بسبب
ملفها النووي.. إيران تثير حرباً دبلوماسية صامته مع واشنطن وتل أبيب
إن التوقعات الخاصة بأن
تصبح إيران دولة نووية لا تعمل فقط على إثارة القلق في الولايات
المتحدة وإسرائيل، بل إن حالة القلق تلك تشمل أوروبا، والشرق الأوسط،
وأجزاء كثيرة من العالم. ولم يحاول هذا التقرير تحليل إمكانية شن هجوم
عسكري على إيران، بل إنه يقدم الحجج على أن عواقب أي هجوم من هذا
القبيل يمكن أن تكون معاكسة تماماً للأهداف التي يتم من أجلها شنه، كما
أن مثل هذا الهجوم العسكري يعتبر أمراً في غاية الخطورة. وعلى ذلك،
فإنه لا بد من انتهاج أسلوب الحلول الدبلوماسية في سبيل حل القضية
القائمة مع إيران.
تصر القيادة الإيرانية
بشدة على أن الهدف من البرنامج النووي الإيراني هو تمكين البلاد من
الحصول على الطاقة الكهربائية المولدة بالطاقة النووية. ومع ذلك، فإن
هنالك قناعات لدى عدد من دول العالم بأن إيران مصممة على أن تصبح دولة
نووية، وبالتالي، فإنه يجب ألا يسمح لها بتطوير مواد تساعدها على إنتاج
الأسلحة النووية. والمشكلة الكبرى القائمة في هذا الأمر هي أن البرنامج
النووي الموسع الهادف إلى إنتاج كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية من
خلال المفاعلات النووية، يتضمن خطوات من شأنها المساعدة على التمكن من
إنتاج القنابل النووية والحقيقة هي أن إيران
استطاعت الحصول على كثير من الدعم والتأييد المحلي، وعلى بعض الدعم
الدولي لرفضها التوقف عن تخصيب اليورانيوم. وكان من بين الداعمين بعض
الدول العربية، وكذلك منظمة عدم الانحياز. غير أن تاريخ إيران الخاص
بتضليلها لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أدى إلى انعدام الثقة
من جانب المجتمع الدولي بالنوايا الإيرانية، وهو الأمر الذي جعله يؤيد
فرض عقوبات على إيران.
وجرى اتباع عدد من
الاستراتيجيات الدبلوماسية منذ القلق الذي كان يشعر به المجتمع الدولي
إزاء نوايا إيران النووية في عام 2002. وعلى الرغم من أن تلك الجهود
شهدت عدداً من النكسات، إلا أنه كان بالإمكان تحقيق جوانب متعددة من
التقدم. ومن مظاهر ذلك التقدم أن شاركت في المحادثات أطراف مثل الصين،
وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، على
الرغم من أن المحادثات مع الولايات المتحدة كانت تتم بصورة غير مباشرة.
غير أن كثيرين في الأوساط الأمريكية والإسرائيلية مازالوا عند شكهم
فيما يتعلق بقدرة الجهود الدبلوماسية على تحقيق تقدم ملموس في حل
النزاع القائم مع إيران حول برنامجها النووي. وبالتالي، فإن خيار
استخدام الحل العسكري لا يبقى فقط حياً على طاولة البحث، وإنما ما زال
يمثل احتمالاً فعلياً وعلى الرغم من أن معظم
التركيز في النقاش الدائر حول البرنامج النووي الإيراني كان ينصب على
قضية تخصيب اليورانيوم، إلا أنه بإمكان إيران إنتاج أسلحة نووية من
خلال إعادة معالجة البلوتونيوم ولا بد من
قطع هذين الطريقين إذا أراد العالم أن يحول دون امتلاك إيران للقدرات
التقنية التي تمكنها من تصنيع الأسلحة النووية. وكان من المقرر أن يبدأ
تشغيل مفاعل بوشهر النووي الإيراني في أيلول (سبتمبر) من عام 2007، على
أن يتم استيراد مواد التشغيل اللازمة له من روسيا. وإذا ما تعرض موقع
بوشهر لعمل عسكري، فإن حجم الإشعاعات النووية سوف يكون هائلاً. وإذا
دخل هذا الموقع ضمن الأهداف المحددة للقصف، فإن من شأن ذلك التعجيل
بموعد توجيه الضربة العسكرية وهنالك عدد من
العواقب المتوقعة إذا قامت الولايات المتحدة وإسرائيل بشن هجوم عسكري
على إيران، وذلك على النحو التالي:
-
زيادة قوة الطموحات النووية لدى إيران.
