ترشيد الإنفاق -3- : ضرورة التفريق بين التكاليف الجيدة والتكاليف السيئة
إدارة التكــــــاليــــف
ماتيو بيتشي
الشيء الوحيد الذي لا يمكن تجاوزه في التخطيط للنمو الاقتصادي هو تحري أكثر الطرق فعالية لتمويل هذا النمو. يجب أن تكون الشركات التي ترغب في التوسع جادة في مساعيها نحو إيجاد طرق لتحرير التكاليف ورأس المال مع إعادة استثمارها مستغلة أفضل الفرص الممكنة لتحقيق ذلك. في هذا البحث سوف نناقش لماذا يجب أن تتماشى إدارة التكاليف مع استراتيجيات النمو أو التوسع في الشركة، بل وتشكل جزءاً واضحاً منها، فالتحدي لا يقتصر على تخفيض التكاليف بل يتعداها إلى ضمان إخراج المنافسين من حقل الاستثمار في عملية التوسع. من هنا تم وضع أربعة مبادئ لتحقيق هذا التماشي (المحاذاة): 1. استخدام أهداف طموحة للمبيعات وأهداف تحسين المدخول. 2. أهداف محددة خصيصاً لتخفيض التكاليف. 3. تخفيض تكاليف انتقائي. 4. مقدرات تنظيمية متطورة. مشاكل برامج تخفيض التكاليف : في الثمانينات من القرن الماضي أصبحت برامج خفض التكاليف جزءاً لا يتجزأ من حياة التنظيم أو الشركة في بحثها عن المزيد من الأرباح. كانت برامج كهذه هي المسؤولة عن خلق الأبطال كما أنها مسؤولة عن خلق الأوغاد (حسب منظورك). وبالرغم من أن خفض التكاليف يقود إلى مكتسبات مؤقتة من حيث الفاعلية، ويمكن أن يساعد الشركات في تحقيق أهداف المدخول المنشودة، فإنها نادراً ما تقود إلى تطوير الوضع التنافسي.ولهذا ثلاثة أسباب : 1. مبادرات تخفيض التكلفة طريقة مثلى في تعزيز الأرباح على المدى القصير، ولكنها قد تستنزف الجهود في التطوير التنافسي الأطول أمداً. غالباً ما يظهر النموذج المتبع في برامج تخفيض الكلفة إما بشكل شد الحزام في الأوقات الصعبة، أو أنه يأتي كجزء من خطة التخفيض، وفي كلا الحالتين يكون الدافع الأول هو زيادة الحد الأدنى من الأرباح أو حمايته. وبالرغم من أهمية برامج خفض التكاليف، إلا أنها تبقى بشكلها المنفرد طريقة ذات بعد واحد، وتطبق لتحقيق فائدة تنافسية على المدى القصير. نادراً ما تساهم هذه البرامج في تقوية وتطوير منتج الشركة أو الخدمات المقدمة في الوقت الذي تتجه فيه الأرباح مباشرة نحو الحد الأدنى من الأرباح أو يأخذها الزبائن والمستهلكون على شكل أسعار مخفضة. 2. معظم برامج تخفيض التكاليف أشبه بـ "مقسم الكعكة". من حيث أنها تتناول هدفاً واحداً وتطبق مقاييس تخفيض التكلفة عبر مختلف أعمال الشركة . عندما يصل الأمر إلى إدارة التكاليف، تظهر أكثر المشاكل شيوعاً وهي فقدان أمور هامة مقابل التخلص من عبء زائد. في محاولة خفض التكاليف، والظهور بمظهر المنافس القوي، تفقد الشركة مقدرات مفصلية وهامة، وهذا واقعياً يسفر في النهاية عن انخفاض في مستوى القدرة التنافسية. يكمن التحدي هنا في التفريق بين " التكاليف الجيدة" – تلك التي تساهم في المصالح الربحية ، "والتكاليف السيئة"، تلك التي يمكن أن تحذف دون أن تنقص من على المصالح الربحية. تختلف "التكاليف السيئة" من حيث الطبيعة والمستوى من عمل لآخر وذلك حسب الإستراتيجية المتبعة. 