإن عليها تطبيق سياسة واضحة لتخصيص الإيرادات النفطية بين النفقات الحكومية التشغيلية وبين الاستثمار في البنية الأساسية. ويجب أن يكون هذا متسقاً مع السياسات المالية والنقدية. وبصورة خاصة، لابد من فرض ضرائب على إنتاج النفط والغاز، ولابد من إتخاذ الإجراءات القانونية للسماح بمشاركة أكبر للقطاع الخاص الوطني والشركات الأجنبية في صناعة تصفية منتجات النفط وتوزيعها على أن لا تقل ملكية الدولة فيها عن 51% منها. جميع هذه السياسات يجب أن تصمم في ضوء الاستراتيجية الاقتصادية البعيدة المدى التي يتمثل هدفها الرئيسي بتقليل الاعتماد الكبير للاقتصاد على الإيرادات النفطية بمقياس مساهمة قطاع استخراج النفط في الناتج المحلي الإجمالي وإيرادات التصدير في المالية العامة وفي تمويل الإستيرادات(6). إن مساهمة القيمة المضافة للنفط الخام في الناتج المحلي الإجمالي يجب أن لا تزيد على 20%، بينما الإيرادات غير النفطية يجب أن تكون على الأقل 80% من ميزانية الحكومة السنوية. ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال ثلاث مكونات من السياسات:

أولاً:  تنويع الفعاليات الاقتصادية، وزيادة الاستثمار الخاص، والصادرات غير النفطية.

ثانياً: تنفيذ مشاريع مكثفة للتنمية البشرية وبرامج لإعادة التأهيل لغرض تحسين مهارات القوى العاملة والإنتاجية.

ثالثاُ: يجب على الدولة أن تنشط لتسهيل التكيف للتكنولوجيا المتقدمة في الإنتاج، وفي الاتصالات، وفي المعلومات، ونشرها.

وبشكل موازٍ لهذه السياسات، فإنه من الضروري للعراق أن يكون لديه نظام جديد للضمان الاجتماعي من أجل تعزيز الديمقراطية والتنمية الاجتماعية معاً. ويجب أن يستند نظام الضمان الاجتماعي الجديد على التجربة القائمة في تقديم خدمات التعليم الأساسي والصحة والخدمات الاجتماعية. وفي هذه المجالات يجب تشجيع مشاركة القطاع العام والخاص. هنا، علينا ملاحظة أن برنامج النفط مقابل الغذاء الحالي وما يتكرر اقتراحه عن شبكة الأمان الاجتماعي من قبل البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى يجب أن لا يكون بديلاً لنظام الضمان الاجتماعي. فالعراق يملك قاعدة للبنية الأساسية الاجتماعية، ولديه الثروة النفطية، وأن العراقيين لديهم الوعي الاجتماعي بحقوقهم في وجود نظام للضمان الاجتماعي يكون مناسباً، ودائماً، وغير متحيز. إن إصلاح الرفاهية الاجتماعية هو شرط ضروري آخر لتشجيع الديمقراطية في العراق.

السوق والسياسات الاقتصادية: براغماتية وليس إيديولوجية جامدة

تبرهن التجربة العراقية خلال الفترة (1960ـ1980) على أن المركزية العالية في التخطيط الاقتصادي وهيمنة المشاريع العامة لم تكن كفوءة في الانتفاع من الموارد المتاحة وسببت مشاكل اقتصادية هيكلية بالرغم من تحقيق معدلات عالية في النمو وارتفاع هام في مستوى المعيشة. لقد كان التدخل الاقتصادي الحكومي الواسع آنذاك يتم من خلال الاستعمال السيئ للميزانيات العامة السنوية، ولمناهج الاستثمار السنوية، ولاحتكار التجارة الخارجية التي كانت تمول من الإيرادات النفطية بصورة رئيسية. بينما كانت الإيرادات غير النفطية تساهم مساهمة قليلة في المالية العامة. ولقد ساعدت عمليات إتخاذ القرارت الشديدة المركزية على احتكار الحكومة لاستغلال قوة النفط لتحقيق أهداف سياسية والتي خلقت في النهاية الظروف المواتية لظهور نظام صدام الدكتاتوري.