-
زيادة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، والمنطقة المحيطة،
وبالذات على صعيد كل من العراق، وأفغانستان.
-
زيادة اشتعال وحدّة "الحرب على الإرهاب".
-
تفاقم عدم أمن إمدادات الطاقة، وزيادة الصعوبات التي يواجهها
الاقتصاد العالمي.
-
تدمير الاقتصادات المتقدمة والنامية.
تدهور بيئي شديد.
-
إصابات بين المدنيين.
إن من شأن توجيه ضربة
عسكرية إلى إيران تعميق اعتقاد القيادة الإيرانية بضرورة امتلاك
الأسلحة النووية. كما أن من المتوقع إذا حدث ذلك أن تنسحب إيران من
معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وسوف تزداد خطورة تمكن إيران من
الحصول على أسلحة نووية، مما يمكن أن تنتج عنه موجة من الانتشار النووي
في هذه المنطقة من العالم وعلى صعيد آخر،
فإن استقرار المنطقة سوف يتعرض لمزيد من الهزات العنيفة، حيث تزداد
احتمالات الرد الانتقامي العنيف من قبل مناصري إيران في المنطقة، مثل
حركة حماس في كل من الضفة الغربية، وقطاع غزة
ومن المحتمل كذلك أن يزداد تعرض قوات المملكة المتحدة العاملة
في كل من العراق، وأفغانستان، لمزيد من الهجمات، حيث ينتظر وقوع إصابات
شديدة بين صفوف تلك القوات ومن زاوية ثالثة
يحتمل أن تنظر بعض الجهات إلى أي ضربة عسكرية أمريكية موجهة ضد إيران،
على أنها عدوان سافر على العالم الإسلامي، مما يزيد من المشاعر
المعادية للغرب، ويحرك الكثير من الأمور الخطيرة داخل المنطقة، وفي
الخارج على حد سواء ومن المتوقع كذلك أن
تسفر أي ضربة عسكرية أمريكية لإيران عن حدوث حالة من الفوضى العامة
فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، ولاسيما أن إيران تعتبر ثاني أكبر دولة في
العالم من حيث الاحتياطي الهيدروكربوني، كما أنها رابع دولة في العالم
من حيث حجم الإنتاج النفطي. ويمكن أن يشعل تعطيل إنتاج الطاقة في إيران
موجات مختلفة من الاضطراب والفوضى في الأسواق العالمية. ومن الممكن
كذلك أن تؤدي محاولات إيران ضرب مضيق هرمز، إلى رفع أسعار النفط إلى
مستويات عالية جديدة.
أما على صعيد الدمار
الاقتصادي، فإن الاتحاد الأوروبي بصفة خاصة، يعتمد بصورة شديدة على
النفط الإيراني، وبالتالي فإنه سوف يكون هو الأشد تضرراً بين مناطق
العالم، إذ من المتوقع دخوله في حالة من الركود الاقتصادي. وإن من شأن
الضغوط التضخمية إنهاء ثقة المستهلكين بكل من الاقتصاد الأوروبي،
والأمريكي. وأما على صعيد الدول النامية، فإن المزيد من ارتفاع أسعار
النفط سوف يؤدي إلى تراجع كبير في الناتج المحلي الإجمالي، ويزيد كذلك
مساحات الفقر، ويدمر نتائج الإعفاء من الديون
أما على صعيد البيئة، فإن توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت
النووية الإيرانية يمكن أن يؤدي إلى انتشار كثير من المواد المشعة.
ويمكن كذلك لمثل هذه الضربات أن تؤدي إلى اشتعال عدد من الآبار
النفطية، مما يزيد من مشاكل الأضرار البيئية.
