نحو ستراتيجية لمعالجة البطالة في العراق
شهاب احمد الفضلي
البطالة ظاهرة اجتماعية اقتصادية منذ اقدم العصور، حاولت الدول الاوروبية منذ عصر النهضة ايجاد الحلول لها وفق صيغة العرض والطلب، وإزاء لاكتشافات الجغرافية وظهور الاستعمار الذي ادى الى توسع في تجارة الرقيق كايد عاملة رخيصة لاستخدامها للعمل في اوروبا وفي المناطق المستعمرة وبشكل خاص المستوطنات الاوروبية في افريقيا. توسعت البطالة وتدنى مستوى القيم الانسانية بشكل ماساوي. وعلى الرغم من التقدم الهائل ظلت البطالة تؤرق الاقتصاديين والسياسيين خاصة بعد تطور مفهوم حقوق الانسان وانتشار الديمقراطية..ظلت البطالة على حالها في الدول النامية بل زادت سوءاً بسبب التخلف والبدائية في الصناعة والزراعة والانتاج.. بل تنوعت البطالة من بطالة كاملة الى بطالة جزئية الى بطالة مقنعة. تأثير البطالة في الدخل الوطني البطالة باشكالها تؤدي الى هدر كبير لطاقات المجتمع ولهذا تعمل المجتمعات التي تحرص على التنمية في بلدانها للتخلص من البطالة باشكالها وذلك بايجاد الكثير من فرص العمل وتطوير اساليب العمل الاداري وتوجيه الفائض من الايدي العاملة نحو الاعمال الانتاجية ويعتقد أ.د. علي العبيدي عميد كلية الادارة والاقتصاد بالجامعة المستنصرية” ان التأثير السلبي للبطالة على مسارات الدخل الوطني كبير لذا تحرص كل دول العالم وفي شتى مقاييس اقتصاد الدولة، وخصوصاً الدول التي اقتصادها عادة متخلف للتقليل من تأثير البطالة السلبي كونه مؤشراً على ان الموارد المتاحة لم تستغل بالشكل الصحيح ومنها المورد البشري، وبالتالي يؤدي الى تعطيل بعض القطاعات المهمة في الاقتصاد الوطني”. من جانب اخر فان البطالة واحدة من اسباب الاختناقات التي تؤثر سلباً في الاقتصاد الوطني اي بمعنى اخر ان هناك مجموعة من الاسس التي تحرك الاقتصاد الوطني ضمن آليات تحكمها الخطط الاقتصادية التي تساهم بنسب مرغوبة، بتطوير الاقتصاد الوطني، وهكذا يكون الجهد البشري احد الدوافع الاساسية المساهمة في تطوير الدخل الوطني. دور التعليم و التدريب في تنمية الموارد البشرية واذا كانت البطالة احد المعوقات في حركة الاقتصاد الوطني وتطوره فان العامل البشري كذلك في حال عدم تمكنه من مواكبة التطور العلمي و التقني الحاصل في ادوات الانتاج يعتبر عاملاً مضافاً، الى عوامل اخرى تؤدي بالنتيجة الى تدني مستوى الانتاج لذا كان من الضروري اعداد الخطط العلمية والعملية للمؤسسات التعليمية والبحثية ان تأخذ بنظر الاعتبار الحاجة الفعلية لسوق العمالة ورفدها بالطاقات القادرة على اخذ مواقعها في عملية التطور والانتاج الاقتصادي وبهذا الصدد يشير الدكتور علي العبيدي:” عندما لا يكون الافراد بالمستوى المطلوب من ناحية التعليم و التدريب والاستغلال الامثل للاختصاصات المطلوبة تجد ان الافراد يتعثرون في الاداء في كثير من الاحيان “. واذا كانت البطالة تلعب دوراً كبيراً في المسارات العامة للدولة سواء السياسية ام الاقتصادية ام الاجتماعية فان التعليم من الاهمية بمكان حيث يشير د.