نـحــو تـفـعـيل المـؤسسـات :

                                              إدارة واستراتيجيات التغـيير

 

 

د. عبد الكريم محسن *

 

 

التغيير وأنواعه :

إن التغيير هو شعار المرحلة لاغلب المنظمات وقد يكون جذرياً يؤدي إلى فحص ودراسة شاملة للمنظمة وأنظمتها وأجراء التغيرات اللازمة ويأتي ذلك نتيجة مجيء إدارة جديدة للمنظمة، او وجود فشل واضح في نتائج الأداء ... الخ ،  فألتغيير الجذري الذي يحدث خلال دورة حياة المنظمة يكون عميقاً عادة ويشمل جميع إجزاء المنظمة.  وقد يكون التغيير تدريجياً ويرتبط بتكييف هيكل المنظمة ويتصف بالتكرار ولكنه أقل تأثيراً ويحدث كجزء من النمو الطبيعي للمنظمة ويهدف إلى إعادة هيكلة طرق الأداء والتشغيل الحالية لتحسينها أو لتوسيع نطاقها نحو اتجاهات جديدة. إن نجاح التغيير بنوعيه يعتمد بدرجة كبيرة على الأفراد الذين يقودون ويدعمون عمليات التغيير ويطلق عليهم وسطاء التغيير وقد يكونوا استشاريين من خارج المنظمة أومدراء وقادة فرق العمل واختصاصيين من داخل المنظمة

وقد يكون التغيير عفوياً تلقائياً من دون توجيه وسطاء التغيير وقد يقترن بنتائج سلبية ، أو بنتائج إيجابية مثل الصراع الذي يحدث ما بين الأفراد ولكنه ينتهي إلى وضع إجراءات عمل جديدة تحقق الانسيابية في تدفق العمل . وهناك التغيير المخطط الذي يحدث تحت توجيه وسيط التغيير استجابة لإدراك مسبق بوجود فجوات اداء. وهذه الفجوات لا تنحصر بوجود مشاكل داخل المنظمة تستوجب الحل بل ربما بوجود فرص يجب أن تستثمر. فالتغيير المخطط اوالمقصود هو مجهود يخطط ويصمم للتعامل مع فجوات الأداء بطرق تفيد المنظمة وأعضائها.

أهداف التغيير :

أن التغيير المخطط يمكن أن يوجه نحو مدى واسع من عناصر المنظمة يشمل :

غرض المنظمة : توضيح أو خلق رسالة المنظمة وأهدافها .

الإستراتيجية : توضيح أو خلق الخطط الاستراتيجية والتشغيلية لتحقيق الأهداف

الهيكل : تحديث تصميم المنظمة وآليات التنسيق فيها وقد تشمل إعادة تحديد علاقات السلطة وتغيير درجة المركزية وتغيير نطاق الإشراف والسياسات والإجراءات  والقواعد .

الأفراد : لتغيير الاتجاهات والتوقعات والمدركات والسلوك من خلال تحديث ممارسات وتطبيقات الاستقطاب والاختيار والتعيين وتحسين أساليب التدريب والتنمية .

أهداف ومعايير الأداء : وضع أهداف جديدة للأداء أو تعديل الحالية منها .

الثقافة : توضيح أو خلق المعتقدات والقيم الرئيسية للمنظمة .

تصميم الوظائف : تحديث تصاميم وظائف الأفراد والجماعات .

التكنولوجيا : تحسين المعدات والتسهيلات ، وتحسين تدفقات العمل بتغيير فعاليات العمل وطرق إنجازه .

قوى التغيير:

 هي تلك القوى التي تعطي  إشارات واضحة للإدارة بضرورة التغيير وقد تكون قوى خارجية كاشتداد المنافسة، تغير الأوضاع الاقتصادية، الانفجار المعرفي والتقدم التكنولوجي، تغيرات الأسواق، ضغوط حركات حماية البيئة، تغير القوانين والتشريعات الحكومية، حدوث الأزمات ..الخ أو تكون قوى داخلية قد تنبثق عن انخفاض الإنتاجية وارتفاع معدلات الغياب والدورات الوظيفي وتدني معنويات العاملين وضعف الولاء للمنظمة واحتدام الصراع بين أطراف المنظمة أو بين الرؤساء والمرؤوسين أو حدوث فشل داهم في مستويات الأداء. وهناك علاقة بينهما فقد تحدث القوى الداخلية كأستجابة للتغيرات التنظيمية التي صممت للتعامل مع القوى الخارجية. فالتحالفات الاستراتيجية والاندماجات بين المنظمات هي أمثلة عن التغيرات التنظيمية لإعادة تحديد علاقات تلك المنظمات مع بيئاتها الخارجية التنافسية المتحدية. ومثل هذه التغيرات كثير ما تقود إلى صراع ثقافي داخلي بين الأطراف المتحالفة أو المندمجة يؤدي إلى مزيد من التغيرات الداخلية. كما أن إدخال تكنولوجيا جديدة قد يتطلب مثلاً إعادة تصميم وظائف العاملين وبرامج التدريب وهكذا.

