هل عرض الناتو لتسليح العراق حري بالقبول ؟

 

المحامي طارق حرب

 

عرض الناتو حري بالقبول

يوم 12- 9- 2008 عرض حلف شمال الاطلسي (الناتو) على الحكومة العراقية تجهيز الاجهزة الامنية بالاسلحة ومثل هذا العرض جدير بالقبول طالما انه يحقق مصلحة كبيرة للبلاد وذلك لمضي مدة تصل الى ست سنوات على سقوط النظام الساب ومازال تجهيز الجيش بالاسلحة متعثرا لاسباب داخلية وخارجية معروفة ذلك ان البعض في الداخل لا يقبل تسليح الجيش بالشكل المطلوب او على الاقل غير متحمس لهذه الفكرة ذلك لاسباب تاريخية معروفة والمتمثلة بدور الجيش قبل 9-4- 2003 اذ لاقى الشعب العراقي منه ما لاقى على الرغم من ان جيشنا الحالي يختلف عن الجيش السابق والنظام الدستوري الحالي يختلف عما كان سابقا كما اننا يمكن ان نضع مع الاسباب الداخلية رغبة البعض في جعل انسحاب القوة المتعددة الجنسيات معلقا على تجهيز الجيش العراقي الامر الذي يترتب عليه اطالة فترة بقاء القوات الاجنبية في بلدنا، اما الاسباب الخارجية فهي تجربة الحرب الايرانية العراقية وغزو الكويت وهذه الجهات مازالت اسيرة الماضي ورهينة التاريخ بحيث ترى اكتمال تجهيز الجيش العراقي بريبة وخوف، والواقع يبدد هذا الخوف ويزيل هذا الفزع ذلك ان دولة العراق الجديدة دولة التزمت باحكام المادة (8) من الدستور اذ يلتزم العراق بمبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية ويحترم التزاماته الدولية، وهذا ما اوجبه الدستور العراقي على الحكومة العراقية ومن الالتزامات الدولية الالتزام بميثاق الامم المتحدة الذي منع مجرد تهديد السلم والامن الدوليين وليس الحرب فقط كما ان النظام الدولي الجديد ومنذ 1990 وتعاظم دور مجلس الامن في كبح جماح اية دولة تفكر في التهيئة للحرب او الاعتداء على الدول المجاورة مسألة لابد ان تؤخذ بنظر الاعتبار وحسبنا في ذلك ان نذكر قرارات مجلس الامن التي صدرت بحق نظام صدام التي مازلنا نعاني منها حتى الان، ومسألة تسليح الاجهزة الامنية مسألة مهمة وطنيا، اذ لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على القوات الاجنبية الى ما لا نهاية او لفترة طويلة، فالزمن الذي مضى زمن ليس بالقليل، اذ استمر لسنوات ولا يمكن اللجوء الى الغير في تقديم الدعم الجوي والامور اللوجستية التي يحتاجها الجيش بسبب عدم حصول الجيش العراقي على المعدات اللازمة لاداء هذه المهمات، واذا كان لحلف الاطلسي مكتب متواضع في العراق لاغراض تدريب بعض العسكريين العراقيين، اذ ان مثل هذا المكتب لا يشفي علة ولا يكفي غلة نحو ما يقال والدولة الحديثة كالعراق لابد ان تنوع مصادر السلاح اذ طالما ان الدولة تدفع الدولارات مقابل الاسلحة المشتراة فعلينا ان نبحث عن الاسلحة الجيدة رخيصة الثمن وان لا نعتمد على دولة واحدة او دولتين في تجهيز الاسلحة لاسيما ان المادة (8) من الدستور قررت قيام علاقات العراق الدولية على اساس المصالح المشتركة ومن هذه المصالح المصلحة العراقية الاوروبية في مجال بيع الاسلحة لاسيما ان دول الاتحاد الاوروبي دول لها موقع متميز في المجتمع الدولي خاصة وان شراء الاسلحة لابد ان ينسحب على النشاطات الاستثمارية للدول الاوروبية في العراق ونحن في حاجة ماسة على الاقل في الوقت الحاضر لهذه الاستثمارات لتحريك النشاط الاقتصادي وتشغيل العديد من الايدي العاملة من العراقيين يؤكد ذلك ان الاجور التي تتولى الشركات الاجنبية دفعها للعمالة العراقي هي الادنى في السوق، فالانفتاح على الجانب الاوروبي الذي بدأه رئيس الوزراء بزيارته قبل ايام وزيارته بعد ايام لعدد من هذه الدول مسألة مطلوبة، ونقول لاهلنا ان خشيتكم من تكرار تجربة صــدام مقبولة ولكن ذهــب ذلك النظام ولا عودة له ولجنونه العسكري اذ لا توسع في التسليح وانما الحد الادنى الذي يحقق المطالب الوطنية.

والدستور في مادته التاسعة حرم العمل السياسي على العسكريين ونص صراحة على ان القوات المسلحة والاجهزة الامنية تتولى مهمة الدفاع عن العراق ولا تكون اداة لقمع الشعب العراقي وان تسليح الجيش بالحدود المقبولة والمعقولة مسألة يقتضيها الواقع العراقي والسيادة العراقية، فالامر محكوم بقاعدة لها افراط ولا تفريط، اذ لا يمكن ان نفكر بجيش جرار نحو ما كان قبل 9- 4- 2003 ولا نرضى بجيش متواضع العدة وفي جميع الاحوال فان المادة (61 - تاسعا) من الدستور تشددت جدا في اعلان حالة الحرب عندما جعلت ذلك من اختصاص مجلس النواب وباغلبية الثلثين وهي اغلبية كبيرة جدا وكأن الدستور يقول لا حرب للعراق مع دولة اخرى، مع ملاحظة ان مسألة تسليح القوات المسلحة من اختصاص الحكومة الاتحادية والقائد العام للقوات المسلحة استنادا لاحكام المادة (110- ثانيا) من الدستور والمادة (78) منه.

* رئيس جمعية الثقافة القانونية العراقية

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:alsabaah.com