لذلك، العراق اليوم بحاجة لدور فعال للقطاع الخاص الوطني ولمبادرات الريادة، وكذلك لدور الدولة لخلق بيئة الأعمال والاستثمار الملاءمة. وبتفصيل أكثر، العراق في هذه المرحلة بحاجة لمشروع وطني للتغيير الاقتصادي الجذري يشمل رؤيا بعيدة المدى، واستراتيجية وسياسات للتحرير الاقتصادي. كذلك العراق بحاجة لجهاز غير سياسي جديد تابع للدولة بهدف مواصلة العمل في إعادة إعمار البنية الأساسية. إن مبادرات مجتمع الأعمال وبناء الطاقات الحكومية هي ضرورية، ولكنها غير كافية، لتنفيذ مثل هذه التغييرات. كذلك من الضروري أن يقدر جميع الأطراف المعنية أهمية وجود العناصر الاستراتيجية الثلاثة التي تؤثر في مستقبل البلاد: النفط والديمقراطية والتنمية.

لأكثر من ثلاثة عقود، لم يسمح نظام صدام الشمولي والقمعي بقيام أية مشاريع اقتصادية كبيرة الحجم للقطاع الخاص. أما المشاريع الصغيرة والمتوسطة في البلاد فقد أدت أدواراً ضعيفة ومحدودة كانت مقيدة باستغلال نفوذ مسؤولي النظام لها. في الماضي، لقد خدمت المشاريع الخاصة دوراً تابعاً للصناعات الكبيرة المملوكة للدولة، ومنحت حقوق إقامة المشاريع كامتيازات لأتباع صدام. أما الآن، فالتنمية الاقتصادية بحاجة لموارد قطاع الأعمال ولمبادرات الريادة الخاصة. والتحدي هو كيف يمكن الحفاظ على الظروف الاقتصادية والتنظيمية التي تسمح بالمبادرات الطوعية الجديدة لقطاع الأعمال تحت شروط السوق الحرة والمنافسة وحكم القانون.

لقد سبق التوقع بأن القطاع الخاص بعد سقوط نظام صدام سيساعد في تعبئة الموارد لزيادة النمو الاقتصادي والتشغيل. ولكن، ولسوء الحظ، تلاشى هذا الأمل بسبب مشاكل الأمن والسياسات الاقتصادية والمالية السيئة والفساد. وحتى بالنسبة للقطاع غير المنظم، لم تتم رعاية خبراته وقدراته وتطويرها لإيجاد جيل جديد من الرياديين والمشاريع الاستثمارية. ومع ذلك، فإن القطاع الخاص الوطني قادر على المشاركة بفاعلية في تعبئة الموارد اللازمة للاستثمار، إذا ما تحسن المناخ الاقتصادي والسياسي.

التحرير الاقتصادي

صحيح أن دور القطاع العام كان مرتبطاً بشكل وثيق مع الزيادة في الإيرادات النفطية والإنفاق الحكومي. ولكن، ولأجل التعريف بالبديل، فإنه من الضروري جداً وجود رؤيا تثير الأمل واستراتيجية وسياسات واعدة  التي سوف يحقق تنفيذها، ومن بين أهداف أخرى، التحرير الاقتصادي بدون انهاء آفاق تنمية القطاع الخاص الوطني والصناعات المحلية الفتية. وفي نفس الوقت، فإن التنفيذ المتوالي والمتتابع لإصلاحات اقتصادية هيكلية شاملة، أي النظام الضريبي، والبنوك والتأمين، وسوق الأسهم والخدمات المالية، والإدارة العامة، والخصخصة، وإصلاحات الضمان الاجتماعي، وكذلك تجهيز البنية المادية والاجتماعية والبيئية الأساسية هي من الشروط الضرورية لزيادة استثمارات القطاع الخاص.

