يجب وقف التآمر حول من يدير الهيئات العالمية

 

ييجور جيدار

 

كان الأمر سيبدو غريباً لو أن الألعاب الأولمبية الصيفية جرت في السنوات الـ 60 الماضية في واشنطن دون سواها

بتاريخ 22 آب (أغسطس) رشحت روسياً خبيراً اقتصادياً مشهوراً من جمهورية التشيك، جوزيف توسوفسكي، لتولي منصب مدير صندوق النقد الدولي. فعلت ذلك لأن الوسائل الخاصة بإدارة النظام المالي العالمي وعلى رأسه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أكل عليها الدهر وشرب، ولذلك هي في حاجة إلى إصلاح.كان جوهر الاتفاقية التاريخية التي عقدت في أربعينيات القرن الماضي يقضي بأن يكون مدير البنك الدولي أمريكياً ومدير صندوق النقد الدولي من أوروبا الغربية. وهذا النظام من مخلفات عصر الإمبراطوريات الاستعمارية في أوروبا، لكن الاقتصاد العالمي تغير بصورة دراماتيكية في السنوات الـ 60 الماضية مع بروز الصين والهند والبرازيل وكان الأمر سيبدو غريباً لو أن الألعاب الأولمبية الصيفية جرت في السنوات الـ 60 الماضية في واشنطن دون سواها، والألعاب الأولمبية الشتوية عقدت في باريس فقط. لكننا لا نتحدث عن ألعاب, فالمسألة تتعلق بالمؤسسات التي تناط بها مهمة الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي.

كان الهدف الرئيسي من إنشاء صندوق النقد الدولي إدارة الأزمات المالية العالمية حينما تحدث, ولذلك من المعقول أن تتولى قيادته شخصية لديها الخبرة بهذه الأزمات. ومعظم الدول الأوروبية الكبرى لم تتعامل مع اضطرابات مالية في السنوات الـ 20 الماضية، ما يجعل من الصعب إيجاد أناس لديهم خبرة في مواجهة مثل هذه الظروف لقد وجه وزراء مالية أستراليا، وجنوب إفريقيا، والبرازيل رسالة إلى مدير صندوق النقد الدولي يقولون فيها إن نظاماً يعطي بلداً معيناً أو مجموعة من البلدان حقاً لا ينازع لإدارة هيئتين ماليتين رائدتين لا ينسجم مع الاقتصاد العالمي الحديث ولا يتناسب معه. ويشاطرهم هذا الرأي زعماء كثير من الدول. وأستطيع أن أفترض أن زعامة بلدي تشاطرهم هذا الموقف أيضاً.لم يشهد العالم أزمات خطيرة منذ الأزمتين اللتين مرت بهما تركيا والأرجنتين. لكن هذه الأزمات سوتتكرر فالوضع المالي في روسيا مستقر الآن. إذ أننا لا نقترض من صندوق النقد الدولي وقد سددنا ما علينا من ديون له. لكن روسيا مرت بأزمتين ماليتين خطيرتين في السنوات الـ 20 الماضية حين كان من المهم لهاتين المؤسستين الرئيستين اتخاذ موقف بناء, لهذا السبب، عليهما المحافظة على ثقة المجتمع الدولي إن القضية الرئيسية لا تتعلق بالشخصيات. فلا توجد جهة لديها شيء ضد المرشح الفرنسي دومينيك شتراوس - كان, لكن القضية قضية مبادئ: رفض الحق الاحتكاري لمجموعة أو أخرى من الدول تتحفظ بقيادة هاتين المؤسستين. ويتعلق الأمر كذلك بالكيفية التي ينبغي أن ينتخب بها المرشح بالوسائل الديمقراطية لقد توصل جزء كبير من العالم إلى اتفاق حول هذا الموضوع.

إننا مستعدون لتجاهل المشكلات السياسية القائمة بين بلداننا: علاقات بين مركز إمبراطورية ومستعمراتها السابقة، وعلى سبيل المثال فإن العلاقات بين روسيا ودول حلف وارسو السابقة ليست دائمة سهلة. لكن السلطات الروسية على استعداد لأن ترشح وتدعم مرشحاً من إحدى بلدان أوروبا الشرقية لأن سمعته غير ملطخة إننا لا نستطيع ولا نعتزم أن نشير على بلدان أوروبا الشرقية بالموقف الذي يجب أن تتخذه. فقد رشحنا توسوفسكي ليس بصفته ممثلاً لأوروبا الشرقية، لكن لأنه شخصية تتمتع بسمعة طيبة. وليس مهما بالنسبة لنا من أي بلد أو مجموعة بلدان يأتي. وسأعبر عن أفكاري حول هذا الأمر مؤكداً أنني لم أناقشها مع الهيئات النقدية أو المالية الروسية لا من قريب ولا من بعيد: يجب على بلدان أوروبا الشرقية أن تفكر في طرق لزيادة تأثيرها في اتخاذ القرارات المهمة داخل الاتحاد الأوروبي حول مواضيع السياسة المالية العالمية لقد اضطلع توسوفسكي بإدارة البنك المركزي لتشيكوسلوفاكيا ثم لجمهورية التشيك, ولديه الخبرة في إدارة الأزمات المالية وحين كان هو المسؤول عن السياسة النقدية، كانت تشيكوسلوفاكيا واحدة من البلدان القليلة التي تجاوزت محنة انهيار النظام الشيوعي وتجنبت حدوث تضخم يفوق الوصف فيها. وعندما تم تقسيم تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين، أوجد عملة تشيكية وأخرى سلافية دون حدوث أزمة خطيرة. إنه يعد واحداً من أفضل المصرفيين في العالم إن نظام الكوتا التصويتية المعمول به في صندوق النقد الدولي في حاجة إلى إصلاح. وينبغي أن يكون حق اتخاذ القرارات في المؤسسات المالية الرئيسية منسجماً ومتناسباً مع الحصة التي يسهم بها البلد في الاقتصاد العالمي. وتستطيع أوروبا الغربية أن تحاول تشكيل أغلبية حسابية في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي باعتمادها على وعد الولايات المتحدة بدعم مرشحها مقابل دعم الأوروبيين لها في انتخابات رئيس البنك الدولي. وحين تفعل ذلك، فإنها تقف في وجه بقية العالم. لكنني على قناعة بأن وقت هذا النوع من التآمر قد ولى.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:aleqt

: