نقل ثروات بحر قزوين من النفط والغاز يؤجج المنافسة بين أوروبا وروسيا
وأميركا
أحداث القوقاز
شجعت البحث عن طريق للأنابيب خارج الأراضي الروسية ... نقل ثروات بحر
قزوين من النفط والغاز يؤجج المنافسة بين أوروبا وروسيا وأميركا
بعثت أصوات المدافع في القوقاز حرباً اقتصادية مستعرة، من تحت
الرماد، بدأت منذ انهيار الاتحاد السوفياتي بداية تسعينات القرن
الماضي. إذ طرح الوضع حول جورجيا، سؤالاً كبيراً في شأن مشاريع نقل
ثروات بحر قزوين الضخمة من النفط والغاز، إلى أوروبا من دون المرور عبر
روسيا، ومصير التنافس المحتدم بين روسيا من جهة وأوروبا والولايات
المتحدة من جهة ثانية.
تملك آذربيجان
وتركمانستان وكازاخستان موارد هائلة من الطاقة، ويقدر حجم احتياط النفط
المؤكد بـ 40 بليون برميل، والمحتمل بـ 300
بليون. ويبلغ حجم الغاز المؤكد 17 تريليون متر مكعب، وقد يصل إلى 40
ترليوناً لكن الجغرافيا جعلت خيارات هذه
الدول محدودة في خصوص تسويق مواردها إلى المستهلكين الأوروبيين، وكانت
تعتمد على الشبكة السوفياتية لتوريد النفط والغاز إلى أوروبا، عبر خطوط
أنابيب آسيا الوسطى ومنها إلى البحر الأسود أو أوكرانيا
لكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال دول آسيا الوسطى،
بدأ كل منها يبحث عن طرق بديلة خشية استمرار تبعيتها إلى الكرملين،
وشجعت الولايات المتحدة وأوروبا هذه النزعة، خصوصاً بعد مشاكل
الإمدادات مع أوكرانيا واتهامات الغرب روسيا باستخدام ورقة الطاقة
للضغط على جيرانها وأوروبا على السواء.
من الناحية
النظرية تبدو خطوط النقل السوفياتية مناسبة جداً لأوروبا في حال طوّرت
قدرتها التمريرية، أو حتى أنشئت أنابيب موازية لها من أجل تغطية الطلب
المتزايد على الطاقة في أوروبا. لكن بروكسيل تبدي مخاوف تتعلق بعدم
رغبة موسكو في تبني ميثاق الطاقة الأوروبي، الداعي إلى فتح شبكات
الترانزيت أمام دول ثالثة، ما دفعها إلى التفكير جدياً بمد خطوط لا تمر
في الأراضي الروسية، كما أن هذه المشاريع يمكن أن تدخل الشركات
الأوروبية للعمل في آسيا الوسطى في مجال التنقيب والبحث والاستخراج
والنقل ولعل أهم المشاريع الأوروبية هو خط «نابوكو»،
مع مشروعين رديفين هما الأنبوب العابر لقاع بحر قزوين، وينقل الغاز من
تركمنستان وكازاخستان، وخط جنوب القوقاز الجنوبي أو (باكو - تبليسي -
ارزوم) ودأب الأوروبيون في السنوات الأخيرة،
على إقناع عشق آباد بالمشاركة في الخط العابر لقاع بحر قزوين، لأنه لا
يمكن توفير الطاقة اللازمة للمشروع من دون تركمانستان
لكن خبراء يشككون في إمكان تحقيق المشروع في المستقبل القريب،
بسبب المشاكل بين تركمانستان وآذربيجان حول الحدود في جرف قزوين
واتهامات بتعديات آذرية على مناطق تابعة لتركمانستان. ويشيرون إلى أن
الأمل في إطلاق المشروع رهن أيضاً باتفاق الدول المشاطئة لقزوين، على
تحديد وضعية البحر واقتسام ثرواته.
ويستبعدون أن
توافق كل من روسيا وإيران على مد خط أنابيب يضر بمصالحهما، ويرجحون أن
تكتفي عشق آباد باستخدام المشروع كورقة ضغط على روسيا من أجل تحسين
العقود الموقعة سابقاً، ورفع أسعار الغاز، وهو ما أكدته الوقائع إذ
تراجعت عشق آباد عن اتفاقاتها السابقة مع «غازبروم» والموقعة في 2003،
ورفعت أسعار الغاز من 46 دولاراً لكل ألف متر مكعب إلى 100 دولار ومن
ثم إلى150 دولاراً، واتفقت أخيراً مع الشركة الروسية على بيع الغاز
بالأسعار الأوروبية ويشير خبراء إلى أن خط «نابوكو»
مهدد، وربما لن يشق طريقه على رغم الإرادة السياسية لدول أوروبا
والولايات المتحدة.
