ميزانية البحرين للعامين 2009 و 2010

 

د.جاسم حسين

 

عضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب في البحرين

تتميز البحرين بإقرارها ميزانية سنتين ماليتين في آن واحد. وتزعم السلطات أن التجربة تسهم في منح مؤسسات القطاع الخاص فرصة معرفة اتجاهات الصرف للدولة وبالتالي التخطيط للاستفادة من مشاريع القطاع العام.أخيرا وافقت السلطة التشريعية في البحرين على مشروع ميزانية السنتين الماليتين 2009 و2010 بعد ن نجحت في إقناع الجهات المسؤولة بتعزيز النفقات. وكان مجلس النواب قد رفض المشروع في صيغته الأصلية بتاريخ العاشر من آذار (مارس) تماشيا مع توصيات اللجنة المالية والاقتصادية الداعية إلى تخصيص مبالغ لمساعدة الأسر البحرينية للتكيف مع الظروف المعيشية الاستثنائية، أي تداعيات التضخم والأزمة المالية كما ألزمت الحكومة نفسها بصرف المزيد من الأموال على قطاعي التعليم والصحة تماما مع توصيات اللجنة المالية والاقتصادية والتي تهدف إلى الحفاظ على نوعية الخدمات الحيوية بالنظر إلى النمو السكاني المرتفع نسبيا والتي زادت على 3 في المائة في الآونة الأخيرة.

سنتان ماليتان

حسب الأرقام المعدلة، تبلغ قيمة المصروفات المقدرة للسنة المالية 2009 نحو 5.5 مليار دولار. تم تخصيص 4.7 مليار دولار للمصروفات المتكررة لتغطية رواتب وأجور موظفي القطاع العام وأمور أخرى مثل الصيانة. أيضا تم رصد المبلغ المتبقي أي 800 مليون دولار لمصروفات المشاريع من قبيل تطوير شبكة الطرق والموانئ وإنشاء مشاريع إسكانية للمواطنين. في المقابل، تبلغ قيمة الإيرادات المقدرة 3.7 مليار دولار ما يعني وجود عجز دفتري قياسي قدره 1.8 مليار دولار. لكن يتوقع أن يكن العجز الفعلي أقل من ذلك على خلفية توقع تراجع حجم المصروفات بسبب الظروف الاستثنائية.تقليديا تصرف السلطات أقل من المبلغ المخصص للمشاريع، حيث بلغت نسبة التنفيذ 73 في المائة في السنة المالية 2007 (لا تتوافر حتى الآن الإحصاءات النهاية لعام 2008). يعتقد أن مسألة عدم صرف المخصصات كاملة مرتبطة بتحديات مثل مشكلة التخطيط فضلا عن محدودية القدرة الاستيعابية للاقتصاد مثل صعوبة ضمان توافر مواد البناء والعدد الكافي من المقاولين لتنفيذ المشروعات التنموية. وهناك سبب آخر وهو الخوف من زيادة حدة التضخم جراء مصروفات القطاع العام.من جهة أخرى، تبلغ قيمة المصروفات للسنة المالية 2010 نحو 5.8 مليار دولار. وكما هو الحال مع السنة المالية 2009 تم رصد 800 مليون دولار لمصروفات المشاريع ما يعني تخصيص خمسة مليارات دولار للمصروفات المتكررة. في المقابل، تبلغ قيمة الإيرادات المقدرة 3.9 مليار دولار ما يعني وجود عجز دفتري مقداره 1.9 مليار دولار.

اقتصاد النفط

تؤكد الأرقام أن الاقتصاد البحريني سيبقى تحت رحمة التطورات في القطاع النفطي رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي. فقد تم اعتماد الموازنة على أساس أن القطاع النفطي سيسهم بنحو 76 في المائة من مجموع إيرادات 2009 و2010. وفي ضوء توافق السلطتين التشريعية والتنفيذية تم افتراض متوسط سعر قدره 40 دولارا للبرميل. وكانت وزارة المالية قد افترضت الرقم نفسه لموازنة السنتين الماليتين 2007 و2008 لكن مع فارق جوهري وهو عدم توقع حدوث ارتفاع في أسعار النفط في المستقبل المنظور بسبب مشكلة الطلب نظرا للأزمة المالية العالمية. ليس بمقدور البحرين التأثير في حركة أسعار النفط، بل إنها ليست عضوا في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك".تحصل البحرين على إيراداتها النفطية من ثلاثة مصادر وهي: 1) حقل أبو سعفة. 2) حقل البحرين. 3) مبيعات الغاز. يسهم حقل أبو سعفة بنحو 80 في المائة من مجموع الدخل النفطي. تتقاسم البحرين إنتاج حقل أبو سعفة مع الجارة والشقيقة الكبرى السعودية (يبلغ إنتاج الحقل 300 ألف برميل في اليوم). إضافة إلى الدخل النفطي، تحصل الخزانة على إيرادات أخرى من الضرائب على الواردات فضلا عن الرسوم على الخدمات الحكومية ومبيعات المنتجات مثل الكهرباء و عوائد الاستثمارات فضلا عن الإعانات من دول الجوار.

دور القطاع العام

تعد الموازنة العامة حساسة بشكل نوعي في البحرين حيث تمثل مصروفات الدولة نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي. ويعكس هذا الرقم المرتفع نسبيا مدى تدخل القطاع العام في المسائل الاقتصادية. حسب تقرير الحرية الاقتصادية تعد هذه المسألة إحدى النقاط السلبية بالنسبة للاقتصاد البحريني. يشار إلى أن مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة "وول ستريت جورنال "الأمريكتين تصدران تقرير الحرية الاقتصادية السنوي. يعد التدخل الحكومي في الاقتصاد أحد المتغيرات العشرة لمؤشر الحرية الاقتصادية لكنه يعد أمرا سلبيا في حد ذاته ويكون عادة على حساب الحرية الممنوحة للقطاع الخاص. وقد حلت البحرين في المرتبة 16 عالميا على مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2009 أي الأفضل بين الدول العربية قاطبة.

ختاما: تتميز البحرين بإقرارها ميزانية سنتين ماليتين في آن واحد. وتزعم السلطات أن التجربة تسهم في منح مؤسسات القطاع الخاص فرصة معرفة اتجاهات الصرف للدولة وبالتالي التخطيط للاستفادة من مشاريع القطاع العام. ولا غرابة أن قاومت وزارة المالية محاولات اللجنة المالية والاقتصادية بإقرار ميزانية سنة مالية واحدة بحجة أن التحول سيرسل إشارة سلبية إلى الجهات المعنية مفادها تأثر البحرين بشكل مادي بالأزمة المالية العالمية. في المقابل، شدد بعض النواب على أهمية المقترح بالنظر إلى صعوبة معرفة اتجاهات بعض المتغيرات الرئيسة للميزانية وخصوصا أسعار النفط.

وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون تعليق .

المصدر:aleqt.com