لا شبه بين أزمتي 1929 و ‏2008‏‏

 

جان بواسونا

 

 

تفاقمت الأزمة المالية فجأة في أعقاب «انفجاري» نيويورك في أوائل الأسبوع. فمصرفان من مصارف الاستثمار الكبيرة انهارا: أفلس «لي (ـهـ) براذرز» وبيع «ميريل لينش» من «بنك أوف أميركا». وعليه، فالأزمة التي ولدت قبل عام في قطاع التسليف على الرهونات العقارية - جراء قروض غير محسوبة الى مشتري بيوت سكن عاجزين عن تسديد ديونهم -، تتسع وتبلغ قطاعات جديدة وهي أدت، من قبل، الى تباطؤ اقتصادي لم يقتصر على الولايات المتحدة بل تعداها الى أوروبا ويقارن بعضهم الأزمة الجديدة بأزمة 1929.

وهذه نشأت عن افراط في التسليفات الى مشتري الأسهم في البورصة، يومذاك وعلى رغم هذا، لا يستقيم الاستنتاج آلياً أن العالم كله ذاهب الى انفجار البطالة، والى غلبة الانظمة التوتاليتارية (الشمولية)، على ما صارت اليه الحال في ثلاثينات القرن العشرين ولهذا علل كثيرة ومن العلل والأسباب أن النمو الاقتصادي انتشر في قارات لم تكن تعرفه قبل الحرب العالمية الثانية، وفي مقدمها الصين والهند بآسيا ويعيش في البلدين إنسان من ثلاثة، ولا شك في انتقال بعض آثار ما يحصل في العالم المتقدم وهو يمثل 70 في المئة من الاقتصاد العالمي، الى البلدين الآسيويين الكبيرين فمن نتائج الأزمة أن مبيعات البلدين في أسواق البلدان الصناعية لا بد من أن تتقلص ومراكمتهما احتياطات كبيرة بالدولار تترتب عليها تبعيتهما لسعر صرف العملة الأميركية وتقلباتها. وعلى رغم هذا، فنمو آسيا عامل راجح في تفادي العالم كله الانهيار وفي البلدان المتقدمة والصناعية نفسها، ثمة فروق كبيرة بين الحال الاقتصادية في أوائل الثلاثينات وبين الحال اليوم.

فالمعرفة بكيفية عمل اقتصادات السوق، اليوم، أفضل منها يومذاك، على رغم أن هذه المعرفة لا تكفي، ولا تجعلنا بمنأى من وقوع الأزمات، على ما نرى. ولكننا لن نرتكب بعض الأخطاء الاقتصادية التي ارتكبت في ما مضى وأدت الى عثرات قاسية ففي الثلاثينات، حسبت الحكومات، ومعها المتعاملون الاقتصاديون، أن تقليص السيولة هو دواء الأزمة والحق أن الإجراء هذا ادى الى خلاف النتيجة المرجوة، وخنق الحياة الاقتصادية واليوم، ومنذ عام، ضخّت المصارف المركزية في التداول سيولة اضافية لتفادي الاختناق. وأثمر هذا بعض النتائج السيئة مثل ارتفاع الاسعار فلا مربح من غير مقابل أو ثمن وفرق آخر هو نظام الرعاية الاجتماعية، خصوصاً في أوروبا وهذا يحافظ على مستوى من الاستهلاك يحول دون الانكماش، على رغم بعض العثرات. ولكننا لن نخرج من الأزمة سريعاً من غير تسديد ثمن. فالعامان 2008 و 2009 يؤذنان بغلبة الكآبة عليهما ويوم كانت رياح النمو مؤاتية، لم نبادر الى موازنة ماليتنا العامة، وانقدنا الى العجز، فلم نجمع ما ننفقه في الأوقات العجاف. والاقتصار على تدبير التداول النقدي والاشراف عليه، غير كاف. فينبغي ضبط حجم التسليف، أي القروض الى الشركات والأفراد, وهذا عمل معقد.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر: عن «أوويست فرانس» الفرنسية - daralhayat.com