حاجة أوروبا الملحة إلى الإصلاح  الإقتصادي

 

 

 

تجد البلدان الرئيسية في منطقة اليورو (ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا) صعوبة في تطبيق الإصلاحات في أوقات الشدة، وتتدخل الحكومات باستمرار لتجنيب الناخبين حالة الركود الاقتصادي. والأسوأ من ذلك أن هذه البلدان تجد صعوبة في إجراء الإصلاحات في أوقات الرخاء وكثيراً ما تخلط الحكومات دورة الصعود الاقتصادي مع التحسن العالمي وتتراخى عن القيام بإصلاحات ضرورية لكنها غير مريحة وحسنا أن عام 2008 يعد بألا يكون سيئاً أو جيداً بشكل خاص بالنسبة لمنطقة اليورو ولذلك، هذه لحظة مناسبة في الدورتين الاقتصادية والانتخابية لإجراء الإصلاحات. صحيح أن الانهيار الناتج عن أزمة الائتمان، وقوة اليورو، وارتفاع أسعار الطاقة تجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للبلدان المصدرة والحكومات. لكن اقتصاد منطقة اليورو ما زال ينمو بمعدلات قريبة من الاتجاه السائد ويتوقع العديد من خبراء الاقتصاد أن يستمر هذا النمو في 2008 ولو ببعض التراخي في أواسط العام لكن بدلاً من التشاكي من عدم عدالة الظروف الخارجية، يجب أن تركز الحكومات الأوروبية على ما تستطيع أن تفعله في سبيل تحسين الأداء الاقتصادي لمنطقة اليورو. وهناك قائمة طويلة من التدابير التي ينبغي اتخاذها وفيما يلي نورد الأولويات الأربع على هذا الصعيد:

تتمثل الأولوية الأولى في تحرير سوق العمل. والمقصود بذلك التسهيل على الشركات في عملية التعاقد مع الموظفين وإنهاء وظائفهم وقد بين الأنموذج الدنماركي كيف يمكن جعل أحد أسواق العمل مرنة بشكل كبير، فيما يتم تقديم دعم سخي - لكنه مؤقت - للعاطلين عن العمل.

ذلك أنه تجب حماية الناس وليس الوظائف إن التراجع الذي جرى في الآونة الأخيرة عن بعض إصلاحات سوق العمل التي تمت بعد كفاح مرير في سبيل إقرارها يعتبر خطوة إلى الوراء والتوسع التدريجي البطيء للحد الأدنى للأجور ليشمل قطاعات مختلفة من الاقتصاد الألماني لن يساعد بدوره، خاصة في بلد يرغب أيضا في أن يفرض حداً أعلى للأجور كذلك وفي فرنسا، أظهر نيكولا ساركوزي رغبة مثيرة للإعجاب في معالجة إصلاحات سوق العمل، رغم أنه ليس جريئاً بشكل كافٍ. إن قانون العمل 35 ساعة أسبوعياً، وهو واحد من أكثر التجارب الاقتصادية إثارة للإشكالات، يجب إلغاؤه. وعوضاً عن ذلك، يبدو ساركوزي عازماً على القضاء عليه بإجراء الآلاف من التخفيضات الإدارية والمشكلة هي أن كل تخفيض يعمل فقط على زيادة تكلفة وتعقيد إنجاز العمل.

ثانيا، إصلاح الدولة. أحد أكبر التحديات الماثلة أمام جميع الحكومات الأوروبية هو زيادة إنتاجية القطاع العام. وفي المجتمعات المتقدمة في السن والمثقلة بالديون، من المهم استخلاص مزايا أكثر من كل يورو يتم إنفاقه، إن لم يكن على خدمات الدولة أن تتراجع. وثمة حاجة إلى أولويات إنفاق واضحة ومعايير أداء صارمة.

ثالثاً، تخفيض تكاليف إنجاز العمل. يجب على الحكومات أن توجه العمليات الإدارية والقضائية في بلدانها صوب تخفيض العبء على القطاع الخاص. لماذا يستغرق الأمر 63 يوم عمل لإطلاق شركة في إيطاليا، مقابل أربعة أيام فقط في الولايات المتحدة؟

رابعاً، إطلاق العنان للجامعات الأوروبية. منذ فترة طويلة للغاية كانت الجامعات تعتبر فروعاً للخدمة العامة وليست آلات حيوية للاقتصاد المعرفي. على الحكومات الأوروبية أن تعطيها استقلالاً ذاتياً أكثر لتحدد أولوياتها، وتعين وتكافئ أفضل موظفي البحث والتعليم، وتتقاضى الرسوم من الطلاب أيضاً. وعليها أن تسهل التنافس أمام الجامعات الخاصة.

باختصار، على الحكومات أن تقوم بنفسها بعمل أقل، وتسهل الطريق أمام القطاع الخاص ليقوم بالمزيد. لقد عملت رأسمالية الشركات في أوروبا، التي اعتمدت على العلاقات الوثيقة بين الحكومة وقطاع العمل والعمالة المنظمة، على تمكين القارة من إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية. غير أن هذا الأنموذج من الرأسمالية أصبح صارماً للغاية بالنسبة للعالم المعاصر. إنه يخنق الروح الاستثمارية الأوروبية المغامرة.

تحتاج أوروبا بشكل متزايد إلى اللجوء إلى الرأسمالية المتباعدة - وليس رأسمالية العلاقات. ويجب إعطاء الغرباء الاقتصاديون، وإن كانوا مهاجرين، والعاطلين عن العمل، أو الشركات المؤسسة حديثاً فرصاً أكثر لحقن ديناميكية جديدة في اقتصاد منطقة اليورو. والأمر متعلق بالغرباء أيضاً، والمستهلكين والشركات الصغيرة كي تطالب بمثل ذلك التغيير يجب على القطاع الخاص أن يقود الإصلاح.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:aleqt-5-1-2008