ولقد أظهرت التجربة أيضاً، أنه لأجل تفعيل آلية السوق، يجب على الحكومة أن لا تعتمد على الإيرادات النفطية للحصول على القوة السياسية. وينطبق هذا أيضاً على حكومة كردستان الفدرالية كما يكشف تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء في منطقة كردستان خلال الفترة (1996ـ2003) نظرياً، ليس هنلك موضع خلاف حول إمكانية الوصول إلى الكفاءة الاقتصادية بواسطة آلية السوق الحرة. ولكن، استهداف الكفاءة الاقتصادية وحدها قد لا يعزز طاقات القطاع الخاص الوطني. وأيضاً، قد لا يؤمن العدالة الاجتماعية المتعلقة بتوفير الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية والمرافق العامة، وكذلك التوزيع الأفضل للدخل والثروة الناجم عن الإيرادات النفطية والفعاليات الاقتصادية. لذلك، يجب الحفاظ على دور حكومي محدود يتم تعريفه بعناية. ولهذا الغرض، يمكن تصنيف السياسات الاقتصادية العراقية في ثلاث مجموعات متكاملة. أولاً، السياسة الاقتصادية المالية والنقدية الكلية التي تستهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الداخلي ومع الاقتصادات الخارجية من خلال نظام مرن للصرف الخارجي للعملة. ثانياً، الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي تستهدف توفير متطلبات السوق الحرة. وثالثاً، أن على الحكومة القيام بتنفيذ برنامج واسع النطاق لإقامة البنية الأساسية الاقتصادية (المادية) والاجتماعية والبيئية.

المجلس العراقي للتنمية وإعادة الإعمار: جهاز وطني

منذ أوائل الخمسينات، جرب العراق برمجة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على نحو مؤسسي بشكل جيد. ففي عامي 1951 و1953، تأسس مجلس الإعمار ووزارة الإعمار، وكلاهما كانا مسئولين لإعداد وتنفيذ برامج الإعمار. وفي عام 1959، حلت وزارة ومجلس التخطيط محل وزارة ومجلس الإعمار. منذ ذلك الحين، تغير مفهوم تخطيط التنمية في ثلاثة أوجه:

أولاً: تبدلت البرمجة والتنفيذ المركزي الذي كان سائداً في الخمسينات بتخطيط الاستثمار المركزي ولامركزية تنفيذ المشاريع العامة.

ثانياً: خلال الفترة (1951ـ1959) كانت للسلطات الحكومية تدخل محدود في عملية اتخاذ قرارات الاستثمار لمجلس الإعمار بالمقارنة مع الفترة اللاحقة.

ثالثاً: اتجه التخطيط الاقتصادي منذ عام 1964 لأن يكون أكثر شمولاً من حيث المفهوم والممارسات. أي بمعنى الأهداف والفعاليات والمضامين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وعلى المستوى الفني، شهد العراق خلال النصف الأول من السبعينات أكثر مشاريع التخطيط الاقتصادي تحدياً وجدية. وفي النصف الثاني من السبعينات، تمتع العراق بنموذج للنمو الاقتصادي اتصف بوجود موارد مالية غير محدودة. وبعدها، تدهور دور المؤسسات الاقتصادية العراقية سريعاً كنتيجة لأهداف نظام صدام السياسية الرجعية والمدمرة(7).

منذ بداية الخمسينات، كان العراق رائداً في تنفيذ برامج الإعمار(8). وحتى أوائل السبعينات، كانت المؤسسات الحكومية العراقية كفوءة على قدر معقول في تنظيم الميزانية السنوية والاستثمار الحكومي في البنية الأساسية المادية، والتعليم والخدمات الصحية، وتوفير خدمات المنافع العامة. ولكن، مع زيادة تدخل الحكومة الاقتصادي ـ بدأ في عام 1964 ـ ازدادت أهمية برامج التنمية الحكومية أيضاً. وعلى نحو موازٍ لهذا التطور، كانت السياسات الاقتصادية الحكومية لا تتم من خلال القواعد والإجراءات الدستورية والمؤسسية المتعارف عليها، الأمر الذي نتج عنه المشاكل الاقتصادية والمالية السائدة قبل سقوط النظام السابق.

بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود من الاضطهاد السياسي والفساد، وحرب الثمانية سنوات المدمرة مع إيران، وثلاثة عشر عام من تبعات الحصار الاقتصادي والتجاري الكارثة بعد غزو الكويت في عام 1990، فإن العراق في حاجة ماسة لبرنامج شامل لإعادة الإعمار والتنمية. وفي الوقت الحاضر، إن الانهيار الكامل للمؤسسات الاقتصادية، وتنفيذ السياسات غير الرشيدة، وعدم الاستقرار السياسي، والهجمات الإرهابية بعد الاحتلال يجعل هذه المهمة صعبة أكثر. وبصورة خاصة، تظهر تجربة العراق بعد الحرب أن مؤسسة صندوق التنمية للعراق المفروضة من الخارج، لم تكن كفوءة في إنجاز مهام إعادة التعمير بالرغم من توفر الموارد المالية ونصائح الخبراء الدوليين. كذلك، تبرهن التجربة بأن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ليس لديها الطاقة على التكيف للتعامل مع المناخ الاقتصادي الجديد بدلاً من الاستمرار في ممارسات العراق القديمة مع زيادة التأكيد على الموارد الأجنبية. إن البديل المناسب هو في تأسيس المجلس العراقي للتنمية ولإعادة الإعمار كجهاز وطني مستقل ومهني لتحمل مسؤولية صياغة وتنفيذ برامج إعادة الإعمار المطلوب.