وأما فيما يتعلق
بالمدنيين في إيران، فإن هنالك مخاطر حقيقية على أعداد كبيرة من
المواطنين الإيرانيين إذا ما تم توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية
الإيرانية. والحقيقة هي أن ما يقال عن أن الأهداف سوف يتم تحديدها
بدقة، وأن الضربة العسكرية سوف تكون بمثابة عملية جراحية دقيقة، فلا
أساس له من الصحة ويحب ألا ننسى في هذا
المجال أن المنشآت النووية الإيرانية موجودة بالقرب من أماكن ذات كثافة
سكانية عالية. وسوف يتعرض القريبون من تلك المواقع النووية إلى أخطار
إصابات مباشرة. ومن الأمور التي يحتمل أن تزيد عدد الإصابات بين
المدنيين في إيران، ما يقال عن احتمال توجيه الأمريكيين ضربات عسكرية
مركزة للأهداف العسكرية الإيرانية غير النووية، وذلك تحسباً لأي رد فعل
عسكري انتقامي من الجانب الإيراني على أي هجوم عسكري تشنه الولايات
المتحدة الأمريكية وليس من المتوقع أن تكون
العملية العسكرية الأمريكية ضد إيران قصيرة، وإنما يمكن أن تطول، وتمتد
آثارها المدمرة، لكي تصيب المنطقة، ومناطق أخرى في العالم
وإذا كان من المعروف عن الإيرانيين أنهم متشددون للغاية في أي
محادثات تتم معهم، فإن ذلك لا يعني على الإطلاق أنه تم سد كل القنوات
الدبلوماسية لمجرد أنه لا توجد محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة
وإيران. ولا تزال العقبة الكبرى في سبيل إجراء تلك المحادثات المباشرة
بين طرفي هذا النزاع، هي الإصرار من جانب الدوائر الأمريكية على أن تلك
المحادثات لا يمكن أن تبدأ إلا إذا وافقت إيران على إيقاف نشاطاتها
فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم. وإذا كان هنالك سعي جدي في سبيل التوصل
إلى حل لا يشمل الأزمة النووية، فقط وإنما يمتد لكي يضم عدداً آخر من
المشاكل الإقليمية التي لطهران علاقة بها، فإنه لا بد من التركيز على
توسيع بنود الصفقة التي تم عرضها على إيران في شهر حزيران(يونيو) من
عام 2006، وبالذات فيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي تسبب الكثير من
القلق لدى القيادة في طهران. ويجب عدم رفض فكرة "الصفقة الكبرى"، حيث
لا يزال هنالك عدد من الخيارات الدبلوماسية القائمة إذا كان هنالك حل
يضمن المحافظة على ماء الوجه، ويعمل بالتالي على جمع المتخاصمين على
مائدة الحوار.
ولا بد من توصل الحكومات
إلى قناعة تامة بأن الحلول الدبلوماسية انتهت، حتى يتم التفكير بمبرر
لشن ضربة عسكرية، إلا أن الوقائع على الأرض تفيد بأن الحلول
الدبلوماسية مازالت موجودة. ولدى المملكة المتحدة فرصة لعدم الدفع
باتجاه ضربة عسكرية موجهة إلى إيران، لأن المصالح الحيوية للمملكة
المتحدة في هذه المنطقة من العالم سوف تتعرض للأذى الشديد. كما أن عدم
تأييد لندن لضربة عسكرية أمريكية ضد إيران من شأنه أن يقوي موقف
الإصلاحيين في طهران، ويعمل على تحسين علاقات المملكة المتحدة معهم.