العبيدي بالقول :” نرى في كثير من الاحيان، ان التعليم لا يحكم ولا يلبي حاجة البلد بالشكل الصحيح وفق آلية عمل وخطة عمل مؤسسات التعليم في الكثير من الاختصاصات التي لا تستغل لعدم وجود قدرة استيعاب وامتصاص بطالة هذا المرفق الحيوي“. كما ان التعليم والبطالة في اجتماعهما يؤديان الى محور اخر هو الركود او الكساد الاقتصادي وهواصطلاح يطلقه الاقتصاديون على هبوط النشاط الاقتصادي ومظهر لاحد وجهي ظاهرة دورية في النظام الرأسمالي وجهها الاخر الازدهار. وما يميز الكساد، هو الانخفاض في الاسعار والاجور و ارتفاع معدلات البطالة وفقدان الثقة في الائتمان والمصارف وتخفيض الاقتراض، ويعم التشاؤم اوجه النشاط الاقتصادي كافة وزيادة التقلبات القائمة على المنافسة. وما يزيد الامر سوءاً ان من يتحمل اعباءهم الطبقات الكادحة وفي ذلك اشار د.العبيدي الى ظاهرة الركود الاقتصادي وابعادها المختلفة قائلاً:” من جملة الابعاد التي تسبب الركود الاقتصادي هو عدم توفر مستلزمات الاستثمارات سواء في القطاع العام او القطاع الخاص للمساهمة في انعاش اقتصاد الدولة، من خلال تحريك كل العوامل المساهمة في التنمية الاقتصادية “. ويعزو العبيدي احد اسباب الركود الاقتصادي الى العنصر البشري، ويشدد على” ان البطالة هي احد الاسباب في تأخر اقتصاد البلد وان المؤسسات التي تستوعب اعداداً كبيرة من العمال تساهم في الانتقال الى مستوى متطور للاقتصاد الوطني وهذا يرتبط بمسارات التنمية. المعالجات ومما تقدم فان جملة الاسباب التي ادت الى مثل هذه الاشكاليات لابد من معالجتها بستراتيجية قائمة على تحول الاقتصاد العراقي الى اقتصاد سوق بشكل متدرج وتبقى الدولة هي المشرفة على مسار عملية التحول الاقتصادي مع اعطاء القطاع الخاص ودوره القيادي بشكل يواكب قوته الاقتصادية، والسماح لرأس المال الاجنبي بما يعزز تطوير الاقتصاد والتخلص من البطالة. وهذا يتم من خلال: 1- رفع مستوى الاستثمار من قبل الدولة و القطاع الخاص لانشاء مشاريع جديدة توفر فرص العمل للعاطلين. 2- معالجة التضخم وارتفاع معدلات الاسعار بتحسين مستويات الاجور و الرواتب للعاملين. 3- العمل على اعداد مناهج في المؤسسات العلمية والبحثية والاكاديمية وتعشيق العمل العلمي والبحثي مع الصناعي، وحسب ما تحتاجه سوق العمالة من ملاكات ومتخصصين للاسهام في عملية التنمية الاقتصادية. 4- التأكيد على بناء شبكة الضمان الاجتماعي وتقديم الاعانات المالية في حالات البطالة والعجز عن العمل والشيخوخة بما يؤمن دخلاً ورعاية تسمح بالارتقاء بنوعية الحياة في البلاد. 5- تفعيل النظام الضريبي، لتلعب الضريبة دورها في تعزيز موارد الميزانية وكاداة للسياسة الاقتصادية يمكن استخدامها من اجل اعادة توزيع الدخل والثروة وتحقيق التضامن الاجتماعي على الصعيد الوطني. 6- محاربة الفساد الاداري و المالي الذي اصبح يشكل احد اخطر معوقات التنمية، ووضع اجراءات وقوانين لايقاف اي تجاوز على الثروة العامة. 7- الاهتمام بالطبقات الكادحة ودورها في اعادة البناء و المشاركة في صياغة السياسات الاقتصادية- الاجتماعية والتأكيد على دورها كشريك في المجتمع العراقي. ان النظرة العملية والشمولية لواقع العراق والمعالجات الصحيحة تتطلب حلاً متكاملاً وليس مجزءاً، ويسير في تنفيذ الخطط والمعالجات بشكل متوازن بما يحقق نقل الاقتصاد العراقي نقلة نوعية نحو التقدم والرفاهية. و كل ذلك بحسب المصدر المذكور. المصدر: جريدة الصباح-15-5-2006
|