بالاستناد إلى خبرة العراق، فإن من الممكن تعريف أهداف المجلس العراقي للتنمية وإعادة الإعمار ليشمل التالي:

أ) تشخيص فرص الاستثمار في البنية الأساسية العامة على النطاق الوطني.

ب) تحضير توجيهات ومعايير الاستثمار لتقييم المشاريع العامة على النطاق الوطني.

ت) اختيار المشاريع الاستثمارية الرئيسية العامة.

ث) تعبئة وتخصيص الموارد المالية.

ج) التحضير لخطط التنمية الوطنية التأشيرية.

ح) تنفيذ برامج معينة للإصلاح الهيكلي.

خ) المبادرة في حث الفكر العراقي على صياغة رؤية مستقبلية للعراق.

لتحقيق هذه الأهداف، فإن على المجلس العراقي للتنمية ولإعادة الإعمار القيام بالفعاليات التالية:

أ) الدعوة لإعداد دراسات الجدوى الخاصة بمشاريع البنية الأساسية العامة على النطاق الوطني.

ب) قيادة المفاوضات والمؤتمرات الخاصة بالترويج للاستثمار.

ت) قيادة برنامج بناء طاقات الاستثمار.

ث) متابعة تنفيذ برنامج الاستثمار العام.

ج) تقديم تقرير سنوي عن تقييم التقدم إلى الحكومة.

وسوف تتكون المصادر المالية للمجلس العراقي للتنمية ولإعادة الإعمار من الإيرادات النفطية، والمشاريع العامة، والقطاع الخاص العراقي، والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية والعربية.

ومن المناسب أيضاً، الاقتراح في هذه المرحلة أن المجلس العراقي للتنمية ولإعادة الإعمار سوف يتكون من أربع دوائر رئيسية هي: مجلس اتخاذ القرارات، والسكرتارية الفنية، والدائرة المالية، ودائرة الإدارة (9).

الاستنتاجات

سيستمر قطاع النفط في فرض تأثيره الكبير على التطور الاقتصادي والاجتماعي في المدى البعيد. ولكن، للحفاظ على الحريات الاقتصادية وتحييد قوة النفط السياسية في السياسة المحلية، فإن السياسات المجزأة والمتباينة الحالية يجب أن تتغير. ويمكن تحقيق هدف إعادة البناء وتحويل الاقتصاد الراكد إلى اقتصاد سوق كفوء (حيث تسود ثقافة المشاريع ويساهم القطاع الخاص أكثر من قطاع النفط الخام في الناتج المحلي الإجمالي وفي تمويل المالية العامة) بالتطبيق الفعال لسياسات متسقة موجهة باستراتيجية اقتصادية ورؤية مستقبلية وطنية بعيدة المدى لتعيد الآمال والوعود بالفرص. وفي المدى القصير، يجب إتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من مشكلة البطالة والفقر الحادة، كما في تنفيذ برنامج للأعمال العامة يشمل مشاريع كثيفة العمل.

كما يحتاج العراق إلى مجلس للتنمية وإعادة الإعمار كجهاز وطني تابع للدولة لإقامة البنية الأساسية العامة من أجل تعزيز التنمية الاجتماعية والبيئية ولتسهيل فعاليات القطاع الخاص أيضاً. ولهذا الغرض، يجب تخصيص معظم الإيرادات النفطية لميزانية مجلس التنمية، بينما يجب تخصيص نسبة أقل من هذه الإيرادات لتمويل الميزانية الحكومية السنوية. إن الانتفاع من الإيرادات النفطية بصورة مستقلة عن السيطرة المباشرة للحكومة المركزية وللحكومات الفدرالية (حكومة كردستان)، سيساهم أيضاً في تحقيق الاستقرار السياسي، ومحاربة الفساد وضمان الثقة لدى الشركات الأجنبية.