فعدم انضمام
تركمانستان (عماد أي مشروع لنقل الغاز من آسيا الوسطى) وعدم وجود تقدير
كاف لاحتياطات حقل شاه دينيز الآذري، وعملياً اقتصار الغاز في
كازاخستان على ما تنتجه من الغاز المرافق للنفط، يضرب في أساس المشروع
ويلفت الخبراء إلى ضخامة «نابوكو» لكنهــم يؤكدون أن مشاكله
أكثر. فالخط الذي يبلــغ طوله 3300 كيلومتر وسينقل 31 بليون متــر
مكعـــب من الغاز في روسيا، لا يزال حتى الآن في مرحلة إعلان مبادئ،
وليس مشروعاً جاهزاً. إضافةً إلى أن المستثمرين الأوروبيين غير متحمسين
لضــخ أكثر من 6 بلايين يورو في منطقة متوتــرة سياسياً وعسكرياً،
خصوصاً أن مشاركة تركمانستان ليست مؤكدة، وهي الحلقة الأهم في المشروع،
إضافة إلى اعتراض الولايات المتحدة على مشاركة إيــران فــي تزويد
المشروع طاقته اللازمة وعلى رغم أن خط
القوقاز الجنوبي «باكو - تبليسي - إرزوم»، طوله 690 كيلومتراً، شكل
استثناءً، فباشر في ضخ 8 بلايين متر مكعب منذ 2007، إلا أن مخططات
زيادة طاقته لا تبدو واقعية، لأن طاقة حقل شاه دينيز الآذري محدودة،
وأن توسيعه رهن لإطلاق مشروع «نابوكو» ومشاركة تركمانستان وكازاخستان
ولا يمكن إسقاط الحسابات الجديدة نتيجة حرب القوقاز، والحالة
الأمنية في جورجيا التي أجبرت الشركة المشغّلة على وقف الضخ في ثالث
أيام الحرب وإذا كانت تركمانستان تلعب دوراً
محورياً في مشاريع نقل الغاز من آسيا الوسطى، فإن مصير أنابيب النفط
يتوقف على دولتين هما آذربيجان وكازاخستان، وهما بدأتا في العمل مبكراً
مع الشركات الغربية، ما يعلل النجاح لمشروعاتٍ بدأت فعلياً العمل،
وشكلت منافساً حقيقياً لخطوط النقل السوفياتية القديمة المتجهة من آسيا
الوسطى إلى نوفوسيبيرسك على البحر الأسود
فآذربيجان كانت من أوائل دول آسيا الوسطى التي سمحت لشركتي «شيفرون» و
«بي بي» بالعمل في حقول نفطها.
ما عجل في إنشاء
خط باكو - تبليسي - جيهان، الذي يضخ أكثر من مليون متر مكعب، منذ 2005،
وساهمت كازاخستان في توفير الكميات اللازمة للمشروع، ووصلت طاقة
الأنبوب حالياً إلى نحو مليون برميل يومياً أي نحو 1.4 في المئة من
الإنتاج العالمي. ويشير خبراء إلى أن زيادة طاقة الأنابيب رهن لإرادة
كازاخستان وخياراتها، إضافة إلى بدء العمل في حقل كاشاغان الواقع في
الجزء الكازاخي من بحر قزوين، فالدراسات الأولية تشير إلى تأخر الإنتاج
حتى عام 2014 لكن نقل النفط من آسيا الوسطى،
تعرض لضربتين قويتين في الآونة الأخيرة، الأولى عندما تعرض القسم
التركي من خط «باكو - تبليسي -جيهان» إلى هجوم قبل أيام من الأزمة
الروسية - الجورجية، ما دفع «بريتيش بتروليوم» إلى الإعلان عن وقف
الإمداد وقطع الصمامات عن الأجزاء المتضررة. والثاني إيقاف العمل في خط
«باكو سوبسا» بعد بدء النزاع الروسي - الجورجي وازدياد الأخطار في شأن
سلامة الإمدادات.
وكل ذلك
بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.
المصدر:darallhayat.com
|