مدرسة
الإمام الشهيد السيد حسن الشيرازي رضوان الله تعالى عليه في المشروع
الإسلامي
المفكر الإسلامي الشهيد
آية الله الإمام السيد حسن الشيرازي (طيب الله ثراه) أحد أؤلئك القلائل
الذين أفنوا عمرهم وبذلوا الغالي والنفيس، وضحوا بأنفسهم في سبيل إعلاء
كلمة الله، وترسيخ المعتقدات الإسلامية السامية، واستدعاء النصوص
والأحكام والنظريات والأفكار إلى ميادين العمل، وبالتالي إضفاء
المصداقية بالفعل والقول على أن الإسلام هو الحياة بكل ما يكتنزه هذا
البعد من شمولية وحركية، وتأسيس مفاهيمي نحو الانفتاح على الواقع بكل
تحدياته والمشروع الإسلامي الذي عانى من تكالب عدواني وهجمات لاهوادة
فيها، مثلما عانى من تقاعس البعض وتثاقلهم، أو تكلّس بعض مفاصل
المشروع، وتلكؤ في ميادين التطبيق هذا الواقع أوجد حالة من التطلع إلى
(عملية إنقاذ) لن تتأتى سوى بتصدي العلماء الأعلام والمفكرون الغيارى
ذوي العزائم الصلدة.
وقد أحرز السيد الشهيد
قصب السبق في تكريس نموذج العالم العامل، المنفتح على روح العصر،
والمتفهم لمجمل التغيرات السياسية والاجتماعية التي أحدثتها هزات القرن
العشرين، كما ضرب مثالاً رائعاً في قدرة رجل الدين على ارتياد أصعب
المهام والمسؤوليات في إطار حركية المفاهيم، ونهضوية المشروع الإسلامي
المعاصر، المولود من رحم النظرية الإسلامية وفي أحلك الظروف التي كانت
تواجه الأمة الإسلامية جراء التهميش الدولي والهجمات الأيديولوجية
واشتداد المؤامرات الداخلية والخارجية التي كانت تستهدف إقصاء الإسلام
من مسرح حياة الأمة والشعب، ولدت ملامح المشروع الإسلامي المعاصر، الذي
حمل رجالات الفكر والعلم والجهاد على عاتقهم مسؤولية النهوض به،
وتكريسه واقعاً عملياً له حيزهُ الطبيعي في رسم تطلعات العصر، وصياغة
المناهج التي تواكب روح التطورات والمستجدات الحاصلة في طبيعة وتركيبة
الكيان الإنساني والمجتمع الإسلامي بما يمثله من كتلة بشرية عملاقة
وضمن أجواء هذا الخضم شخّص السيد الشهيد بنظرته الثاقبة والمتقدمة،
ضرورة أن يتم تجسير الفجوة بين الموروث العقائدي والمفاهيمي والفكري مع
العصرنة - التحديث، وضمن صياغة المشروع الإسلامي المعاصر بمقاصده
ونظريته واندفاعته، وان يأخذ هذا المشروع دوره الذي اختطف منه بفعل
عوامل التقهقر في الحالة الإسلامية التي خلفتها الهجمة الشرسة، والتي
عانى منها لاحقاً المشروع الإسلامي، كما أعاقت اندفاعته تصحر عناصر
التنمية الثقافية والبشرية والاقتصادية في القرن العشرين وعليه لم يؤمن
الشهيد السيد حسن الشيرازي بشخصية البُعد الواحد لرجل الدين، بل كرّس
عملياً ضرورة صقل الشخصية ورفدها بكل موجبات الشخصية الرسالية التي
تتعاطى مع محيطها بعناوين شتى تستدعي بناءً ذاتياً غاية في السعة
والإطلاع، ومجابهة التطورات وتفكيك طلاسم الواقع، ورفد المسيرة
الإسلامية، والتفاعل البناء مع ممكنات التحدي والريادة والتصدي للمشروع
الإسلامي المعاصر وتميز السيد الشهيد بصفات لازمته حتى استشهاده، وكانت
نابعة من قوة إيمانه وإخلاصه وشفافيته، وثقافته الواسعة وريادته،
وتبنيه لقضايا الإنسان في هذا المعترك الحضاري، كما تمتع (قدس سره)
بصفات وميزات قلما تُجمع في غيره، ولا غرو أن يأتي هذا التميز، متوهجاً
لحاجة الأمة إلى رجل الدين الذي يعيش عصره بكل اختلاجاته وإرهاصاته
وتحدياته.
وكانت
أبرز ملامح أو سمات منهج الشهيد الشيرازي إزاء المشروع الإسلامي
المعاصر:
1- إيمانه الراسخ بأن
الإسلام دين الحياة.
2- ضرورة استيعاب جوهر
الأيديولوجيات في الضفة الأخرى لساحة المعترك الفكري والحضاري.
3- السعي الدؤوب لزج جميع
الطاقات البشرية في المشروع الإسلامي دون استثناء أي شريحة أو فئة.
4- إشاعة أدب الحوار،
وتنشيطه في ميادين العمل والاحتكاك بالفعاليات المختلفة.
5- إرساء مفهوم التعددية،
والتعايش على مبدأ الاعتراف بالكل دون إقصاء أحد أو إلغاءه.
6- نبذ المشاحنات
والنزاعات الجانبية.
7 - التأكيد على تلازم
القضايا الإسلامية ضمن المشروع العام ومواكبة التفاصيل بروح القضية
الواحدة، وفي هذا المضمار استشرف الشهيد حسن الشيرازي ببصيرة العالم
العامل، الكثير من القضايا الملحة والإشكاليات التي كانت تشكل جزءاً من
التحديات التي تواجه الحالة الإسلامية، والأمثلة أكثر من أن تحصى، لكن
الأبرز هو تبنيه لقضية المحرومين في لبنان، والملف الفلسطيني، ومحنة
الشعب العراقي في صراعه مع سلطة الانحراف، وهموم مسلمي إفريقيا و....
|