مراحل عملية التغيير:

يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل هي:

مرحلة إذابة الجليد  unfreezing أوعدم التسكين يحضر فيها الموقف للتغيير أو لخلق الشعور بالحاجة للتغيير نحو شئ ما جديد. مرحلة التغيير يتم فيها القيام بالأنشطة اللازمة لخلق التغيير.

ومرحلة إعادة التجميد  Refreezing أو الاستقرار لدعم التغيير بهدف التأكد من ضمان وجود فوائد كاملة مستمرة وطويلة الأمد للتغيير ، ولتعزيز نتائجه الإيجابية المرغوبة ، وتوفير الإسناد الإضافي المطلوب لمواجهة المصاعب الناشئة عنه ، وتقييم التقدم الحاصل في نتائج هذا التغيير (تحليل الكلفة – العائد).

إستراتيجيات التغيير المخطط :

يستعمل المدراء ووسطاء التغييراستراتيجيات مختلفة لحشد القوة والسلطة وممارسة التأثير بالآخرين للحصول على إسناد ودعم العاملين لجهود التغييرالمخطط. يمكن تأمل الاستراتيجيات الثلاث الآتية:

استراتيجية القوة – الإكراه : تستخدم السلطة الرسمية والمكافآت والعقوبات كحوافز أساسية لخلق التغيير. يستجيب الأفراد خوفاً من العقوبات أو رغبة في الحصول على المكافآت.

استراتيجية الإقناع المنطقي : تستخدم الحقائق والمعرفة الخاصة والحجج المنطقية لإحداث التغيير. تفترض الاستراتيجية أن الفرد العقلاني الرشيد سيقرر دعم ومساندة التغيير من عدمه مستنداً على سلامة تفكيره ومصلحته الذاتية. لذلك لا بد من قيام وسيط التغيير بحشد قدراته لاقناع الآخرين بأن التغيير سيجعلهم أفضل من السابق.

استراتيجية قوة المشاركة : تستخدم طرق المشاركة في اتخاذ القرار والتوكيد على القيم المشتركة لخلق التغيير. إنها تستلزم تمكين وإشراك الأفراد الذين يتأثرون بالتغيير بصدق وفاعلية في التخطيط واتخاذ القرار الرئيس المتعلق بالتغيير. يتطلب تطبيق هذه الإستراتيجية تنمية اتجاهات الدعم والإسناد للتغيير من خلال المشاركة أو التمكين والتي تستند بدورها على بناء القيم الشخصية ومعايير الجماعة والأهداف المشتركة لكي يظهر الدعم والإسناد طبيعياً .

مقاومة التغيير:

هو اتجاه أو سلوك يظهر عدم الرغبة للقيام بالتغيير وعدم إسناده ودعمه. وأسبابها كثيرة منها الخوف من المجهول، نقص الشعور بالحاجة للتغيير، الخوف من فقد الأمن الوظيفي، تهديد المصالح، اختلاف التفسيرات المتعلقة بالتغيير، نقص الموارد، والتوقيت غير المناسب للتغيير. وهناك طرق عديدة لمواجهتها منها التثقيف والاتصال الفعال، والمشاركة الفعلية للآخرين، المؤازرة والدعم للأفراد الذي سيواجهون مصاعب ومشكلات التغيير، التفاوض والاتفاق مع مقاومي التغيير وعرض بعض المبادلات عليهم لضمان دعمهم، التحكم والاستمالة للتأثير بالآخرين لصالح التغيير، والإكراه والإجبار الصريح والضمني للحصول على قبول الأفراد بالتغيير وخاصة بالأزمات حيث أن السرعة تكون الأساس في مواجهتها .

* خبير تدريب

المصدر: النشرة الإلكترونية لمعهد التنمية الإدارية - العدد السابع - مايو 2006- المرسل : سعيد العبادي .