بريتون وودز 2009.. في مصلحة من؟

 

عبد المحسن بن إبراهيم البدر

 

 

في عام 1944، خرج العالم من حرب طاحنة أزالت جميع مظاهر النمو الصناعي المدني والحضارة التي كانت في أوجها، وخرج عندها العالم على أسماء المنتصرين في الحرب وعلى الأخص من أسهم في تغيير مسار الحرب وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي أرست قواعد القوى العظمى على المستوى السياسي وبدأت بناء النظام الرأسمالي الاقتصادي المالي على أساس مصالحها ومصالح حلفائها في الانتصار. اجتمع ممثلو 44 دولة بالمنتجع الصيفي بريتون وودز في مقاطعة نيو هامبشر، وتم خلالها وضع النظام المالي العالمي الجديد في وقتها التي تم من خلالها إبرام اتفاقية بريتون وودز Bretton Woods Agreement Forex Markets، التي تهدف إلى إيجاد نوع من الثبات في السياسات النقدية وأسعار الصرف بين دول العالم من خلال وضع البنية التحتية لتنقل رؤوس الأموال بين الدول كأساس لتسهيل التجارة العالمية وخرجت حينها وبعدها المؤسسات الدولية (الاقتصادية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأمم المتحدة والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة GATT)، تلك المؤسسات دعمت التوجه العام السياسي والاقتصادي لاتفاقية بريتون وودز.

55 عاما على النظام العالمي، شهد الكثير والكثير من التغيرات السياسية والاقتصادية، بداية من الحرب الباردة وحرب النجوم وسقوط جدار برلين وسقوط الاتحاد السوفيتي وعودة روسيا وخروج قوى اقتصادية قوية وجدية، وفي عام 2008 شهد العالم التغير الحقيقي لمخرجات بريتون وودز وأساسها النظام السياسي والاقتصادي لمن استحدث ذلك النظام المالي العالمي. سقط النظام الرأسمالي بشكل كبير، وسقط قناع اقتصاد السوق الذي كانت تنادي به الدول ذات المصلحة منه. لم تعد التجارة العالمية كما أعلنت !! ولم تعد قوى السوق هي من يحدد توجه الاقتصاد!! بدأت أمريكا نفسها بكسر أسس النظام الرأسمالي عندما أممت بنوكها وشركاتها بداية من شركتي فني مي وفريدي ماك إلى سيتي جروب، وأصبحت المصلحة في تدخل الدولة بشكل كبير في سياسات قطاع الأعمال على جميع المستويات. آخرها إعلان الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما وضع حد أقصى لرواتب مديري الشركات التي تحصل على مساعدات من الدولة يقدر بـ 500 ألف دولار. وكسرت قواعد التجارة العالمية عندما أعلنت أمريكا عن استحداث بند" حماية" للمنتجات الأمريكية ضمن مشروعي خطة الإنقاذ التي طرحها الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتصويت أمام الكونجرس، وتعني بشكل صريح أن الدولة تعطي أفضلية على شكل نهائي لمنتجات أمريكية على حساب المنتجات الأخرى حتى إن وضعت التكلفة كشرط لتطبيق هذا النظام، فذلك بلا شك ينافي أهم مبادئ منظمة التجارة العالمية ويخل بأبسط قواعد التجارة العالمية.

خلال شهر نيسان (أبريل) المقبل يجتمع قادة قمة العشرين في لندن، وأمريكا ليست في أفضل عصورها سياسيا، وفي أضعف أوقاتها اقتصاديا، والمؤسسات الدولية بجميع أطيافها فشلت في إرساء نظام عالمي متوازن وعادل، فقرارات الأمم المتحدة كانت تطبق وفق المصالح ومجلس الأمن لم يحافظ على أمن جميع دول العالم، والمؤسسات الاقتصادية عليها ما عليها من علامات الاستفهام، وخصوصا من الدول التي تكبدت الكثير بسبب سياسات صندوق النقد الدولي، خصوصا خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. وقمة العشرين تأتي وقوى العالم 20 وليس 8. وتأتي بريتون وودز 2009 والجميع قد تعلم درس بريتون وودز 1944 على المستويين السياسي والاقتصادي.

بريتون وودز 2009 نظام جديد بدول جديدة وطموحات جديدة، فلمن تكون المصلحة؟

وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون تعليق .

المصدر: aleqt.com