رياح
الأزمة المالية العالمية تطرق أبواب عقارات الخليج
كان الجميع يترقبون حلول
معرض «سيتي سكيب دبي 2008» لمعرفة اتجاه رياح
الأزمة المالية العالمية على وضع السوق العقاري في المنطقة، وفي دبي
بالتحديد، على وقع «هدوء» سبق انفجار أزمة الاقتصاد العالمي، لكن أربعة
أيام من المعرض لم تكن كافية في تحديد «عمق» التأثيرات، فالكلام
«الودي» البعيد عن الرسميات يدخل في عمق الأزمة ويرى هناك تأثيراً،
أقله تصحيح سعري بحدود 10 في المائة، بينما
«الكلام المخصص للنشر» يكون أكثر حذراً
وخلاصة لقاءات عدة قامت بها «القبس» في منصات العرض مع مختصين في قطاعي
التطوير والتمويل العقاريين هي: التصحيح السعري بات وشيكاً أو بدأ
فعلاً مع فتور التداولات العقارية، بانتظار ما ستؤول إليه التحركات
الحكومية العالمية لضخ السيولة، لكنه، بحسب بعض التوقعات، لن يطول إلى
أبعد من منتصف عام 2009
وما زاد من عدم وضوح الصورة، قرار اللجنة المنظمة لـ «سيتي سكيب»
إلغاء البيوع داخل قاعات المعرض، على عكس ما كانت عليه الحال في
الدورات السابقة، وسط رقابة قوية من جانب هيئة تنظيم القطاع العقاري في
دبي مما حال دون إمكان رصد نبض السوق الذي غاب عنه طرح المشاريع
الجديدة سواء في الشركات العاملة في دبي أو أبوظبي أو حتى عجمان
وكانت نتائج استطلاعات أجرتها «القبس» على حجم الحجوزات المسجلة
في عدد من الشركات العقارية هزيلة، مع غياب طرح اي مشاريع جديدة في
المعرض عدا مشروعي: «نخيل هاربر أند تاور» التابع لشركة نخيل المملوكة
لحكومة دبي ذي الـ 38 مليار دولار، والذي كان
خارج نطاق الحجز لعدم طرحه للبيع بعد، و«جميرا غاردنز» التابع لشركة
مراس المملوكة للحكومة أيضاً ذي الـ 95 مليار
دولار والذي كان معروضاً للحجوزات، ورأت مصادر مسؤولة في الشركة
التقتها «القبس» أن حجم الإقبال كان «كبيرا».
تحليل
واقعي
ورأى خبير اقتصادي أن
الفترة المقبلة هي الأصعب في غضون السنوات الست الماضية، وبالتحديد في
مجال ايجاد قنوات تمويل للمشاريع في ظل شح السيولة الواضح، مشيراً الى
أن السوق العقارية الخليجية بحاجة الى تحرك الحكومات في «مساعدة
الشركات» لتجاوز هذه الأزمة وتنفيذ مشاريعها عبر دعمها بالسيولة
وفي حوار مطول مع «القبس» قال مسؤول في بنك الاستثمار الدولي،
ومقره البحرين، ان الاشهر الثلاثة المقبلة ستكون بمنزلة مرحلة
«انتقالية» للسوق العقاري وستشهد تغييرات حتمية ستحددها سياسات الإقراض
التي تتبعها البنوك ومؤسسات التمويل التي يبدو أنها تتعامل بحذر شديد.
وأوضح مدير الاستثمار
المباشر وتطوير الأعمال في بنك الاستثمار الدولي فادي قاسم، أنه إذا
توقفت المؤسسات المالية عن توفير القروض العقارية للأفراد كما كانت
الحال في السابق، فالتأثير سيكون واضحاً في أسعار العقارات نتيجة
لتراجع الطلب. لكنه في المقابل رأى أنه المشكلة ستكون محدودة في حال
استمر معدل التدفقات النقدية في السوق وعادت الثقة إلى الأسواق وبين
المصارف. وتابع قاسم القول إن «الوضع ليس سيئاً كما هي الحال في السوق
الأميركي»، ولكن «إذا استمر الوضع لفترة طويلة فتصيبنا تداعيات الأزمة»
التي ستنعكس بقوة على القطاع العقاري، الذي قال إنه سيعاني، وهو بدأ
فعلاً، من وقف البنوك العالمية تمويل المشاريع العقارية الكبيرة التي
تحتاج سيولة كبيرة في الخليج وتوقع خبير
بريطاني ان يشهد سوق دبي العقاري انخفاضاً في الاسعار خلال الفترة
المقبلة على ضوء تراجع عمليات التمويل سواء للأفراد أو الشركات
المطورة، أو حتى شركات التمويل العقاري، وانحسار السيولة في البنوك،
وارتفاع الفائدة على القروض والتمويلات العقارية بما يزيد على
7،5 في المائة بينما سعر الفائدة الرسمي على
الودائع هو 2 في المائة.
