كي ننقذ المصارف يجب التصدى للمصرفيين

 

بيتر بون وسايمون جونسون

 

 

إذا أخفيت اسم البلد وأظهرت فقط الأرقام المتعلقة بالوضع الحالي للولايات المتحدة، فإن مما لا شك فيه أن المسؤولين القدامى في صندوق النقد الدولي سيقولون: عليكم بتأميم النظام المصرفي. وقامت الحكومة فعلياً بضمان التزامات النظام بشكل أساسي، ويجب أن تكون أصول البنوك بالقيمة السوقية أدنى بشكل كبير من الالتزامات، وربما يتحول الانكماش العالمي الشديد إلى الكساد الأعظم سيعمل التأميم على تبسيط مهمة تنظيف الميزانيات العمومية للبنوك، والتي بدونها لا يمكن أن يكون لأي حجم من إعادة الرسملة أي معنى على الإطلاق. وسيتم إنشاء شركة لإدارة الأصول لكل بنك تم تأميمه، ويمكن بوضوح تقسيم القروض والأوراق المالية إلى "جيدة بالتأكيد"، و"كل شيء آخر" ستذهب القروض الجيدة إلى البنوك التي تمت إعادة رسملتها، وعندها لن يتحمل دافع الضرائب كافة المخاطر فحسب (كما هي الحال الآن)، بل يحصل أيضاً على كل الجوانب الإيجابية. وستكون محصلة التخلص الحذر من الأصول الرديئة خسائر أدنى مما يخشى، رغم أن الإضافة النهائية الصافية إلى ديون الحكومة ستكون بلا أدنى شك في النطاق العادي لإخفاقات المصرفية: ما بين 10 و20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وحالما يتكشف أن البلد المعني هو الولايات المتحدة، ينبغي عندها أن تتغير النصيحة. أولاً، التأميم لعنة في الولايات المتحدة. وثانياً، لا تملك الحكومة سجلاً لإدارة مشروعات تجارية ناجحة.

وثالثاً، عليك أن تفكر فيما يحدث لو أن النظام السياسي الأمريكي وضع بين أسنانه قضمة من الائتمان الذي تديره الدولة، مع كل الضغوط التي تستتبع ذلك. وإذا أردت أن ينتهي بك الأمر إلى اقتصاد باكستان، وسياسات أوكرانيا، ومعدل التضخم في زيمبابوي، فإن تأميم البنوك هو الطريق الذي ينبغي أن تمضي فيه مع ذلك لا تجد جهة أخرى فيما عدا الحكومة كي تعيد رسلمة النظام المصرفي ودون رأسمال كافٍ لا يمكن جعل الإقراض مستقراً، وأي تعافٍ أولي سيتعرض للاختناق منذ الولادة والمشكلة هي نطاق إعادة الرسملة اللازم لتغطية الخسائر الفعلية التي تواجهها البنوك. وثمة حاجة إلى رأسمال إضافي لدعم رغبة البنوك (وكل جهة أخرى) في رسملة أعلى في المستقبل ومع استمرار تدهور الاقتصاد العالمي، فإننا بحاجة إلى المزيد من رأس المال كضمانة ضد سيناريو الحالة الأسوأ للانكماش وما هذه إلا مجرد عناصر مباشرة لإعادة الرسملة. وسيتعين على شركات إدارة الأصول أن تدفع نقداً مقابل الأصول المتعثرة. وينبغي أن يعمل الشراء بأسعار السوق الحالية على حماية معظم استثمارات دافعي الضرائب، وهو المنهج الوحيد الذي سيجد دعماً سياسياً.

يشير إجمالي هذه الأرقام إلى أن الحكومة بحاجة إلى أن توفير رأسمال تشغيلي في المنطقة يراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف مليار دولار. وإذا سارت الأمور جيداً، يجب أن تكون خسائر دافعي الضرائب محدودة للغاية، إذ تصل التكلفة النهائية إلى ألف مليار دولار. غير أن ذلك يقتضي أن يحصل دافع الضرائب على مشاركة إيجابية كافية. فكيف يمكن ذلك دون تلقي ملكية عامة تتضمن بحسب أسعار يومنا هذا حصصاً مسيطرة في البنوك - أي التأميم؟ بإمكاننا أن نتلقى كمية كبيرة من الأسهم غير المصوتة، لكن أغلبية مساهمة صامتة تمثل لفظاً متناقض المعنى، ويشوه حوافز المديرين باتجاه المزيد من السلوك السيئ.

الحل السياسي الأكثر قوة هو أن تمتلك الحكومة، ليس أسهماً مصوتة، وإنما ضمانات ـ خيار شراء مثل تلك الأسهم. وستتحول هذه الضمانات إلى أسهم عامة ثم يتم بيعها، ويمكن لهيكل على غرار Resolution Trust Corporation، أن يدير عملية التخلص من هذه الحصص المسيطرة، إلى أيدي مستثمري الأسهم الخاصة. وسيعيد المالكون الجدد هيكلة عمليات البنك، ويطردون التنفيذيين، ويعملون على تفكيك البنوك (على الأخص إذا تمت إضافة بعض النصوص لمكافحة الاحتكار) ستكون النقطة المذهلة رفض البنوك بيع الأصول بقيمة السوق. وعلى المنظمين أن يطبقوا دون أي لين، قوانينهم ومبادئهم القائمة، المتعلقة بالمعيار، لتسويق جميع الأصول غير السائلة. يجب استخدام القانون ضد المحاسبين، وتنفيذيي البنوك الذين ينحرفون عن القوانين المتعلقة بمتطلبات رأس المال. ومن شأن ذلك أن يركز أذهان نخبتنا المالية. وبخلاف ذلك سيجمعون رأس المال بشكل خاص، أو ستوفره الحكومة، لكن في هذه المرة وفق شروط مواتية لدافعي الضرائب. وبطبيعة الحال، جماعات الضغط المساندة للمصرفيين ستحتج بصوت عالٍ. والأمر الجيد هو أن لدينا رئيساً أمريكياً بإمكانه أن يواجه الأمر.

* بيتر بون رئيس "التدخل الفعال" Effective Intervention، وهي مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة، وزميل باحث في مركز الأداء الاقتصادي في مدرسة لندن للاقتصاد.

* وسيمون جونسون كبير الاقتصاديين سابقاً لدى صندوق النقد الدولي، وأستاذ في مدرسة سلون للإدارة في معهد ماساشوستس للتقنية، وزميل رفيع في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي. ويدير كلاهما الموقع الإلكتروني BaselineScenario.com.

وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون تعليق .

المصدر: الاقتصادية -17-2-2009- فاينانشال تايمز