ويمهد كل ذلك إلى زيادة احتمال قيام علاقات متوازنة مع إيران في
المستقبل ولا يجادل معدو هذا التقرير بخطورة
امتلاك إيران للأسلحة النووية، وأثر كل ذلك في المنطقة، وفي العالم
ككل. ولكنهم يبحثون بعمق في العواقب التي يمكن أن تنجم عن أي ضربة
عسكرية لإيران. ويمكن وصف النتائج المتوقعة لمثل تلك الضربة بأنها
مدمرة بصورة خطيرة. وتخشى الجهات التي أشرفت على إعداد هذا التقرير من
أن سرعة الإعداد لضربة عسكرية أمريكية ضد إيران يمكن أن تفوت فرصة
التحليل الهادئ لنتائج وعواقب مثل هذا النوع من الضربات العسكرية. ولا
يرى واضعو هذا التقرير أن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران سوف يعمل على وقف
الطموحات النووية الإيرانية ولن تقتصر
الآثار الخطيرة على تلك الملايين من أبناء الشعب الإيراني التي لا
تشاطر القيادة في طهران نظرتها إلى الوضع السياسي، والعلاقات مع بقية
العالم. ولكن الآثار المدمرة يمكن أن تصيب كذلك كل الجهود المتعلقة
بإقامة حالة من السلام والاستقرار على صعيد منطقة الشرق الأوسط ككل.
ويمكن لضربة عسكرية ضد إيران أن تقضي على الآمال المتعلقة بحل مشكلة
العراق، كما أن العالم كله سوف يتأثر سلبياً من خلال الأثر الهائل الذي
يحدثه الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة على اقتصادات دول العالمين
المتقدم، والنامي وإذا كانت هنالك عوائق
عديدة لا تزال قائمة في سبيل التفاهم مع إيران، فإن ذلك لا يمكن أن
يعتبر طريقاً مسدوداً تماماً في وجه الحلول الدبلوماسية الفعّالة. ولدى
المملكة المتحدة بالذات دور مهم للغاية يمكن أن تلعبه من أجل دعم فرص
نجاح الحلول الدبلوماسية للصراع القائم مع إيران. وإذ تم إدراك فعلي
وعميق للعواقب بالغة الخطورة لأي هجوم عسكري على إيران، فإن فرص التوجه
إلى الحلول الدبلوماسية يمكن أن تزداد بصورة ملحوظة.
وتسعى إيران من خلال
برنامجها النووي الموسع إلى أن تصبح دولة مستقلة حين يتعلق الأمر
بإنتاج ما تحتاج إليه من وقود نووي. ومن حق السلطات الإيرانية تطوير
برنامج نووي، طالما كان ذلك التطوير متفقاً مع شروط معاهدة عدم انتشار
الأسلحة النووية، كما أنه يتم تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة
الذرية. غير أن هنالك مساحة واسعة من الشك لدى المجتمع الدولي، بأن
القيادة الحاكمة في طهران تعمل من خلال البرنامج النووي السلبي، على
تغطية نواياها المتعلقة بإمكانية تصنيع أسلحة نووية، حيث إن الدول ذات
الأسلحة النووية طورت إنتاجها في ظل تطوير البرامج النووية الخاصة
بالأغراض السلمية. وترى أوساط كثيرة، ولاسيما في الولايات المتحدة،
والاتحاد الأوروبي، أنه ينبغي عدم السماح لإيران بالتغطية على نواياها
العسكرية من خلال برنامج نووي تقول إنه للأغراض السلمية فقط
وإن من شأن كميات اليورانيوم المخصب التي تسعى إيران إلى
تصنيعها تمكينها من توفير الوقود اللازم لتصنيع الأسلحة النووية. ويبدو
الأمر من وجهة نظر تلك الأوساط أن اليورانيوم المخصب الذي تعمل إيران
على إنتاجه ليس بالوقود المناسب لمنشآت توليد الطاقة الكهربائية فيها،
مما يزيد من الشكوك بأن إيران تنوي بالفعل استخدام تلك الكميات من
اليورانيوم المخصب لإنتاج أسلحة نووية وسبق
للمجلس القومي للمقاومة أن كشف عن نشاطات نووية في موقع ناتانز النووي
الإيراني، كما أفاد مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود نشاطات
نووية سرية أخرى في إيران. ومما زاد في درجة الشك كذلك تلك النشاطات
الإيرانية المتعلقة باستيراد اليورانيوم، وكذلك إعادة معالجة
البلوتونيوم. ويمكن لإيران أن تلجأ إلى تكنولوجيا إعادة معالجة
البلوتونيوم الناتج عن المفاعلات النووية. وتقدر بعض الأوساط أنه سوف
يكون بإمكان إيران إنتاج أول سلاح نووي في الفترة من 2008- 2010، على
الرغم من مواجهة تطوير سلاح نووي مشاكل عديدة، وعوامل تأخير يحتمل أن
تعمل على تأخير ذلك وترى السلطات الحاكمة في
طهران أن الموضوع النووي يعمل على حفز وتشجيع المشاعر الوطنية الجياشة
في أوساط أبناء الشعب الإيراني. وتروج هذه السلطات إلى أن الخضوع
للمطالب الدولية بشأن التوقف عن تخصيب اليورانيوم، إنما يمثل خضوعاً
معيباً، وإذلالاً لمشاعر العزة للأمة الإيرانية. ولدى إيران طموحات
معلنة بشأن موقعها كقوة إقليمية ذات تأثير في هذه المنطقة من العالم.