وكما تكشف التجربة، ليس جميع السيئات في العراق تتأتى من الثروة النفطية، ولا جميع فضائل المستقبل سوف تنشأ من الثروة النفطية.  ولكن، لا يمكن فصل الجهود الناجحة للترويج للديمقراطية، وللحفاظ على الحريات المدنية والحرية الاقتصادية عن التوزيع الرشيد للإيرادات النفطية. وإذا استمر تمويل الإنفاق العام المتزايد بدون توسيع الطاقات الإنتاجية المحلية غير النفطية، فإن " فايروس" لنوع جديد من الشمولية والفساد الاقتصادي سوف "يولد". إن على الحكم الاقتصادي في العراق منع وقوع الاقتصاد في فخ النفط.

مستشار إقتصادي وموظف سابق في الأمم المتحدة، وشغل قبلها مناصب إقتصادية عليا في العراق.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر:http://www.althakafaaljadeda.com/317/17.htm

 

................................

 

الهوامش:

1) الترجمة العربية للنص المنشور باللغة الإنجليزية:

Sabri Zire Al-Saadi, "Oil and Iraq's Economic Strategy", MEES 48 No.51 19 Dec. 2005.

2) خلال فترة النظام السابق (1967ـ2003) لم يسمح بحوار عام أو مناقشات عامة بين الوزارات والمسئولين الحكوميين حول السياسة النفطية. لقد كانت هذه السياسة موضوع مناقشات صدام اليومية المدعمة فنياً بعدد محدود من المهنيين.

3) حول بيانات الناتج المحلي الإجمالي للعراق، راجع:

Sabri Zire Al-Saadi, "Oil Wealth and Poverty in Iraq: Statistical Adjustment of Government GDP Estimates (1980-2002), MEES 48: 16 17 April 2005.

4) عن التفاصيل المتعلقة بين المنافسة الطويلة بين بريطانيا العظمى والقوى الأجنبية الكبرى حول استغلال النفط العراقي والاتفاقيات النفطية مع الحكومات العراقية وكذلك حول المصالح السياسية والمضامين الاقتصادية المتعددة، راجع المصدر السابق:

Penrose, Edith, & H.F. "IRAQ: International Relations and National Development", ibid.

5) حول التفاصيل الخاصة بالفترة السابقة لعام 1950، راجع:

Sassoon, Joseph. "Economic Policy in Iraq 1932-1950", Frank Cass & Co. Ltd, London, England 1987.

أما تقييم التطور والتفاصيل ذات العلاقة الخاصة بالفترة اللاحقة لعام 1950، فهي من بحث المؤلف المعتمد على الوثائق الحكومية.

6) قدمت المؤشرات الكمية لهذه المعايير في المصدر السابق:

Sabri Zire Al-Saadi,  "Economic Liberalization and Oil Policy: Vision and Priorities", MEES 46 21 July 2003.

7) قدمت خلاصة تحليلية وإحصائية للأزمات الاقتصادية خلال الفترة (1980ـ2003) في دراسة غير منشورة للباحث، راجع:

Sabri Zire Al-Saadi," Economic Project For Change: Economic Policies and a Program of Action for the New Democratic Regime", presented to the economy and infrastructure group, Future of Iraq Project, US Department of State, 23 October 2002.

8) راجع المصدر السابق:

Penrose, Edith & H. F, "IRAQ: International Relations and National Development”, ibid.

9) قدم مقترح المجلس العراقي للتنمية وإعادة الإعمار لأول مرة في كانون الأول عام 2002. راجع:

Sabri Zire Al-Saadi, "The Iraqi Development and Reconstruction Council" paper presented to the economy and infrastructure group' meeting, 2-3 Dec.2002, Future of Iraq Project, US Department of State.

 

مواضيع ذات علاقة:

 

معوقات التنمية الاقتصادية في الدول العربية النفطية

التحديات الإقتصادية لعملية التحول الديمقراطي

الإستقرار السياسي؛ حجر الزاوية في إنعاش الإقتصاد العراقي

الـتحديات الاقـتـصادية الـتي تـواجـه الـحـكـومـة العراقية المـقـبـلـة

نجاح الاقتصاد الريعي في دول الخليج يشكل حجر عثرة أمام الإصلاحات الشاملة  

اللجنة الاقتصادية الأميركية العراقية تسعى إلى إنعاش الاقتصاد العراقي

دعوة لاعادة النظر: مضمون صناعة النفط كما وردت في الدستور العراقي