أمريكا
والعالم يحاربان الأزمة بإلغاء الربا
د.يوسف
بن عبدالله الزامل
سعر
الفائدة = صفر (1 من 2)
(لا)
للفائدة.. لماذا؟
أهم ما يحتاج إليه كثير
من الناس، بل بعض المختصين هو فهم لماذا لا تستحق النقود عائدا (فائدة
أو ربا) عليها؟ وكيف أن إعطاء النقود عائدا يخلخل الأجهزة الاقتصادية
لأي دولة.عناصر الإنتاج في الاقتصاد أهمها العمل والموارد الطبيعية
ورأس المال المادي (البنايات، الطرق، السيارات، الآلات.. إلخ) وليس رأس
المال النقدي، ومن هنا فالنقود ليست عنصر إنتاج، بل هي أدوات تداول
تنبع قيمتها ومنفعتها من الثقة العامة، التي يمنحها إياها الجمهور
والسلطات النقدية والأجهزة البنكية، ومن هنا فليس للنقود قيمة ذاتية
ولا مساهمة مباشرة أو حقيقية في تكوين الإنتاج والدخل ولا ملكية خاصة
بحتة للسلعة النقدية Private Goods بقدر ما هي ملكية عامة Public Goods
لا يمكن صنعها ولا الاستفادة منها، ولا يمكن ملكيتها ملكية خاصة معتبرة
إلا بشكل إجماعي يتضامن فيه المجتمع مع الدولة، وهي في ذلك تشابه من
جوانب سلعة الأمن وسلعة الطرق وغيرها من السلع العامة وشبه العامة
وأخذ الفائدة (أي فائدة) على النقود يحدث فورا ولادة قطاع نقدي
منفصم ومنافس وغير مكمل للقطاع الحقيقي، فيبدأ التفاوت الكبير بين
الادخار والاستثمار، وبالتالي بين الطلب والعرض وبين الطلب على النقود
وعرض النقود، ومن هنا تبدأ التذبذبات وتدور الدورات الاقتصادية ومن ثم
الأزمات المالية صغيرة أو كبيرة كالتي تتعرض لها حاليا الاقتصادات
العالمية في الأزمة المالية العالمية، التي طفت ظواهرها على السطح منذ
آب (أغسطس) 2008، واستمرت في التفاعل والاستفحال حتى الوقت الحاضر
وعامة الناس غير المختصين المدركين لحقائق وخفايا التحليل
الاقتصادي قد لا يفهمون لماذا يمنع الإسلام الربا (الفائدة)، وينادي
بمعدل صفري لعلاقات الإقراض والاقتراض. أما المختصون المحللون لأبعاد
وأغوار الاقتصادات الكلية، فلا يخفى عليهم ما أشرنا إليه أعلاه من أن
النقود ليس لها دور إنتاجي على مستوى الاقتصاد الجزئي، وإن كان لها
أعظم الدور في رفع الكفاءة والإنتاج على مستوى الاقتصاد الكلي (بين
القطاعات والأسواق)، ومعلوم أن عوائد الفائدة لا تعطى ولا تأخذ إلا على
المستوى الجزئي (بين الشركات والأفراد والمؤسسات)
والاقتصادات العالمية وفي مقدمتها الاقتصادات الغربية في سعيها
إلى إيجاد مخارج سريعة للحيلولة دون تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية
العالمية وللبدء في مسارات للخروج منها أخذت تعيد النظر في الضوابط
التي تضعها لأسواقها المالية ومؤسساتها البنكية والائتمانية، لتطوير
التنظيمات والأدوات والأساليب والإجراءات لتتماشى مع تطور الاقتصادات
والأسواق المالية ونمو المنتجات المالية والمخترعات التقنية التي لم
تعد الوسائل والأنظمة والأدوات المستخدمة تتواءم مع عوالمها
ولا شك أن المنتجات والأدوات والأنظمة المالية الإسلامية لا بد
أن تؤثر ـ قليلا أو كثيرا ـ في منحى وطبيعة التغيرات التي ستحدث في
الأنظمة الاقتصادية والمالية الغربية، ولكن حقيقة لا يمكن تصور أن
تعتمد الجهات التشريعية الغربية في سعيها نحو التطوير على مصادر أو
مراجع لها من الأنظمة المالية والاقتصادية الإسلامية، فضلا عن أن
تستخدم هذه المنتجات والأدوات المالية والاقتصادية الإسلامية نفسها،
وذلك لأسباب قيمية ثقافية يفطن إليها من يلم بالثقافة الغربية وأثر
المزيج النصراني - اليهودي في تكوين هيكلها الاجتماعي - السياسي ويصدق
تقريرنا هذا مع أن الجهات الرسمية في بريطانيا وفرنسا ودولا غربية أخرى
قد توفر بيئات أكثر مناسبة لتطوير أنظمة مالية واقتصادية إسلامية
للجاليات الإسلامية والأموال والثروات من العالم العربي الإسلامي من
تلك التي يمكن أن يوفرها كثير من الدول العربية الإسلامية.
*(يتبع
في العدد القادم)
وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون
تعليق .
المصدر : aleqt.com
|