ارتفاع أسعار النفط يضيف غموضاً الى مستقبل الاقتصاد العالمي

 

 

 

يشعر المحلّلون بالقلق إزاء احتمال أن يضيف ارتفاع أسعار النفط المستمر، مقترناً بأزمة الرهن العقاري الأميركية، مزيداً من الغموض الى مستقبل الاقتصاد العالمي ووفقاً «لتوقّعات الاقتصاد العالمي» التي نشرها صندوق النقد الدولي في تشرين الأول (أكتوبر)، ستشهد الدول الغنية نموّاً اقتصادياً نسبته ٢.٢ في المئة في العام ٢٠٠٨، وهو أقلّ من الرقم في العام ٢٠٠٧ والبالغ ٢.٥ في المئة وتنبّأ التقرير بأن اتجاه التباطؤ سـيُرى في الدول النامية أيضاً، حيث تشهد نموّاً بنسبة ٧.٤ في المئة، وهو أقل بكثير من رقم العام الماضي وكان ٨.١ في المئة.

وقال المحلّلون أنه في ضوء الارتفاع الأخير في أسعار البترول، فإن الاقتصاد العالمي قد يتراجع أكثر وذكرت أميليا توريس المتحدّثة باسم اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي «إن أسعار البترول ترتفع سريعاً منذ الصيف، وأنه إذا استمرت هذه المستويات المرتفعة للغاية، فسيكون لذلك بالطبع تأثير في الاقتصاد» وذكرت صحيفة «بيزنيس ويك» نقلاً عن فاضل غيط محلّل الطاقة البارز قوله «إن بقاء سعر النفط عند مستوى ١٠٠ دولار للبرميل سيكون معناه تضخّماً ومصاعب إقتصادية» وأضاف أنه «على الرغم من حقيقة أن زيادة الأسعار الكبيرة أخيراً لم تكن بدافع نقص الامدادات، إلا أن ارتفاع الأسعار سيظلّ له تأثير واسع».

وأشار المحلّلون الى أن ارتفاع أسعار البترول المستمر سيؤثّر سلباً في اقتصاد العالم في اتجاهين: فمن ناحية، إذا اضطر الأفراد الى دفع ثمن أعلى مقابل الطاقة، فإن قدرتهم الاستهلاكية الفردية سيتمّ تحجيمها، مما يعوق النمو الاقتصادي الشامل، حيث أصبح الاستهلاك الفردي بالفعل داعماً رئيسياً للاقتصاد في الدول الغنية. ومن ناحية أخرى، فإن ارتفاع أسعار البترول سيزيد مخاطر التضخّم في شتى أرجاء العالم، نظراً الى أن البترول أصبح الآن مادة خاماً لا يمكن الاستغناء عنها تستخدم في نطاق واسع من المجالات وبالنسبة الى الاقتصاديات المتقّدمة، أدّت أزمة الرهن العقاري الى نقص السيولة المالية. وفي محاولة لتجنّب المزيد من الاضطرابات في السوق المالية، اضطر بنك الاحتياطي الفيديرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي الى خفض سعر الفائدة، أو التوقّف عن رفعه من أجل حفز السيولة، بيد أن ارتفاع أسعار النفط تشكّل ضغطاً لحدوث تضخّم محتمل سيضع البنوك المركزية الغربية أمام معضلة بشأن ما إذا كانت سترفع سعر الفائدة أو تخفضه ورغم ذلك، يعتقد العديد من المحلّلين أن ارتفاع أسعار البترول حالياً لن يكون مدمّراً للاقتصاد العالمي كما كان الحال في الماضي، حيث أن الاقتصاديات الغربية مثل الولايات المتحدة خفضت بشكل كبير اعتمادها على البترول خلال الثلاثين عاماً الأخيرة.

وقال كاي سميث، خبير الاقتصاد الكلّي في إدارة معلومات الطاقة «إن نسبة إنفاق الدخل الشخصي على الطاقة، كان مرتفعاً بكثير عام ١٩٧٩ ـ ١٩٨٠ عمّا هو عليه حالياً».

وقال ليستر ليف، أستاذ الاقتصاديات في كلّيّة تيبير للأعمال في جامعة كارنيجي ميلو، إنه في العام ١٩٨١ تمّ إنفاق ما بين ١٤ الى ١٥ في المئة من إجمالي الناتج المحلّي للدولة على الطاقة، لكن الرقم انخفض حالياً الى ٧ في المئة.

وقال ديفيد فايس، كبير خبراء الاقتصاد في ستاندرد أند بور «إن المستهلكين يقومون حتى الآن بشيء عجيب بتجاهلهم ارتفاع أسعار البترول» وأشارت صحيفة «ديلي تيليغراف» البريطانية الى أن العلاقة بين البترول والاقتصاد الأوسع في السنوات الأخيرة «لم تكن في وضع طبيعي أحياناً، وأن ارتفاع أسعار البترول بواقع عشرة أضعاف في السنوات الأخيرة أظهر عدم تأثيره بشكل واسع في الاقتصاد العالمي».

بيد أن آراء المحلّلين حول تأثير ارتفاع أسعار البترول في الاقتصاد العالمي قد تختلف، لكن تأثيره النفسي في المستثمرين في العالم لا يمكن التقليل من شأنه. وقد انخفضت بورصة نيويورك للأوراق المالية، ومؤشّر داو جونز الصناعي، ومؤشّر ستاندرد أند بور ٥٠٠، ومؤشّر ناسداك المركّب في الثاني من كانون الثاني (يناير) نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار البترول الذي تخطّى عتبة الـ١٠٠ دولار للبرميل، كما انخفض مؤشّر نيكي الذي يضم ٢٢٥ إصداراً في بورصة طوكيو ويخشى المحلّلون من أنه إذا أصبح من الصعب محو آثار فزع المستثمرين إزاء ارتفاع أسعار البترول، فإن سوق المال العالمي قد يشهد المزيد من الاضطرابات في العام الجديد.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:almoshahedalsasi