هيلاري كلينتون واستراتيجية أميركا النفطية

 

دام بلاز

 

دعت السيناتورة الديمقراطية هيلاري كلينتون (عن ولاية نيويورك) يوم الثلاثاء الماضي إلى أن تخفض الولايات المتحدة استهلاكها للنفط الأجنبي بحوالى النصف بحلول عام 2025، مشيرة في هذا السياق إلى استراتيجية وطنية تقوم على التحفيز الضريبي من جهة، وفرض ضريبة على الأرباح النفطية من جهة أخرى، إضافة إلى رصد تمويل جديد للبحث بهدف تشجيع المحافظة على مصادر الطاقة البديلة وتطويرها.

وحذرت المرشحة المحتملة لانتخابات 2008 الرئاسية الأميركية مما وصفتها بالعواقب الوخيمة في حال فشلت البلاد في كبح عاداتها الاستهلاكية الحالية، على اعتبار أن عدم التحرك أمام ارتفاع أسعار النفط والتهديدات الإرهابية تعرض كلاً من الأمن القومي وتنافسية البلاد الاقتصادية للخطر. وفي هذا الإطار، قالت كلينتون في الخطاب الذي ألقته في نادي الصحافة الوطنية: "إن نظام الطاقة الذي نعتمده حالياً يضعف أمننا القومي ويضر بمواردنا المالية، ويخرق قيمنا المشتركة، ويهدد مستقبل أطفالنا"، مضيفة "واليوم، وبدل أن يكون أمننا القومي هو الذي يحدد سياستنا الطاقية، تحدد سياستنا الطاقية الفاشلة أمننا القومي".

وقد تضمن خطاب كلينتون جملة من الأهداف والاقتراحات التي تروم تقليص اعتماد البلاد على النفط الأجنبي. وتعد هذه المرة الثانية في ظرف شهرين التي تلقي فيها هيلاري كلينتون خطاباً رئيسياً حول السياسة الداخلية. وبالرغم من أن تركيزها مُنصب على الفوز بإعادة انتخابها في مجلس الشيوخ هذا الخريف، إلا أن خطاباتها بدأت تبرز مواقفها تجاه عدد من التحديات الوطنية التي ستواجه الفائز في انتخابات الولايات المتحدة الرئاسية لعام 2009.

وقد كررت كلينتون ما أعلنه الرئيس بوش في خطابه حول "حالة الاتحاد" في وقت سابق من هذا العام حين انتقد ما سماه إدمان البلاد على النفط الخارجي، غير أن الحلول التي اقترحتها السيناتورة الديمقراطية ذهبت أبعد مما ذهبت إليه حلول بوش. كما انتقدت كلينتون نائب الرئيس ديك تشيني الذي اعتبر، في وقت سابق من ولاية بوش الرئاسية، أن ترشيد استهلاك الطاقة ليس حلاً عملياً لنقص موارد الطاقة قائلة "الحقيقة أن ترشيد استهلاك الطاقة ليس فضيلة شخصية فحسب، ولكنه أيضاً جزء مهم من أية سياسة طاقية رشيدة وحكيمة".

إلى ذلك، أعلنت كلينتون أنها تعتزم التقدم بمشروع قانون هذه الأيام يقضي بخلق "صندوق طاقة استراتيجي" يُمَول بشكل رئيسي عن طريق ضريبة على الأرباح تفرض على الشركات النفطية الكبرى التي -تقول السيناتورة- حققت ما مجموعه 113 مليار دولار من الأرباح العام الماضي. كما اعتبرت أن الضريبة على أرباح الشركات وإلغاء إعفاءات ضريبية أخرى بالنسبة للقطاع النفطي يمكنها أن تضخ ما لا يقل 50 مليار دولار في صندوق الطاقة على مدى سنتين ويمول مجموعة من المحفزات الضريبية، داعية إلى رصد 9 مليارات دولار لمبادرات البحث الجديدة في ميادين طاقة الرياح والطاقة الشمسية وأنواع أخرى من مصادر الطاقة البديلة، على أنه بإمكان الشركات النفطية أن تعفى من الضريبة في حال أعادت استثمار الأرباح في برامج شبيهة.

ولتسريع تقليص الاعتماد على النفط الأجنبي، اقترحت كلينتون جملة من الإجراءات التي تروم التشجيع على استعمال السيارات المُهجنة، وتحسين فعالية الطاقة المنزلية، وتسريع وتيرة تطوير "الإيثانول" المستخلص من بقايا النباتات، وإقامة مضخات "الإيثانول" في محطات الوقود. أما الهدف، تقول هيلاري، فهو تخفيض استعمال النفط الأجنبي بنحو 8 ملايين برميل يومياً بحلول 2020، غير أنها حددت أيضاً مجموعة من الأهداف الفرعية، ومن بينها إنتاج 20 في المئة من الطاقة عن طريق مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2020.

إلى ذلك، أعربت كلينتون عن عدم تأييدها لزيادة استعمال الطاقة النووية، مشيرة في هذا السياق إلى مشاكل التكلفة والسلامة والانتشار والنفايات. كما قالت إنها تؤيد معايير ترشيد استهلاك الوقود في السيارات، غير أنها حذرت في الوقت نفسه من اتخاذ إجراءات قد تدفع شركات صناعة السيارات إلى نقل وحدات الإنتاج إلى بلدان أخرى.

وبينما كانت السيدة كلينتون بصدد إتمام خطابها، قاطعها شخصان انتقداها على خلفية تأييدها لحرب العراق، غير أنهما أبعدا لاحقاً من القاعة. وعندما سئلت السيدة كلينتون في وقت لاحق عما إن كانت نادمة على التصويت لصالح قرار حرب العراق، ردت قائلة "أنا نادمة على الطريقة التي استعمل بها الرئيس الصلاحية التي منحت له".

محرر الشؤون الخارجية في "واشنطن بوست"

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر : الإتحاد الإماراتية- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست" -25-5-2006