3. يتم التعامل مع برامج تخفيض التكلفة على أنها مشاريع محدودة أكثر من كونها عمليات مستمرة. حتى بعد حملات تخفيض التكلفة الناجحة، فإن النتيجة التي تصل إليها العديد من الشركات هي إما صعود المنافسين أو عودة التكاليف إلى الارتفاع من جديد، ولو أن هذا غالباً ما يحدث في مساحات مختلفة. إن أية فائدة تنافسية يتم اكتسابها بشكل مؤقت لا تلبث أن تتآكل لتعود الشركة إلى نقطة البداية من جديد، وتواجه مشهداً آخراً من التقلص الحجمي المؤلم (في محاولة للتخفيف من الضغط المستمر الذي يمارسه الزبائن والمستهلكون للحصول على أكبر قدر ممكن من الفائدة). لذلك كان تطبيق إدارة نفقات مستمرة ومتطورة بإحكام في التنظيم لا يقل أهمية عن تطبيق إستراتيجية خفض نفقات صارمة، مع فارق أن الفائدة التي تجنيها الشركة أو التنظيم من الأولى دائمة، وتضع في النهاية حداً للحاجة إلى مبادرات الفعالية المتكررة . المبادئ الأربعة لتماشي إدارة النفقات مع تطور الخط الأعلى: من خلال عملنا مع عدد من الشركات في مواضيع إدارة النفقات أتينا على أربعة مبادئ رئيسية لمحاذاة إدارة التكاليف مع نمو أو تطور الحد الأعلى من الأرباح. المبدأ الأول: استخدام أهداف طموحة للمبيعات وأهداف تحسين المدخول للالتزام بالنمو المعتمد على إدارة النفقات وتحفيزه. تم اتخاذ شركة إنتاج بضائع استهلاكية كنموذج في الدراسة. معظم الشركات لا ترى أن إدارة النفقات مرتبطة بإستراتيجية الشركة، وبالتالي بنمو أي جانب منها أو تطوره . هذا ما كان عليه الحال في شركة إنتاج المستهلكات. ففي حين كان نمو المدخولات التاريخي ثابتاً في الشركة، كان نمو المبيعات متواضعاً في أحسن أحواله، وكانت خطوة التغيير في الأداء مطلوبة في كلا المساحتين. هنا أعلنت الإدارة العليا أهدافاً صعبة للحد الأدنى و الحد الأعلى من الأرباح محاولة لدفع الشركة لتفهم الحاجة إلى التزام طريقة أخرى مختلفة لتخفيض التكلفة. لن يكون العمل قادراً على تحقيق نمو مدخول بالحجم المرغوب فيه إلا من خلال خفض التكلفة وزيادة المبيعات، وبالتالي إقحام الحاجة إلى الربط بين الاثنين. أظهر تفحص دقيق لوحدة أعمال هامة أن الاعتماد على قاعدة تكاليف أساسية مرتفعة كان يحد من كمية التمويل التي يمكن استثمارها في النمو. كان المنافسون بقواعد تكلفة أكثر فعالية قادرين على تحقيق مستويات من الربحية مماثلة أو أعلى، في حين خرجت الشركة من حقل الاستثمار في بعض المجالات مثل التسويق والابتكار. صورة مشابهة ظهرت في الشركة – مستوى منخفض في النمو - ومستمر في الانخفاض - بالمقارنة مع المنافسين، وتكاليف أعلى بشكل ملحوظ . وفي حين بدا ظاهرياً أن الحد الأدنى من الأرباح مستمر في خط سيره ، فإن الطريقة التي كان يُكتسب بها كانت تحد من نمو الحد الأعلى من الأرباح ، ويمكن أن تسبب تآكلاً في الأعمال مع مرور الوقت. نسبياً، لم يكن فهم ما يعانيه العمل من أزمة تكلفة في هذه المساحات أمراً جديداً، مع ذلك، فإن الضرورة الملحة والإجماع على توضيح الوضع لم يظهر حتى تم تحديد أهداف مبيعات ومدخول عالية المستوى، ثم ما لبثت أن أدركت الإدارة أنه لتحقيق تلك الأهداف، لا بد من توضيح سلبيات النمو؛ يجب زيادة بعض التكاليف على أن تمول من مدخرات مساحات أخرى. كانت النتيجة النهائية إيجاد برنامج عالمي لتخفيض النفقات يطبق عل المجموعة ويقوم عليه فريق من قادة المستوى الأعلى. المصدر:مجلة الإبداع
|