بدء تأثر الشركات الغربية الكبرى بوطأة الضغوط

 

 

المفارقة هي أن الأوقات العصيبة الأخرى حدثت عندما كانت أسعار النفط منخفضة، أما الآن فإن ذلك يحدث لأن السعر وصل إلى 100 دولار (للبرميل) وقدمت نتائج أعلنتها شركة رويال داتش شل في استهلالية موسم نشر التقارير المالية، بالنسبة لإحدى أكبر شركات النفط العالمية، الدعم للحجة القائلة إن أعمالها على شفير الانهيار النهائي وتراجع إنتاج "شل" بمعدل 4 في المائة في 2007، وإذا بقيت الظروف بما فيها سعر النفط والطقس بالوضع الراهن، فإنه سوف يتراجع مجددا خلال العام الجاري، مسجلا تراجعا لستة أعوام متتالية.

ومن المنتظر أن تعلن "إكسون موبيل" و"شيفرون" أكبر شركتين أمريكيتين، نتائجهما المالية. وتشير التوقعات إلى أنهما ستظهران نسبة نمو متواضعة فقط في حجم الإنتاج، كما ستظهر نتائج "برتيش بتروليم" تراجعا حينما تعلنها الأسبوع المقبل، وذلك وفقا لنيل ماكماهون من "ستانفورد بيرنستين" غير أن جيروين فان دير فيير الرئيس التنفيذي لشركة "شل" صعد من لهجة الدفاع القوي عن نموذج أعمال شركات النفط الكبرى ، مجادلا بأنه في المستقبل ستكون الظروف في مصلحة الشركات الغربية الكبرى وتعد أرقام إنتاج الصناعة مخيبة للآمال، ويعود ذلك جزئيا إلى سعر النفط العالي في دول تعمل فيها الشركات بموجب عقود تقضي بمقاسمة الإنتاج. ومع الزيادات المستمرة للسعر، فإن هذه العقود غالبا ما تمنح الدولة المعنية حصة أكبر من أي كمية نفط يتم إنتاجها.

وأدى ذلك إلى مفاقمة المشكلة الأساسية موارد النفط والغاز في القواعد التقليدية للشركات العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا تتجه إلى النفاد، بينما النفاذ إلى الموارد النفطية الضخمة في الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا الشمالية بات أكثر صعوبة وما زالت هناك أجزاء قليلة في العالم مغلقة تماما أمام الشركات العالمية. وحتى السعودية التي ما زالت تستبعدها من صناعة النفط الرئيسية للبلاد، تسمح لها بالدخول في صناعة التكرير والتنقيب عن الغاز غير أن العديد من الأقطار الغنية بالموارد تستفيد من التوازن المحكم بين العرض والطلب على النفط، لانتزاع حصة أكبر من العائدات.

وعزز قرار "شل" بخصوص تأجيل إعلان احتياطياتها حتى آذار (مارس) المقبل، المخاوف من أنها وبعض الشركات الأخرى لا تستطيع النفاذ إلى موارد جديدة كافية من النفط والغاز ويأتي تحدٍ آخر بالنسبة لشركات النفط الغربية، من قبل شركات السوق الناشئة الأكثر عزيمة وإصراراً على الدفاع عن حقوقها، مثل "بتروبراس" البرازيلية و"بتروتشانيا" التي تعد بسبب تسجيل جزء بسيط من أسهمها بالبورصة في الصين، أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، وتتفوق أسهمها من حيث الأداء على الشركات الأمريكية والأوروبية أخيراً وفي هذه الأثناء فإن طفرة النشاط المدفوعة بواسطة الطلب القوي ونقص العمالة الماهرة والأجهزة والمعدات، خلقت تضخم تكلفة يصعب السيطرة عليه داخل الصناعة، واضعا بذلك الضغوط على ربحية الشركات.

وحسب تقديرات ماكماهون فإن العائد المتجمع على رأس المال الموظف من قبل شركات النفط الأمريكية والأوروبية الكبرى، لم يكن أعلى في 2007 عنها في 2005، حتى في ظل ارتفاع متوسط سعر النفط من 55 دولاراً إلى 72 دولاراً وكانت النتيجة أنه في فترة التدفقات الهائلة للسيولة، لم تجد شركات النفط شيئا أفضل تفصله بدخل يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، سوى إعادتها إلى المساهمين عبر عمليات إعادة شراء الأسهم.

وأعادت "شل" شراء أسهم تبلغ قيمتها نحو 4.4 مليار دولار في العام الماضي. وحسب وجهة نظر بعض المحللين، فإن عمليات إعادة الشراء تعد مؤشرا على أن شركات النفط الكبرى تواجه مستقبلا من الانهيار الحتمى، والذي من خلاله يمكن أن تكون الخطوة التالية حدوث المزيد من عمليات التوحيد عبر الاندماجات ولكن ما ذلك ببعيد من الحلول التي تراها الشركات، حيث أعلنت "شل" أنها تتوقع زيادة إنفاقها الرأسمالي بواقع 15 – 14 في المائة في العام الحالي، إلى 28 مليار - 20 مليار دولار، على الأقل لمجاراة الزيادة في التكاليف وتتوقع "شيفرون" كذلك زيادة إنفاقها الرأسمالي بنسبة 15 في المائة هذا العام إلى 22.9 مليار دولار. وقال كريستوف دي مارغريت مدير "توتال" أخيرا، إنه يتوقع زيادة حادة في الإنفاق الرأسمالي في العام الحالي "وربما في 2009 و2010 أما الاستثناء الوحيد فكان من شركة إكسون موبيل، إذ أعلنت العام الماضي أنها تتوقع أن يبقى الإنفاق الرأسمالي عند نحو 20 مليار دولار سنويا.

إن استراتيجية التوسع في ظل هذه الظروف غير المواتية تنطوي على المخاطرة وقال جميس نيلي من "سيتي قورب" عن "شل": أنتم بحاجة إلى سعر80 دولارا للبرميل لتحقيق نقطة التعادل للأعمال ولكن يحاج فان دير فير قائلا إنه بحلول 2015 لن يعود الإنتاج العالمي من النفط والغاز "السهل" الرخيص من حيث الاستخراج والتسويق، قادرا على تلبية الطلب التنافسي، ما يعني المزيد من الحاجة إلى الموارد الصعبة: الرمال النفطية - التي تنفذ فيها "شل" استثمارات ضخمة في الوقت الحاضر - أعماق المياه السحيقة، وهلم جرا ويقول فان دير فيير إن معنى ذلك أنه ستكون هناك فرص واسعة بالنسبة إلى شركات النفط الكبرى. يتعين عليك أن تتحول إلى الجانب الصعب من البرميل، وإذا كنت بارعا في ذلك فسوف تجني أموالا طائلة.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:aleqt