نظرات
تفاؤل
في المقابل، كان الكثير
من العاملين في القطاع العقاري من الذين التقتهم «القبس»، من الواثقين
بأن القطاع العقاري لن يتعرض لهزة، وإن أقر عدد منهم بأن هناك تأثيراً
ما سيحدث «لكنه سيكون محدوداً» لعوامل عدة
وعدّد أحدهم، وهو مدير تطوير الأعمال في احدى كبريات شركات التطوير
العقاري في دبي، فضّل عدم ذكر اسمه، بعضاً منها بالقول إن نظام الرهن
العقاري المعمول به في دبي غير النظام المعمول به في الولايات المتحدة،
وأن نسبة المخاطر فيه تكاد لا تذكر، مشيراً إلى أن شركات التمويل
العقاري والبنوك التي تعمل في السوق العقاري بدأت عمليات تدقيق على
القروض الممنوحة لأشخاص لا يمتلكون الملاءة المالية، مع تأكيده أن ما
يزيد على 75 في المائة من عمليات البيع للوحدات
السكنية في دبي تتم نقداً، بينما لاتزيد عمليات البيع المرهونة على 25
في المائة، مما يحمل أخطاراً محدودة.
السيولة موجودة
وفي السياق، قال رئيس
مجلس إدارة شركة نوبلز للاستثمار عمر عايش إن السيولة لاتزال موجودة
وأن الأموال، حتى في أميركا، لم تتبخر وأنها ستجد طريقها إلى السوق
العقاري، ولدبي ودول المنطقة حصة فيها وتقول
مديرة تنفيذ المبيعات والتسويق وخدمة العملاء في شركة نخيل منال شاهين
إن السوق العقاري في دبي مستمر في نموه نظراً للفجوة الكبيرة بين العرض
والطلب والتي تحتاج 10 سنوات الى ردمها مع
احتساب الزيادات السكانية التي تشهدها الإمارة
وفي إمارة أبوظبي، قال رئيس مجلس إدارة شركة الدار العقارية
أحمد الصايغ الذي التقته «القبس»، إن سوق العقار في عاصمة الإمارات
بعيد عن تأثيرات أزمة الرهن العقاري العالمية ولا خوف عليه من أي
تهديدات مستقبلية، وأشار الى ان مشروعات شركة الدار تسير بشكلٍ طبيعي
حسب الجدول الزمني المحدد لها، وإن تنفيذها لا يشهد أي تأخيرات
وقالت مصادر مسؤولة في «الدار» لـ «القبس» إن أي تأثير بسبب
الأزمة المالية العالمية لم يظهر على اسواق الإمارات عدا الهبوط الحاد
الذي طال الأسهم ومنها سهم «الدار»، لكن الإقبال على الوحدات السكنية
لايزال عالياً، ولفتت إلى الاهتمام الذي لقيته مشاريعها من قبل زوار
المعرض من جنسيات عدة، ومن الأجانب بشكل خاص. يذكر أن حجم المشاريع
العقارية المعلنة في أبوظبي يقارب الـ 500 مليار
دولار (نحو 1،8 تريليون درهم)
ومن بين تلك المشاريع ما هو عملاق مثل شاطئ الراحة الذي يكلف
58 مليار درهم، وجزيرة الريم التي تكلف
35 مليار درهم، وجزيرة داس التي تكلف
43 مليار درهم، إلى جانب جزيرة السعديات التي
تبلغ استثماراتها 100 مليار درهم.
دعم
حكومي للقطاع
وأمام وجهتي النظر
المتناقضتين، جاءت تصريحات نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة
رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في زيارته إلى معرض
سيتي سكيب في يومه الأخير والتي اكد فيها أن الاقتصاد الإماراتي
«بخير»، وقال إن لا خوف على القطاع العقاري نظراً لأن شركات التطوير
العقاري الكبرى «شركات وطنية»، مما ينبئ بنية الدولة التدخل والحفاظ
على مكتسبات السوق العقاري وأضاف الشيخ
محمد، في إشارة فهم منها أن الحكومة هي الضامن للسوق، وإن «كبار
اللاعبين المطورين في سوق القطاع العقاريي المحلي هي شركات وطنية
بامتياز حكومية أم شبه حكومية وتشكل نحو 90 في
المائة من الشركات العاملة في هذا القطاع ما يضع القرار وصنع القرار
وتنفيذه في يد الحكومة التي لديها الإرادة والخبرة التي تؤهلها لاتخاذ
الإجراءات الاحترازية من أجل حماية اقتصادنا الوطني وأسواقنا
المالية»وتابع أن «المؤسسات المحلية (الإماراتية) لم تتأثر سلباً
بالمتغيرات الطارئة في العالم». ودلّل على متانة الاقتصاد المحلي بـ
«ارتفاع حجم الطلب على القطاع العقاري»، وبدا مراهناً على «سلامة
التشريعات والقوانين المرنة» التي تحمي الاستثمارات ورؤوس الأموال
و«التي تكفل الاستقرار والحماية الأكيدة لكل المستثمرين في القطاعات
المختلفة».
وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون
تعليق.
المصدر:
alqabas.com.kw
|