وترى القيادة الإيرانية أن البرنامج النووي من شأنه أن يعزز هذا الموقع
الإقليمي، كما ترى فيه صورة مشرقة للتحديث والتقدم العلمي.
وترى بعض الأوساط
الإيرانية في الأسلحة النووية خياراً جذاباً لضمان أمن البلاد في
مواجهة أي تهديد خارجي محتمل. ويؤكد هؤلاء على وقوع إيران وسط منطقة
مليئة بالحروب، حيث شهدت خمسة حروب رئيسية خلال السنوات الخمس والعشرين
الماضية. ويرى هؤلاء أنه حين هاجم العراق إيران عام 1980، وعرّضها
لأكبر موجة من استخدام الأسلحة الكيماوية منذ الحرب العالمية الثانية،
فإن العالم الخارجي لم يحرك ساكناً.
وأدت تلك الحرب إلى سقوط
مئات الآلاف من القتلى في صفوف الإيرانيين، وظلت ندبة موجعة في التاريخ
الإيراني. وتقع إيران بين قوتين نوويتين في المنطقة هما إسرائيل،
وباكستان، كما أنها مهددة بالقوات الأمريكية المنتشرة في كل من العراق،
وأفغانستان، وتركيا، والكويت، وقطر، وكازاخستان. وترى إيران أن
الولايات المتحدة قوة معادية عملت مع المملكة المتحدة على القضاء على
حكم محمد مصدق الذي انتخب بصورة ديمقراطية في إيران عام 1953وبدأت
فرنسا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، منذ عام 2002، جهوداً مكثفة من أجل
حل دبلوماسي للأزمة القائمة مع إيران بخصوص طموحاتها النووية. وسبق
لوزير خارجية بريطانيا السابق، جاك سترو، أن وصف تلك الجهود
الدبلوماسية "بأنها بناءة، وبأنها تؤدي كذلك إلى انخراط حيوي في توجهات
حل المشكلة"وتحققت بعض النتائج الإيجابية خلال السنوات الأخيرة، ولكن
الأمر لم يخل من الكثير من العقبات والنكسات
وتظل واشنطن، بصفة خاصة، حريصة كل الحرص على تذكير العالم بأن جميع
الحلول مازالت قائمة على الطاولة. وترى بعض الأوساط المحيطة بالرئيس
الأمريكي جورج بوش أن القضاء على النظام الحاكم في طهران حالياً هو
الوسيلة الوحيدة المؤكدة لضمان عدم حصول هذا البلد على أسلحة نووية
ومع أن جماعات كثيرة داخل إيران ترى أن من المصلحة تغيير هذا
النظام الحاكم، إلا أنها تحذر من أن توجيه ضربة عسكرية أمريكية إلى
إيران، يمكن أن تكون له نتائج في غاية الخطورة
ولا يمكننا أن ننسى أهمية الدور الذي تلعبه إسرائيل في تأجيج
مشاعر المجتمع الدولي ضد إيران، وبالذات منذ انتخاب الرئيس الإيراني
المتشدد، محمود أحمدي نيجاد. ومما يعقد الموقف تلك الدعوة من جانب هذا
الرئيس لمحو إسرائيل من على خريطة العالم، وكذلك تأييده لكل من حماس في
فلسطين، وحزب الله في لبنان. ولدى إسرائيل، بالإضافة إلى قوتها
النووية، قوات عسكرية تقليدية تعتبر إلى جانب القوات الأمريكية، أشد
القوات العسكرية فاعلية في هذه المنطقة من العالم، سواء كان على صعيد
الصواريخ بعيدة المدى، أو الطائرات التي استخدمت في تدمير المفاعل
النووي العراقي عام 1981 ورغم كل ذلك، فإن
هنالك فرصة حقيقية للحل من خلال الوسائل الدبلوماسية عبر البناء على
المبادرة التي قدمت إلى إيران عام 2006 والتي تضمنت عدداً من العناصر
أبرزها.
-
رغبة الولايات المتحدة في الجلوس مع إيران مباشرة على مائدة
المفاوضات.
-
الموافقة على وجود منشأة التحويل في أصفهان.
-
إقامة منشأة دولية لتزويد إيران باليورانيوم مقامة على الأراضي
الروسية.
-
إنشاء بنك لمخزون الوقود النووي يستمر عمله لخمس سنوات، ويعمل
في صالح إيران.
-
التأكيد على حق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض
السلمية.
-
إقامة شراكة طاقة بين إيران، والاتحاد الأوروبي، وأي جهة أخرى
ترغب في ذلك.
-
إنشاء منتدى سياسي جديد لمناقشة القضايا السياسية يضم إيران،
وعدداً آخر من دول المنطقة، إضافة إلى الولايات المتحدة، وروسيا،
والصين.
-
تقديم حوافز استثمارية وتجارية لإيران.
ورفضت إيران بعد ذلك بعدة
أشهر التعهد بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم. وبذلك بدأت الجهود لفرض
سلسلة من العقوبات الأمريكية والدولية على إيران. وحدثت تطورات داخل
الولايات المتحدة عملت على التقليل من احتمالات توجيه ضربة عسكرية
أمريكية إلى إيران. وكان من أبرز تلك التطورات ذلك الفوز الذي حققه
الديمقراطيون في انتخابات منتصف الفترة، واستبدال وزير الدفاع الأمريكي
دونالد رامسفيلد بالوزير بوب جيتس، الذي يعتبر أكثر اعتدالاً منه.
وهنالك جهات أمريكية متزايدة تدعو في الوقت الراهن إلى الدخول في
محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.
وسبق لإيران أن وضعت عدة
شروط للدخول في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة منها:
- توقف الولايات المتحدة
عن الخطاب السياسي المتشدد ضد إيران، والامتناع عن التدخل في الشؤون
الإيرانية الداخلية.
- إنهاء العقوبات
الاقتصادية الأمريكية ضد إيران.
- العمل على إيجاد حكومة
ديمقراطية في العراق، واحترام المصالح الإيرانية المشروعة في العراق.
- السماح لإيران بالوصول
إلى القدرات التكنولوجية الكيماوية، والحيوية للأغراض السلمية.
- الاعتراف بالمصالح
الإقليمية المشروعة لإيران في هذه المنطقة من العالم.
ويمكن أن تتقدم الجهود
الدبلوماسية من خلال جهد خاص تقوم به المملكة المتحدة من أجل موافقة
الأطراف المعنية على:
- إزالة الشروط المسبقة
التي تعترض طريق المفاوضات.
- العمل على تشجيع عقد
مفاوضات مباشرة تجمع بين الولايات المتحدة وإيران.
- العمل على إبراز أولوية
المقترحات التي تعمل على حماية مصالح الأطراف المعنية في المنطقة.
- تطوير المقترحات
المقدمة إلى إيران من خلال المبادرة الخاصة التي طرحت عام 2006.
- العمل على معالجة
القضايا الخاصة بالأمن القومي لكل من الولايات المتحدة، وإسرائيل،
وإيران.
وكل ذلك بحسب المصدر
المذكور نصا ودون تعليق.
المصدر:almajalah
|