تعافي
الاقتصاد العالمي رهن تعاون الصين وأميركا
روبرت
بي زوليك - جستن يفو لين
تعافي الاقتصاد العالمي
هو رهن تعاون الصين والولايات المتحدة، أكبر قوتين اقتصاديتين في
العالم، ومحرك الـ «20» (مجموعة العشرين). وأغلب الظن ان تعجز المجموعة
عن النهوض بالاقتصاد، ما لم يبرز تحالف صيني - أميركي. والحق أن علة
اختلال ميزان المدفوعات العالمي بنيوية، ومردها الى المبالغة في
الاستهلاك بالولايات المتحدة، والمغالاة في الادخار بالصين. ونفخت
فقاعات الأسهم والعقارات في فورة الاستهلاك الاميركية، وقلصت معدلات
الادخار بالولايات المتحدة. ومرد ارتفاع معدلات الادخار بالصين الى خلل
بنيوي في القطاع المالي والقطاع العام، وقطاع الموارد وبلغت معدلات
الادخار الصينية نحو نصف معدل الناتج الإجمالي المحلي، وهذه أعلى نسبة
في العالم. وهي ليست مردها الى ادخار العمال والموظفين الأموال. فنسبة
ادخار الأسر الصينية من الناتج المحلي لا تتعدى الـ20 في المئة، شأنها
شأن الهند. ولكن شطراً كبيراً من نسبة الادخار العالية مصدره شركات
القطاع العام. ويعوق افتقار الشركات الصغيرة الى خدمات مالية نمو هذه
الشركات، ويشل حركة التوظيف وتوفير فرص العمل، ويضعف قيمة الرواتب.
ويترتب على هذا الخلل البنيوي إسهام عامة الصينيين والشركات الصغيرة
والمتوسطة الحجم في تمويل الشركات الكبيرة وطبقة الأثرياء الجدد. فقيمة
الرواتب والفوائد منخفضة. وليست إعادة تسعير قيمة العملة الصينية
السبيل الى تقويم هذا الخلل وحرّي بالديبلوماسية الاقتصادية الأميركية
- الصينية أن تتعاون لكبح موجة الانكماش العالمي المقبلة. وتسعى
الولايات المتحدة الى تحريك عجلة الاستهلاك، والصين الى توفير سيولة
للاستثمارات. وهذا رد آني على الأزمة. ولكن، مع الوقت، يجب أن تسعى
أميركا الى رفع معدل الادخار والاستثمار، وأن ترفع الصين معدل
الاستهلاك.
ويجب ان ترمي الحوافز
المالية الصينية الجديدة الى توفير قدرة شرائية في أوساط المستهلكين
الفقراء، وإنشاء بنى تحتية «ناعمة» في مجال قطاع الخدمات، وبنى تحتية
«قاسية» للحد من انكماش النمو. ويجب أن تعزف عن تسعير الموارد بأدنى من
قيمتها الفعلية، وأن ترمم، تالياً، الدمار البيئي. وعلى الولايات
المتحدة أن تهيكل السياسات المالية وسياسة القروض والأسهم، وتجدد عمل
النظام المالي. على البلدين تفادي الانزلاق الى سياسات حمائية، ومساعدة
الفقراء الضعفاء وحمايتهم وينبغي أن يدور الحوار الاقتصادي الاستراتيجي
بين الصين والولايات المتحدة على تقليص حجم الاختلال البنيوي في معدلات
الاستهلاك والادخار في اقتصاديهما. وتحتاج الصين الى تطوير سبل توزيع
العائدات توزيعاً عادلاً يبلغ الصينيين «مجتمعاً متجانساً»، على ما
يشتهي قادتها.
ويفترض هذا أن تعزز الصين
شبكة الضمان الاجتماعي، وأن ترفع قيمة الرواتب، وتطور قطاع الخدمات،
وتحدد سعر الموارد سعراً «بيئياً» لا يلحق ضرراً كبيراً بالبيئة وحريّ
ببكين أن تدعو القطاع المصرفي الى تطوير خدماته للشركات المتوسطة الحجم
والصغيرة، وأن تمضي قدماً في رفع القيود عن التجارة، وعن الاستثمار في
قطاع الخدمات، وتشريع أبواب المنافسة في سوق الاتصالات، وإنهاء احتكار
مجموعة من الباعة الأسواق. وإذا لم تزد الصين حجم الواردات، يتهددها
تراجع الصادرات وضمورها.لا مناص من موازنة الولايات المتحدة بين
الادخار والاستهلاك. وليس في مقدورها اللجوء مرة أخرى الى استنفاد قيمة
بطاقات التسليف لتمويل حركة استهلاك لا عقال لها. وضبط ارتفاع عجز
الموازنة مهمة عاجلة. وكذلك الاستثمار في قطاع التعليم وتطوير الأبحاث
وقطاع التكنولوجيا. ومثل هذه الإجراءات تضبط الأزمة الاقتصادية
العالمية في نطاق محتمل، وتخفف اضطرابها.
* مدير «ورلد بنك غروب»،
ونائب رئيس تطوير السياسات الاقتصادية في المجموعة نفسها، عن «واشنطن
بوست» الأميركية، 6/3/2009
وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون
تعليق .
المصدر: daralhayat.com
|