المسلمون أغنى شعوب الأرض وأفقرهم!

 

د. زيد بن محمد الرماني

 

 

الحديث هنا بلا عاطفة ولا خطب إنشائية، ولا فلسفات إنما يتم عبر جداول الإحصاءات التي تصدر هنا وهناك وعبر الأرقام الكبيرة التي تترجم لنا واقع المسلمين : هل هم فقراء ؟ هل هم أغنياء؟ هل هم فقراء أغنياء؟!

لو تصفحنا أكثر البلاد الإسلامية، لوجدنا أن الله تعالى قد أعطاها من الكنوز والمناخ والثروات المعدنية والموقع الجغرافي والطبيعة والأنهار والبحار ما لم يعطه أحداً من العالمين وإذا أخذنا الوطن العربي مثلاً لوجدنا أن مساحة أرضه اليابسة فقط (1.354) بليون هكتار، بينما المساحة المغمورة بالمياه منه تساوي (16) مليون هكتار تقريباً، ومساحة الأراضي الزراعية وحدها يساوي 57 مليون هكتار، ومساحة المراعي تساوي 305 مليون هكتار، ومساحة الغابات فيه تساوي 91 مليون هكتار، هذه المساحات الواسعة لو استغلت لكان المسلمون بحق أغنى بلاد العالم، ولكن ؟

ووفقاً لبعض الإحصاءات العالمية فإن العالم الإسلامي ينتج 70 في المئة من بترول العالم، و 68 في المئة من القطن الخام و100 في المئة من المطاط الطبيعي، و40 في المئة من خام الحديد و65 في المئة من البوكسيت ، و48 في المئة من النحاس ، و89 في المئة من المنجنيز، و92 في المئة من الكروم و 36 في المئة من الفوسفات ، و93 في المئة من القصدير بعد أن تحدثنا عن أن أغنى دول العالم وهم المسلمون، نجد بالمقابل أن أفقر شعوب العالم أيضاً هم المسلمون لكن، كيف هذا التناقص في الطرح؟!!

لندع لغة الأرقام والإحصاءات تترجم لنا واقع المسلمين من خلال انتقاء بعض الإحصاءات .

تقول مصادر الأمم المتحدة : إن أكثر من نصف سكان بنغلاديش والبالغ عددهم 92 مليون إنسان يعيشون دون مستوى الكفاف وتقول التقارير الدولية أنه في عام واحد فقط كان لكل طبيب في السودان من السكان ما يقارب 9000 مواطن, وأنه لكل ممرض ما يقارب من 1500 مواطن بينما في الصومال - في العام نفسه، كان لكل طبيب 15.630 مواطناً، وكان لكل ممرض 2.550 مواطناً . وهذا بالطبع، دليل دامغ على الفقر الذي يعانيه المسلمون في أنحاء العالم .

يقول الخبراء أن سوء التغذية هو أكبر عامل منفرد في زيادة وفيات الأطفال في الدول الفقيرة، ولقد قدر أنه هو العامل المسبب لــ 28 في المئة من وفيات الأطفال دون سن الخامسة في نيجيريا و 76 في المئة في مصر وتقول التقارير العالمية أن أكثر بلاد العالم التي تراكمت عليها الديون الخارجية العامة هي الدول الإسلامية، فقد بلغت ديون السودان في الثمانينات حوالي 7800 مليون دولار، وديون اندونيسيا في الفترة نفسها 25000 مليون دولار، وديون مصر كذلك حوالي 19200 مليون دولار .

وتقول التقارير أنه يوجد في العالم ما يقارب من 800 مليون شخص أمي، وأن 80 في المئة منهم من الدول الإسلامية وفي مجال توفير المياه الصالحة للاستعمال وهذه من مستلزمات نظافة الجسم ونظافة الأفنية والبيئة بصورة عامة، فإن الأرقام محزنة بالنسبة لمن يحصلون على مياه نقية للشرب في الريف في الدول الإسلامية.

تقول تقارير منظمة الصحة العالمية: يموت كل عام 3 ملايين شخص بمرض السُّل، أكثرهم من الدول النامية، حيث نسبة التعرض للمرض أعلى بــ20 إلى 50 مرة من نسبتها في الدول المتقدمة بعد أن ترجمت لنا الأرقام والإحصائيات واقع المسلمين المأسوي، وعلمنا أنهم فقراء جداً، وأغنياء جداً الذين يملكون الكثير، ومع ذلك فغالبيتهم تعاني نقصاً في التغذية وازدياداً في الأمية، وتخلفاً لا مثيل له وفقراً ومرضاً وجهلاً .

إذن ، ما المطلوب اليوم؟

باختصار المطلوب هو مايلي:

أولاً: وضع المال في محله: بأن ينفق المال إنفاقاً مشروعاً: للصدقة، والزكاة والتبرعات والهبات والنفقة على النفس والأولاد والزوجة والأقارب والجيران والنفقة في سبيل الله من جهاد وإعمار مساجد وأعمال خيرية ,لا الإنفاق على البذخ والترف والإسراف على الأكل والشرب واللبس والبذخ في تأسيس البيوت وتملك العقارات وشراء السيـــارات.

ثانياً: التوازن الاقتصادي: توازن يؤدي إلى المساواة والتقارب بين الأفراد كي لا يبقى في المجتمع متخمين وفقراء .والتوازن يعني كذلك وضع الخطط لبناء الصناعات الإنتاجية والاستهلاكية بدقة وإحكام، والاهتمام بالأمن السكاني والغذائي .

ثالثاً: التكافل الاقتصادي: بأن يتضامن أبناء المجتمع ويتساندوا فيما بينهم سواء أكانوا أفراداً أو جماعات، حكاماً أو محكومين على اتخاذ مواقف إيجابية كرعاية اليتيم، أو سلبية كتحريم الاحتكار .ويشمل كذلك تنظيم العلاقات الاجتماعية كربط الفرد بالدولة، وربط الدولة بالجماعة، وربط الأسرة بذوي القرابات، وتنظيم المعاملات المالية والعلاقات الاقتصادية والضوابط الأخلاقية .

رابعاً: التكامل الاقتصادي: إذ على كل دولة مسلمة اليوم أن تفكر في التكامل مع بقية الدول الإسلامية .والتكامل الذي يهدف الإسلام إليه هو السبيل الصحيح للاستقلال الاقتصادي ولإعادة الهيبة للأمة، وهو جزء من عقيدة الإسلام .

إذن: المطلوب بإيجاز تكامل وتوازن بين المسلمين جميعاً في كل بقاع العالم الإسلامي.

وكل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر: mosgcc